مع استمرار الاشتباكات المتقطعة في مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني ومسلحي "فتح الإسلام" لليوم ال63 أمس، حيث واصل الجيش مناداة ما تبقى من مسلحين متحصنين في المربع الأخير في المخيم بمكبرات الصوت لدعوتهم الى الاستسلام، لم تنقطع الاتصالات من أجل التوصل الى توافق في الانتخابات الفرعية في دائرة المتن الشمالي في 5 آب أغسطس المقبل، تجنبها معركة بين مرشح العماد ميشال عون وبين الرئيس السابق أمين الجميل الذي ترشح للمقعد الشاغر باغتيال نجله الوزير والنائب بيار الجميل. راجع ص 6 و7 وفيما يصل الى بيروت الموفد الفرنسي جان كلود كوسران بعد ظهر غد الإثنين لإجراء اتصالات مع فرقاء الحوار الذين شاركوا في حوار سان كلو، قالت مصادر مطلعة أن كوسران سيطلع قيادات الصف الثاني، التي شاركت في الحوار الذي دعت إليه وزارة الخارجية الفرنسية على أراضيها الأسبوع الماضي، على نتائج جولته التي شملت سورية ومصر والمملكة العربية السعودية خلال هذا الأسبوع. كما سيناقش مع هؤلاء الى مائدة عشاء بدعوة من السفارة الفرنسية في بيروت مساء الإثنين تقويم قياداتهم لحوار سان كلو وكيفية التقدم فيه. وأوضحت مصادر معنية باستكمال التحرك الفرنسي لتطوير حوار سان كلو أن كوسران سيسعى خلال اليومين اللذين سيمضيهما في بيروت الى لقاء قيادات الصف الأول لاستكشاف أفكار متابعة الحوار وتحضيراً للقاءات وزير الخارجية برنار كوشنير مع هؤلاء خلال زيارته في 28 الجاري لاستكشاف إمكان لقاء أقطاب الحوار بعد لقاء قيادات الصف الثاني، سواء برعاية الجامعة العربية أو برعاية مشتركة فرنسية - عربية لمحاولة انتاج مشروع تسوية تتناول حكومة الوحدة الوطنية والتوافق على إجراء انتخابات الرئاسة الأولى في موعدها. وأوضحت المصادر أن منطلق التحرك الفرنسي ليس العلاقة الخاصة بين فرنساولبنان فحسب، بل وجود حرص دولي إجماعي على وجوب تجنب حصول فراغ في الرئاسة في لبنان مع حلول موعد الاستحقاق الرئاسي، ووجوب إجراء الانتخابات الرئاسية، بالتوافق بأي ثمن، وضرورة تحضير الأجواء لضمان الإتيان برئيس جديد للجمهورية بتسوية ما بين الفرقاء اللبنانيين قبل انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود. واتصل الوزير كوشنير أمس برئيس الحكومة فؤاد السنيورة للتشاور معه حول جولة كوسران العربية. وعلى الصعيد الداخلي قفز اهتمام الوسط السياسي بالانتخابات الفرعية في كل من دائرة بيروت الثانية والمتن الشمالي الى واجهة الأحداث بموازاة الاهتمام بالاتصالات الخارجية حول الأزمة اللبنانية. وفيما بدا من الترشيحات لهاتين الدائرتين أن دائرة بيروت الثانية ستكون محسومة لمرشح تيار"المستقبل"محمد الأمين عيتاني مقابل منافسه مرشح"حركة الشعب من المعارضة، فإن قوى 14 آذار ستسعى الى حشد مناصريها من أجل تأمين رقم عالٍ من المشاركة في عملية الاقتراع التي عادة ما تكون منخفضة في أي انتخاب فرعي، بعد أن شغر المقعد في العاصمة باغتيال النائب وليد عيدو. ومن أسباب توقع برودة المشاركة إحجام"حزب الله"عن المشاركة في عملية الاقتراع لاعتباره دعوة الحكومة الى إجراء الانتخابات غير شرعية. إلا أن الأنظار اتجهت الى رمزية المعركة التي ستدور في المتن الشمالي والاتصالات التي يجريها حليف العماد عون النائب ميشال المر، والذي يتمتع بعلاقات مستقرة مع حزب الكتائب والرئيس الجميل لمحاولة التوصل الى توافق بعد إنجاح المصالحة بين عون والجميل تسمح بتزكية ترشيح الأخير وسحب مرشح عون الدكتور كميل الخوري. إلا أن هذه الجهود لم تنجح حتى الأمس في بلورة اقتراحات لعقد لقاء بين عون والجميل يكون مخرجاً لتجنب المعركة. وذكرت المعلومات أن بين الاقتراحات كانت دعوة عون والجميل الى الاجتماع برعاية البطريرك الماروني نصرالله صفير في مقره الصيفي في الديمان، لكن الفكرة لم تلق ترحيباً نظراً الى مخاوف صفير من فشل الجهود في شكل يؤدي الى إفشال البطريركية في مسعى كهذا. وتمثل معركة انتخابات المتن اختباراً للقوة على الساحة المسيحية، يعتبر العماد عون أنها ستكون لمصلحته، بالتحالف مع المر وحزب الطاشناق الأرمني، فيما ترى قوى 14 آذار ان المزاج الشعبي المسيحي تغير عما كان عليه العام 2005 حيث كان هناك تيار جارف لمصلحة عون، وأنها ستحشد جمهورها في شكل يضمن فوز الجميل. ومع ثقة كل من الفريقين بالفوز قالت مصادر سياسية في المتن ان حظوظ التوافق والمعركة متساوية خصوصاً أن ثمة قياديين في تيار العماد عون يعتبرون أنه حتى الربح المتواضع لمرشح التيار لا يبرر المخاطرة في خوض هذه الانتخابات. إلا أن المرشح كميل الخوري أعلن أمس أن التيار مع التوافق لكن على أسس سياسية. وتردد أن الجميل رفض عرضاً بأن يزور العماد عون في منزله من أجل المصالحة. أما الجميل فقال في كلمة أثناء لقاء مع الماكينة الانتخابية لحزب الكتائب:"فرض علينا استحقاق انتخابي ونحن له، ونحن لهذا الاستحقاق ولأي استحقاق". وأضاف الجميل الذي اغرورقت عيناه بالدموع مرات عدة حين ذكر نجله الشهيد بيار، وسط هتافات مناصريه:"إنه ليس استحقاق أمين الجميل بل هو استحقاق بيار الجميل"ودعا الكتائبيين الى توجيه رسالة"الى الأقربين والأبعدين بأن أعداء لبنان الذين اغتالوا بيار لن نعطيهم أي فرصة ليقتلوا روحه". وقال:"نحن لا ننظر الى مقعد انتخابي في البرلمان ونفتش عنه لمجرد تحقيق هدف شخصي. وهذا الاستحقاق وطني من خلال انتفاضة الاستقلال وكي نحقق طموحات الشعب اللبناني الذي نزل الى ساحة الشهداء في 14 شباط فبراير ليجدد إيمانه بلبنان واستقلاله". وقالت مصادر حليفة للعماد عون إن القرار النهائي بخوض المعركة الانتخابية سيُتخذ غداً الاثنين.