سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محادثاته في بيروت لم تحقق تقدماً ... وغادر إلى القاهرة مرتاحاً إلى مرونة بري . كوشنير اصطدم بعقدة تلازم تشكيل الحكومة وإنتخابات الرئاسة والأكثرية طالبت بضمانات ... و"حزب الله" على موقفه
لم يتوصل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى اتفاق مع الأطراف اللبنانيين على آلية لحل الأزمة اللبنانية على قاعدة التلازم بين تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها الدستوري على أساس التوافق على رئيس الجمهورية الجديد. لكنه قرر الإبقاء على الجهود الفرنسية مفتوحة باتجاه جميع القوى المحلية المعنية بإيجاد مخرج، واعداً بالعودة إلى بيروت بين 15 و20 من الشهر المقبل. وأبدى ارتياحه إلى الانتصار الذي حققه في جمع مسؤولي الصف الأول في مؤتمر الحوار الوطني إلى مائدة السفير الفرنسي في بيروت برنار ايمييه باستثناء رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي ناب عنه نائب رئيس كتلة التنمية والتحرير النائب سمير عازار، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي تمثل بمستشاره محمد شطح، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي مثله المسؤول عن العلاقات الخارجية والدولية في الحزب نواف الموسوي. راجع ص 6 و7. وغادر كوشنير بيروت بعد ظهر أمس إلى القاهرة للقاء نظيريه المصري أحمد ابو الغيط والسعودي الأمير سعود الفيصل والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ليعرض عليهم حصيلة مهمته. وحاول ان يضفي طابعاً إيجابياً على مساعيه في بيروت التي استغرقت ثلاثة أيام، كما ظهر في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مطار بيروت حيث التقى وزير الخارجية الإسبانية ميغيل انخيل موراتينوس الذي وصل الى العاصمة اللبنانية بعد محادثات في جدة مع نظيره السعودي. وعكس كوشنير في مؤتمره الصحافي مدى تأثير عامل انعدام الثقة بين الأطراف اللبنانيين في مساعيه لتقريب وجهات النظر، وهو ما يحول دون التوافق على آلية لحل الأزمة في لبنان. وشكا الوزير الفرنسي، بحسب قول مصادر نيابية ووزارية ل"الحياة"، من انعدام الثقة بين الأطراف الذين انبروا إلى مطالبته بضمانات، في ظل الاختلاف على مبدأ التلازم بين تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، في إشارة الى التدخل الخارجي في المشكلة الداخلية، وهذا ما عناه في مؤتمره الصحافي عندما قال:"نحن نعلم ان هناك جزءاً كبيراً من مصير لبنان يتم تقريره خارج هذا البلد وفي الدول المجاورة لا سيما سورية وإيران". وفي هذا السياق، لم تستبعد المصادر اتصال باريس بكل من دمشق وطهران تمهيداً لاستئناف التحرك الفرنسي. وقالت إن كوشنير لم يتطرق مباشرة الى هذا الأمر، لكنه لمح إليه بطريقة أو أخرى لدى استقباله في قصر الصنوبر وفداً يمثل هيئات تمثل المجتمع المدني، سبق استضافة الوزير الفرنسي متحاورين من قيادات الصف الأول.، خصوصا لجهة تأكيد دورها في الضغط على القوى السياسية لإيجاد حل سلمي للأزمة. وأبلغت هذه الهيئات كوشنير انها تعد مذكرة في هذا الشأن تنطلق من تنظيمها حملات في مختلف المناطق اللبنانية تحت عنوان:"خلص... معاً من اجل الخلاص". وهذا ما يعول عليه الوزير الفرنسي ويتعامل معه على انه عامل ضغط على القوى السياسية لتستجيب للحوار بحثاً عن مخرج للمأزق الذي يمر فيه البلد. وبالعودة الى لقاء قيادات من الصف الأول في"قصر الصنوبر"، لوحظ ان الاحتقان السياسي الذي بلغته منطقة المتن الشمالي استعداداً للانتخاب الفرعي الأحد المقبل طغى على أجواء الاجتماع، رغم عدم تسجيل أي احتكاك بين المتخاصمين. وركز كوشنير في كلمة على اهمية الحوار اللبناني ? اللبناني وأكد انه لا يحمل معه الى بيروت، مبادرة فرنسية، معتبراً دور باريس كغيرها ممن يساعدون في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المحلية. وعلم ان كوشنير شدد في كلمته على ضرورة تطبيق القرار 1701 والتزام الحكومة اللبنانية ما هو مطلوب منها على هذا الصعيد، إضافة الى انه اقترح ثلاث نقاط معتبراً إياها الركيزة للوصول الى حل للأزمة باعتبارها النقاط التي تتشكل منها المشكلة في لبنان، وجاء ترتيبها على الشكل الآتي: - التزام جميع الأطراف في شكل لا يقبل الجدال الاستحقاق الخاص برئاسة الجمهورية وضرورة إنجازه في موعده الدستوري. - التوافق على رئيس جمهورية جديد مع الأخذ في الاعتبار التقليد القائل بوجوب انتخابه في جلسة نيابية تشارك فيها أكثرية الثلثين من أعضاء البرلمان. - في حال الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، التزام جميع الأطراف عدم الاستقالة منها. ويُذكر ان كوشنير توصل الى صياغة خاصة به للنقاط التي هي موضع اختلاف بين الأطراف، في ضوء لقاءاته التي عقدها في بيروت، وأنه كان يرغب في ان يصار الى تشكيل لجنة متابعة تمثل القوى المشاركة في الحوار تتولى التحضير للاتفاق الذي سيعلن لاحقاً بينها، انطلاقاً من الالتزام بالنقاط الثلاث التي أوجزها في خطابه امام القيادات في قصر الصنوبر. لكن لجنة المتابعة لم تر النور وبقيت مجرد فكرة، على رغم ان احداً من المتحاورين لم يعترض على مبدأ تشكيلها، وأن عدم التفاهم على مبدأ التلازم بين تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات الرئاسة حال دون الإعلان عن ولادتها، إضافة الى عدم حصول أي من الطرفين على الضمانات المطلوبة التي تشجعها للمضي قدماً في الحوار لمصلحة التوافق على الصيغة النهائية للحل. وفي هذا السياق، أكدت مصادر وزارية ونيابية ان بري لم يتقدم من كوشنير بأفكار مكتوبة، وإنما طرح وجهة نظره مبدياً مرونة وانفتاحاً على مبدأ التلازم بين الحكومة وانتخابات الرئاسة، وأن كوشنير تولى تسجيل كل ما سمعه منه بهذا الشأن. وأضافت ان بري تعهد توفير ضمانة للوزير الفرنسي بإجراء انتخابات الرئاسة في موعدها، وأن موقفه جاء متميزاً عن حلفائه، وتحديداً"حزب الله"الذي رفض مبدأ التزامن وأصر على موقفه بتشكيل حكومة جديدة أولاً لتكون بمثابة هيئة حوار للتفاهم على مسألة رئاسة الجمهورية. وأكدت ان الأكثرية، وفي ضوء موقف"حزب الله"الرافض التلازم بين الحكومة والرئاسة الأولى، توصلت الى التفاهم مع كوشنير على ان أي حل للمشكلة يجب ان ينطلق من الالتزام بتواريخ الاستحقاق الرئاسي المنصوص عنها في الدستور. ولفتت الى ان الأكثرية توصلت مع كوشنير الى صيغة مركبة تتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية على ان تطبق على مرحلتين. وبحسب هذه الصيغة فإن الأكثرية تؤيد تشكيل حكومة انتقالية من 30 وزيراً تتمثل فيها الغالبية ب 19 وزيراً في مقابل عشرة وزراء للمعارضة ووزير محايد. وأوضحت المصادر ان هذه الصيغة الحكومية الانتقالية لا تشكل انقلاباً على كل ما كانت تعهدت به الأكثرية خلال المحادثات التي أجراها اخيراً في بيروت عمرو موسى في حضور اعضاء الوفد العربي المنبثق عن اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، عندما وافقت على تأليف حكومة من 30 وزيراً 19 للأكثرية و11 للمعارضة، بمقدار ما انها ارتأت ان تكون هذه الصيغة الضمانة الوحيدة لها لإجراء انتخابات الرئاسة الأولى وعدم لجوء الفريق الآخر الى تعطيلها أو إطاحة الحكومة الانتقالية لإدخال البلد في الفراغ. وأكدت المصادر نفسها ان صيغة الحكومة الانتقالية هي الضمانة العملية الوحيدة لإجراء الانتخابات الرئاسية في غياب الضمانات الأخرى، وفي ضوء التجارب السابقة التي أفضت الى تراجع الضمانات بتطبيق كل ما يتفق عليه، وكان آخرها ما تقرر في مؤتمر الحوار الأول في البرلمان. وأشارت ايضاً الى ان المشكلة ليست مع بري إنما مع حلفائه من"حزب الله"الى"التيار الوطني الحر"، وقالت ان الحكومة الانتقالية تعتبر مستقيلة فور التوافق على رئيس الجمهورية الجديد لمصلحة تشكيل حكومة وحدة وطنية يتفق على برنامجها، مؤكدة ايضاً ان الضمانات العملية ليست مطلوبة من فرنسا وإنما من المعارضة. ورداً على سؤال قالت المصادر ان النقاش بين الأكثرية والمعارضة من خلال كوشنير لم يتطرق الى مسألة من يترأس هذه الحكومة. في إشارة مباشرة الى ما تردد اخيراً من ان اطرافاً أساسية في المعارضة لا تحبذ عودة فؤاد السنيورة الى رئاسة الحكومة. على رغم ان بري كان أعطى إشارات مهمة في شأن التلازم، بخلاف حلفاء له ممن سارعوا الى التراجع عنها. وتابعت ان رفض المعارضة الالتزام بالتلازم كان وراء اعتراض الأكثرية على ان لا نصاب لجلسة انتخاب الرئيس ما لم يتأمن حضور أكثرية ثلثي عدد النواب، خصوصاً ان هذه القضية لم تحسم بعد، وما زالت تخضع لاجتهادات وتفسيرات دستورية.