سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر ترفض استقبال "الغزيين" العابرين من دول عربية أو أجنبية باتجاه غزة . مأساة الفلسطينيين العالقين عند معبر رفح المغلق : بعضهم باع مقتنياته وآخرون يتسولون والصمت مطبق
تنتظر عبيدة وهبة بفارغ الصبر اعادة فتح معبر رفح الحدودي، المنفذ الوحيد لقطاع غزة على مصر والعالم الخارجي، لتتمكن من العودة الى القطاع لتزويج ابنتها البكر لابن شقيقها القاطن في مدينة خان يونس. وتجري عبيدة 50 عاماً المتزوجة من مصري وتعيش في القاهرة منذ سنوات طويلة، اتصالات هاتفية شبه يومية مع ذويها في خان يونس وشقيقها في مدينة غزة لمعرفة ان كان معبر رفح سيفتح أبوابه للعمل في اليوم التالي، حسب ما قالت ل"الحياة". لكن أملها خاب عشرات المرات في أن يحمل الهاتف خبراً سعيداً لها ولابنتها احسان باعادة فتح المعبر المغلق منذ نحو شهر بقرار من الدولة العبرية التي ترفض باصرار فتحه، خصوصا في اعقاب سيطرة"حماس"على القطاع بالقوة في 14 الشهر الماضي. وكانت عبيدة ارجأت قدومها وبناتها الأربع الى القطاع، إذ كان مقرراً صيف العام الماضي في اعقاب خطف الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت في 25 حزيران يونيو عام 2006. وارجأ خطيب ابنتها حفلة الزفاف الى الصيف الحالي، خصوصا ان العروس انتهت قبل أسابيع قليلة من العام الدراسي الحالي. وحال عبيدة افضل بكثير من حال نحو ستة آلاف فلسطيني تقطعت بهم السبل في مدينة العريش المصرية، فضلا عن آلاف آخرين في عدد من الدول العربية والاجنبية الاخرى. وقال فلسطينيون عالقون في مصر عبر الهاتف ل"الحياة"ان ظروفهم المعيشية باتت مأسوية. واضاف عماد وهو استاذ جامعي عالق في مدينة العريش منذ اسابيع انه يشعر بالسأم والاحباط، مضيفاً ان امواله آخذة في النفاد. واضاف في اتصال هاتفي مع"الحياة"انه استضاف ثلاث نساء من معارفه في"الشاليه"، وهو شقة فندقية صغيرة على شاطئ بحر مدينة العريش استأجره ليقيم فيه الى ان يتم فتح المعبر. وقال عماد 35 عاما ان النساء الثلاث وهن من معارفه في مخيم جباليا للاجئين، لا يملكن المال الكافي للاقامة في فندق، فقرر استضافتهن على رغم ما في ذلك من حرج ومخالفة للعادات والتقاليد الفلسطينية التي تحظر على رجل الاقامة في منزل واحد مع امرأة غير زوجته او شقيقته او من أقاربه. وأوضح ان بعض الفلسطينيين باع جزءاً من ملابسه ومقتنياته، فيما باع آخرون سجائر او غيرها من الاشياء التي اشتروها لأنفسهم. واكد ان البعض الآخر اقترض أموالاً من آخرين، فيما لم يجد بعضهم من يقرضه وبات يتسول قوت يومه. واشار محسن 40 عاما الى انه استأجر شقة صغيرة مؤلفة من غرفة واحدة وصالون في مدينة رفح المصرية واقام فيها مع ثمانية فلسطينيين، من بينهم امرأتان، وتقطعت بهم السبل في مصر. ولفت الى انه كان توجه الى القاهرة للتسجيل لدرجة الماجستير من احدى الجامعات المصرية، ولم يكن في جيبه سوى 300 دولار عندما اغلقت اسرائيل المعبر في الأيام الأولى من الشهر الماضي. وأكد ان كثيراً من العالقين اصبح يتناول وجبة طعام واحدة في اليوم، علماً ان المرضى بحاجة الى ثلاث وجبات حتى يتمكنوا من تناول الادوية ثلاث مرات يومياً. وعلى رغم انسحابها من القطاع في ايلول سبتمبر عام 2005، فإن سلطات الاحتلال الاسرائيلي لا تزال تتحكم في فتح المعبر واغلاقه حتى الآن من دون أي اكتراث لمعاناة الفلسطينيين في القطاع الذين لا يوجد لديهم أي خيار أو منفذ سوى المعبر للتواصل مع العالم. واوقال عبدالرحمن ان هناك عشرات المرضى الفلسطينيين عالقين في مناطق مختلفة في مصر، ليس بمقدورهم تحمل اعباء السفر والمعاناة والاقامة في خيام او على جانبي الطرق والمساجد، كما حصل مع بعض الفلسطينيين الذين لا يملكون مالاً كي يقيموا في شقق أو فنادق. وقال محسن انه شاهد فلسطينيين يقيمون قرب احد المساجد، جعلوا من حصيرة من القش سقفاً لهم تحميهم من اشعة الشمس اللافحة، في مثل هذه الاوقات من كل عام في صحراء شبه جزيرة سيناء. واضاف ان هناك عائلات مصرية قليلة آوت عائلات، خصوصا نساء وأطفالاً. واشار اقارب فلسطينيين كانوا غادروا القطاع الى دول اخرى غير مصر، ان شركات الطيران ترفض السماح لأي فلسطيني بالتوجه الى القاهرة عبر رحلاتها بسبب اغلاق المعبر حتى لا تزداد اعداد العالقين في مصر، الامر الذي يزيد من معاناة هؤلاء النفسية ويحملهم اعباء مالية اضافية، خصوصا المسافرين الى دول اجنبية. وباستثناء الشبان البالغة اعمارهم اقل من 40 عاما او الممنوعين من الاقامة في مصر من الفلسطينيين، فإنه لا يسمح لأي فلسطيني بالتوجه الى معبر رفح لانتظار موعد فتح ابوابه. وتقوم السلطات الامنية المصرية عادة بنقل هؤلاء الممنوعين الذين يطلق عليهم"المرحلين"القادمين اليها من نقاط حدودها البرية او مطارها القاهرة، عبر باصات الى منطقة معزولة في احدى زوايا مطار العريش بعدما كان يتم في الماضي نقلهم مباشرة الى المعبر. وتحتفظ سلطات الامن المصرية بجوازات سفرهم لديها ولا تسلمها الى اصحابها الا في صالة الوصول في المعبر كي يتم وضع ختم المغادرة عليها من رجال الجمارك المصريين قبل توجه المسافرين الى الجانب الفلسطيني من المعبر. وبعدما تفاقمت معاناة الفلسطينيين العالقين في مصر، لمح قيادي في حركة"حماس"الى احتمال استهداف المعبر في حال عدم فتحه خلال 48 ساعة. وتراجع القيادي في"حماس"يونس الاسطل امس عن تصريحات سابقة نسبت اليه دعا فيها الاجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية الى عقد مؤتمر صحافي يتم خلاله تحديد مهلة لحل ازمة المعبر في اسرع وقت، وقال انه لم يفكر يوماً بهذه الطريقة، مشيدا بمصر ودورها. وتلوذ السلطة ورئيسها محمود عباس والحكومة ورئيسها اسماعيل هنية وكل الحكومات السابقة، بالصمت ازاء معاناة الفلسطينيين على معبر رفح وغيره من المعابر والمطارات عبر العالم.