استمرت المواقف من الاستحقاق الرئاسي في لبنان على وتيرتها من التباعد والاختلاف في شأن النصاب المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية في الدورة الثانية من الاقتراع، وفي شأن اختيار الرئيس التوافقي، وسط تصاعد اتهامات المعارضة للأكثرية بأنها تسعى الى التقسيم، إذا لم تقبل بالشراكة في حكومة وحدة وطنية تمهد لتوافق على الرئيس العتيد، مقابل اتهام أوساط الأكثرية المعارضة باللجوء الى اجراءات ميدانية تقسيمية في ظل ما بحثه مجلس الوزراء للمرة الثانية اول من امس من معلومات عن حفريات يقوم بها"حزب الله"في بعض المناطق لتمديد كابلات للهاتف الثابت، مستقلة عن الشبكة الرسمية. وفيما يترقب الوسط السياسي التحركات الخارجية في شأن الاستحقاق الرئاسي ومنها الزيارات المرتقبة للموفد الفرنسي السفير جان كلود كوسران الى كل من واشنطن والرياض والقاهرة، على ان يدرس لاحقاً إمكان زيارة طهرانودمشق، لاحظت مصادر مطلعة في العاصمة السورية إشارات ايجابية في خطاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اول من امس امام المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا في العالم، وخصوصاً قوله ان"فرنسا صديقة لكل اللبنانيين"ودعوته الى انتخاب رئيس"في ظل الاستحقاقات المنصوص عنها وفقاً للدستور يكون قادراً على العمل مع الجميع". راجع ص 6 و7 وأوضحت المصادر المطلعة في سورية ان في خطاب ساركوزي"نقاطاً مشتركة"بين سياسة الرئيس الفرنسي وموقف سورية إزاء أزمتي لبنان والعراق، ما يساهم في تعزيز فرص فتح"حوار مثمر"بين دمشق وباريس. وتوقعت مصادر مطلعة في بيروت ان يكون هدف جولة كوسران، على عدد من العواصم تجميع كل الإرادات الخارجية في سبيل إجراء الاستحقاق اللبناني في موعده ووفق الدستور. وكرر البطريرك الماروني نصر الله صفير موقفه من النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس الجديد امس، فقال ان الانتخابات"يجب ان تتم حسب الدستور بالثلثين في الاجتماع الأول وبعد ذلك تتم بالنصف زائداً واحداً، لكن اذا ابتدأ بالنصف زائداً واحداً فهذا خطر لأن الفريق المقابل ربما يقول خالفتم الدستور ويحق لنا ان نخالفه ويكون هناك رئيسان وحكومتان ولبنانان". وانتقد من يتحدثون عن مقاطعة انتخابات الرئاسة. ودعا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في بيان امس حضره النواب الشيعة"الفريق الحاكم الى تحمل مسؤولياته بالتخلي عن الخيارات التي تؤدي الى التقسيم والفتنة في شكل مباشر أو غير مباشر كالدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائداً واحداً تجاوزاً للدستور". ويترقب الوسط السياسي الخطاب الذي سيلقيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد غد الجمعة حول الأزمة السياسية في ظل رصد اللقاء الذي سيجمعه قريباً مع السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان اذ انه سيطلب من الأخير أجوبة عن أسئلة طرحها بري عليه تتعلق بموقف واشنطن من خيار التوصل الى رئيس توافقي، ومن النصاب القانوني للجلسة الانتخابية، وإذا كانت مع انتخاب رئيس بالنصف +1 ومع تعديل المادة 49 من الدستور لإتاحة ترشح موظفين من الفئة الأولى للرئاسة. وكان فيلتمان عاد من واشنطن قبل يومين. وفيما يعقد المرشح للرئاسة النائب بطرس حرب مؤتمراً صحافياً غداً لإعلان برنامجه، تحدث المرشح للرئاسة وزير العدل شارل رزق عن استقلاليته وقدم رؤية لما ينتظر الرئيس المقبل من استحقاقات اهمها استكمال قيام المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تجهيز الجيش كمدخل لمعالجة سلاح المقاومة، وإخراج لبنان من حال التشرذم والتقسيم ومعالجة الوضع الاقتصادي المتردي. وعلى صعيد المعارك في مخيم نهر البارد بين مسلحي"فتح الإسلام"والجيش اللبناني، قصف الأخير امس مواقع هؤلاء بالقنابل الثقيلة من الجو، وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"ان موقف قيادة الجيش إزاء وساطات"رابطة علماء فلسطين"لإخراج الجرحى الموجودين من مقاتلي التنظيم يبلغ عددهم اكثر من 25 مسلحاً كان التأكيد على ان وضع هؤلاء يختلف عن وضع النساء والأطفال الذين وافق الجيش على إخلائهم وأطلقهم. وأوضحت المصادر ان قيادة الجيش أكدت للوسطاء ان على هؤلاء الجرحى ان يسلموا انفسهم للجيش لأنهم مقاتلون وهم ملاحقون اصلاً أسوة بضرورة تسليم المقاتلين الآخرين السالمين أنفسهم لأنهم مطلوبون للعدالة. واعتبرت هذه المصادر ان إخراج الجرحى لإراحة"فتح الإسلام"في المخيم كي تواصل قتالها ضد الجيش أمر ليس مقبولاً. من جهة ثانية، قالت مصادر واسعة الاطلاع في بيروت ل"الحياة"ان خبير خرائط من الأممالمتحدة سيزور قريباً إسرائيل لاستكمال عملية رسم الخرائط الجديدة لمزارع شبعا، بحيث يثبت على الأرض ما توصل إليه من نتائج أفضت الى اعتبار بعض مساحة هذه المزارع لبنانية، والباقي عائد للسيادة السورية.