الجرجير نبات ينتمي الى العائلة ذاتها التي"ينتسب"اليها الملفوف والقنبيط واللفت. وعُرف الجرجير منذ القدم، فعنه ذكر العلاّمة الفيلسوف أرسطو، أنه يمد الانسان بالقوة والشجاعة. أما ابقراط فقد نصح به مع العسل ومركبات أخرى لمداواة الالتهابات الرئوية، وأوصى به أطباء مدرسة ساليرنو في العصور الوسطى لعلاج الصلع وأوجاع الاسنان. العرب القدامى عرفوا الجرجير، وجاء ذكره في شعرهم، ووصفوا شرب عصير أوراقه وأكل بذوره لدعم القوة الجنسية، ولدّر البول، وللمساعدة على هضم الطعام، ولتليين البطن. يتمتع الجرجير بخواص مهمة مدرّة للمادة الصفراوية في الكبد، كما يفيد في معالجة الحروق والمصابين بتضخم في الغدة الدرقية، وفي انزال مستوى السكر عند المصابين بالداء السكري. كما يستعمل عصيره لتنقية الدم وإزالة السموم منه، ولعلاج نزوف اللثة والدمامل وحب الشباب وبعض الآفات الجلدية المزمنة، وكذلك لإنبات الشعر بعد الاصابة الالتهابية. ويفيد العصير في تنقية الرئتين من القشع، وفي إزالة التسمم بالنيكوتين لدى المدخنين، لكن أكثر ما هو معروف عنه انه منشط جنسي، وهناك مثل مصري في هذا الخصوص. يعطي الجرجير طاقة شحيحة، إذ ان المئة غرام منه ينجم عنها 17 سعرة حرارية، ومع ذلك فإن الجرجير يعج بالعناصر الغذائية المفيدة. فهو نبات مقوٍ بفضل احتوائه على معدن الحديد وحامض الفوليك المضادين لفقر الدم، لا بل ان كمية الحديد الموجودة في الجرجير تضاهي تلك المتوافرة في اللحوم. فضلاً عن ان الجرجير يعتبر من بين اهم النباتات غنى بمعدن الكلس المهم جداً على صعيد الوقاية من داء هشاشة العظام الذي يهدد الشيوخ وخصوصاً النساء. وتكمن أهمية الجرجير القصوى في أمرين: الوقاية من السرطان، والوقاية من الأمراض القلبية الوعائية. بالنسبة الى السرطان فهناك أبحاث أكدت فائدة الجرجير في هذا الميدان. لقد اكتشف العلماء ان إضافة مركب"فينيل ايزوتيوسيانيت"الموجود في الجرجير الى غذاء الحيوانات المخبرية بعد تعريضها الى مسرطنات دخان التبغ، ادت الى تراجع خطر اصابتها بسرطان الرئة الى النصف. وقد حقق العلماء النتائج عينها عند الانسان، ولكن المشكلة تكمن في ضرورة تناول 60 غراماً من الجرجير ثلاث مرات يومياً لبلوغ الهدف ذاته، وهي كمية كبيرة نسبياً اذ نادراً جداً ما تستهلك. ويعتبر الجرجير ايضاً"حليفاً"قوياً للانسان لمواجهة خطر الامراض القلبية الوعائية، كونه غنياً بمضادات الأكسدة مثل الفيتامين"أ"، والفيتامين"ث"، والفيتامين"ي"E، فهذه الفيتامينات تقف بالمرصاد امام الجذور الكيماوية الحرة الضارة التي تحاول جهدها النيل من الخلايا السليمة مخلفة وراءها كوارث بيولوجية تزرع الأمراض هنا وهناك. زد على ذلك، فالجرجير يحتوي بين جنباته على كمية لا بأس بها من الأحماض الدهنية عديدة عدم الإشباع المهمة جداً على صعيد الوقاية من تصلب الشرايين، وبالتالي الوقاية من الأمراض القلبية الوعائية. والجرجير غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، لذا فهو نافع في منع الإصابة بالإمساك. ويُستحضر من بذور الجرجير زيت أكدت دراسات علمية مساهمته في إنقاص شحوم الدم عموماً والكوليسترول السيئ خصوصاً. بقي ان نعرف شيئين عن الجرجير: الأول، يفضل أكل الجرجير نيئاً لأن طبخه يذهب بالكثير من المركبات النافعة فيه، خصوصاً مركب"فينيل ايزوتيوسيانيت"الحامي من السرطان. والأمر الثاني هو ضرورة تفضيل الجرجير الطازج على الجرجير المجفف، لأنه اكثر فائدة. ولا يغيب عن البال أن تناول 75 غراماً من الجرجير يومياً يؤمّن للجسم حاجته الكاملة اليومية من الفيتامين"أ"، ونصف حاجته اليومية من الفيتامين"ث"، وفيتامين حامض الفوليك.