"ضاعت فرصة الاشتراك في مهرجان روما، واخترت لوكارنو لأنه حضاري أكثر. احترم بقية المهرجانات: روما وفينيسيا وكان، لكنها أصبحت مثل السيرك وكما يحدث في برلين... إنه جنون"، هذا كان التصريح"المفاجئ"للممثل البريطاني السير أنتوني هوبكنز، لوسائل الاعلام في المؤتمر الصحافي المرافق لعرض فيلمه الجديد Slipstream ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو، والذي أخرجه، مثله، كتبه وألف موسيقاه. وكان قد عرض في بداية العام ضمن مهرجان ساندانس السينمائي الأميركي. فيلم هوبكنز الثالث كمخرج ? بعد"ديلن توماس: رحلة العودة"1990"اغسطس"1996 شهد تفاوتاً كبيراً في ردود أفعال النقاد والصحافيين. منهم من اعتبره تحفة سينمائية بحق، وآخرون اعتبروه عملاً رديئاً لا معنى له. أياً كانت ردود الافعال، وجود هوبكنز الذي يحتفل بعامه السبعين ضمن دورة هذا العام، أعطاه رونقاً ودعماً خاصين. مع عرض 338 فيلماً وبحضور 4889 سينمائياً من 60 دولة مقارنة ب 4221 سينمائياً في دورة العام الماضي، ومع وجود عربي يعد الأكثر تأثيراً في أي مهجان سينمائي مماثل. مهرجان لوكارنو هو واحد من أقدم مهرجانات السينما في العالم الى جانب كان وفينيسيا. بدأ عام 1946 وألغيت دوراته مرتين خلال 62 عاماً. واستطاع أن يحافظ على طابع خاص وسط أكثر من الف مهرجان تقام حالياً في العالم سنوياً، بخاصة مع فكرة سينما الهواء الطلق في وسط المدينة، التي تتسع لثمانية آلاف مشاهد. 4 ليال من الأيام الأحد عشر للمهرجان، شهدت أمطاراً غزيرة منعت عرض الأفلام في سينما الهواء الطلق. لكن المفارقة، أن فريق المهرجان كان يقدم الأفلام تحت المطر يومياً، لأن هناك جمهوراً قليلاً لم يغادر ولم يمانع في حضور الأفلام تحت المطر ممسكين بمظلات. الأفلام في الدورة كانت متنوعة لكنها ليست الأفضل بالتأكيد، بخاصة بالنسبة الى أفلام المسابقة الرسمية. وقد أصبح ذلك ملاحظة شبه دائمة في دورات المهرجان الكبرى الأخيرة، حيث بدا ان الحصول على فيلم روائي طويل جيد أصعب من أي وقت مضى. الفلسطينية علياء أرصغلي عضو لجنة تحكيم قسم فهود الغد، أكدت أن"جميع أعضاء لجان التحكيم في عشاء مشترك، أجمعوا على ضعف مستوى معظم أفلام المسابقات"، لكنهم لم يربطوا ذلك بالمهرجان، وإنما بصعوبة صنع أفلام مبهرة في السنوات الأخيرة. هذا لم يمنع من وجود أفلام متميزة وفق العروض النقدية التي كانت تنشر يومياً في صحف العالم، وأدت الى فوز الفيلم الياباني"البعث"بالفهد الذهبي، ويروي قصة حب بين والدة قاتل، ووالد الضحية. كان آخر فيلم ياباني حصل على الفهد الذهبي هو Life The Transient للمخرج أكيو جيسوجي، الذي حصل عليه عام 1970. جائزة لجنة تحكيم المسابقة الرسمية ذهبت الى فيلم كوريا الجنوبية"ذكريات"من اخراج بيدرو كوستا، هارون فاروكيس وإغين غرين. وأفضل مخرج من نصيب فيليب راموس عن فيلمه الفرنسي - السويسري"كابتن أشاب". الممثلة الفرنسية ايرين جاكوب رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، بررت منح جائزة التمثيل الذكورية مناصفة، بأن:"اللجنة أرادت دعم المواهب الشابة الى جانب الخبرات الكبيرة"، حيث فاز بها الممثل الفرنسي المعروف ميشيل بيكولي 82 سنة والممثل الايطالي ميشيل فينوتشي. المهرجان كان قد كرم بيكولي ومنحه فهداً فخرياً عن مسيرته السينمائية الحافلة كممثل، مخرج، مؤلف، منتج... وحرص بيكولي على حضور كل الاحتفاليات المرتبطة بشخصه. وصعد بخفة الى المسرح وحيا جمهور سينما الهواء الطلق في حفل الختام. وبعده صعدت الممثلة الاسبانية ماريان ألفارس للحصول على جائزة التمثيل النسائية. جدول بيكولي التكريمي بدا أوروبياً هذا العام، خصوصاً بعدما كان عضو لجنة تحكيم مهرجان كان الماضي. المخرج الايطالي فيتوريو ريفرانتي، هو من حصل على جائزة العمل الاول عن فيلمه"اقطع الفقرات الرمادية"، بعد أن صنع أفلاماً تسجيلية عدة. وتبلغ قيمة الجائزة المالية 30 ألف فرنك سويسري تقتسم مناصفة بين المخرج والمنتج. اللافت أنه لا بد من وجود أعمال متميزة جداً بين الافلام القصيرة التي تعرض في معظم المهرجانات المهمة. ربما بسبب عددها الكبير المنتج سنوياً، وإمكان الاختيار بينها، اضافة الى صعوبة صنع فيلم قصير مؤثر. وهذا ما أثبته تزايد اقبال الجمهور على مشاهدة الافلام القصيرة، كما أكدت شيكا بيرغونزي رئيس قسم فهود الغد. الفهد الذهبي حصل عليه الفيلم الروماني"أمواج". فيلم يبدو كوميديا لكنه لا ينتهي كذلك. أما الفهد الفضي فكان لفيلم أكثر تميزاً هو الألماني ? التركي"أنا هنا"، وبالنسبة الى الجمهور والمهرجان، فإن الجائزة الأهم كانت جائزة الجمهور والتي تعد مقياساً رئيساً لقدرة ادارة المهرجان على فهم ما يمتع الجمهور. يومياً توزع بطاقات وأقلام على جميع حضور سينما الهواء الطلق للتصويت على أفضل الافلام، من دون أن يتضمن ذلك فيلم الختام. جائزة هذا العام ذهبت الى الفيلم البريطاني ? الأميركي"موت في جنازة"للبريطاني فرانك أوز 63 سنة، الشهير في أداء كثير من الاصوات في أفلام ومسلسلات. أعماله السينمائية عادة لا تلاقي حفاوة كبيرة. لكنها لا تلاقي هجوماً في الوقت ذاته. فيلمه الجديد هو كوميديا سوداء تروي مفارقة لا بد من أن تعجب الجمهور. أثناء مراسم جنازة أحد الاثرياء يكتشف أولاده أنه كان على علاقة مثلية مع قزم. كيف يمنعون الفضيحة؟ أنتوني هوبكنز لم يحصل على جائزة رسمية، لكنه حصل على أخرى فرعية. هي الجائزة الأولى للجنة تحكيم الشباب وقيمتها 6 آلاف فرنك سويسري. وهي اللجنة التي منحت تنويهاً خاصاً للفيلم الياباني الفائز بالفهد الذهبي في المسابقة الرسمية، والذي حظي بتنويهات وجوائز فرعية أخرى، أهمها جائزة دانيال شميت، وهي جائزة جديدة أنشأها مهرجان لوكارنو تكريماً لذكرى المخرج السويسري الذي توفي في آب أغسطس2006 وقيمتها 20 ألف فرنك سويسري مقدمة من عائلته وأصدقائه. وأحد أعضاء لجنة هذه الجائزة هو فريدريك مير رئيس المهرجان ذاته. ادارة مهرجان لوكارنو، لم تتجاهل وفاة المخرج السويدي انغمار برغمان، والايطالي مايكل أنجلو انطونيوني قبل يومين من الافتتاح، فعدّلت من برنامج العروض منذ اليوم الأول، ليعرض للمخرج الأول فيلم"ساراباند"وهو آخر فيلم صنعه عام 2003، حيث عرض بعد فيلم الافتتاح الياباني مباشرة. وعرض للمخرج الثاني فيلم"نقطة زابريسكي"من انتاج 1970 وأيضاً في سينما الهواء الطلق في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً بعد عرض الفيلم الرئيسي.