في اليومين الماضيين، خلال جولة وزيري الخارجية والدفاع الاميركيين كوندوليزا رايس وروبرت غيتس في المنطقة، اطلعت اطراف عربية رئيسة من الوزيرين على تفاصيل مبادرة الرئيس الاميركي جورج بوش لاجتماع "الخريف" المقبل في اميركا واوضحت لهما بدورها مواقفها القائمة على اساس عناصر المبادرة العربية للسلام المبنية بدورها على قرارات الشرعية الدولية. وفي غضون ذلك بقي الموقف الاسرائيلي اقرب الى رفض المبادرتين، الاميركية والعربية، منه الى قبول عناصرهما، وهو ما ينذر بإفشال"مؤتمر الخريف". في المواقف العربية التي جرى التعبير عنها للوزيرين الاميركيين قال الرئيس حسني مبارك لهما ان الطريق الى بغداد يمر عبر القدس. واضاف ان"القضية الفلسطينية جوهر الصراع في الشرق الاوسط وهي الطريق الى حل كل القضايا". ورحب وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل يوم الاربعاء ب"العناصر الايجابية"في مبادرة بوش قائلاً بعد اجتماعه مع رايس وغيتس:"نعتقد ان المبادرة تضمنت عدداً من العناصر المهمة والايجابية حول شمولية الحل وقيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة المتصلة الاطراف، وتفكيك المستوطنات وحل مشكلات اللاجئين والقدس"، معتبراً انها عناصر تلتقي في مضامينها مع المبادرة العربية للسلام الشامل. وكلام الامير سعود مبني بالتأكيد على توضيحات من رايس وغيتس لفكرة مؤتمر"الخريف"المقبل ومضامينها. وبدوره، شدد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني على اهمية وجود خطة عمل وجدول زمني واضح، وهذا امر في غاية الاهمية اذ انقضى اكثر من 40 عاماً على حرب حزيران يونيو 1967 وما زالت معنا عواقبها المتمثلة في احتلال الاراضي الفلسطينية والسورية وسلب الشعب الفلسطيني حقوقه الاساسية وفي الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وعلى الفلسطينيين اغتيالاً واعتقالات. الجانب الفلسطيني الذي يعاني منذ الرابع عشر من حزيران الماضي انقساماً خطيراً، جغرافياً وسياسياً، كان واضحاً في مطالبه التي اوجزها الرئيس محمود عباس بقوله في المؤتمر الصحافي مع رايس امس في رام الله ان من المهم للفلسطينيين ان يعرفوا ما هي النتيجة وما هي نهاية اللعبة في محادثاتهم مع اسرائيل، في اشارة واضحة الى رغبتهم في اقامة دولة مستقلة. لكنه اضاف انه في ما يتعلق بقضية مراحل التنفيذ فان هذا يمكن الاتفاق عليه في وقت لاحق، ملمحاً بذلك الى استعداد للمرونة في ما يتصل بالجدول الزمني لتنفيذ حل متفق عليه، وهو ما قد يعرض السلطة الفلسطينية لانتقادات مفادها انها تسهل للاسرائيليين المماطلة. واشترطت سورية على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم ان يكون مؤتمر الخريف واضح الاهداف وان يكون راعيه الاميركي نزيهاً. اما رايس فقد اعلنت بعد محادثاتها مع عباس في رام الله ان اسرائيل مستعدة لبحث"القضايا الاساسية"المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية وان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ابلغها انه"سيؤيد اجراء محادثات جديدة معكم وانه مستعد لبحث القضايا الاساسية التي ستقود قريبا الى مفاوضات بهدف اقامة دولة فلسطينية". ولم توضح رايس ما الذي تعنيه بكلمة "الاساسية"ورأت انها"معبرة بحد ذاتها". ولكن رايس تعرف طبعاً الفرق بين عبارة"قضايا الوضع النهائي"التي هي الحدود والقدس وحق اللاجئين في العودة والمستوطنات، وبين عبارة"القضايا الاساسية"التي يمكن ان تعني اي شيء. ومما يؤكد عدم صلاحية الموقف الاسرائيلي لإحراز تقدم على طريق انهاء الصراع قول مسؤول كبير في الحكومة الاسرائيلية لوكالة"رويترز"امس ان اسرائيل مستعدة لبدء مناقشة قضايا الحدود بصفة عامة مع عباس لكنه يرى ان مصير القدس وقضية اللاجئين الفلسطينيين مسألتان بالغتا الحساسية في الوقت الراهن. وكانت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني قالت بعد محادثاتها مع رايس اول من امس ان"ليس من الحكمة وضع القضايا الاكثر حساسية اولاً". وهكذا يبدو ان الاسرائيليين لا يريدون حسم القضايا النهائية في اي وقت قريب بما يحقق العدالة والسلام. ولذا فإن على العرب ان يحذروا وان يصروا على قبض الثمن من الاميركيين والاسرائيليين قبل تسليم البضاعة، اياً تكن تلك البضاعة، فقد اثبتت التجارب انهما طرفان غير جديرين بالثقة.