أصيب الألمان بذهول بعدما استفاقوا أمس على النتائج التي اسفرت عنها "المعركة" التي وقعت في روستوك بين نحو ألفي متظاهر ملثمين وبضعة آلاف من عناصر الشرطة خصصوا لمواكبة التظاهرة الضخمة التي دعت إليها مجموعات عدة معادية للعولمة ولقمة الدول الصناعية الثماني التي ستعقد بعد يومين في شمال ألمانيا. تزامن ذلك مع مفاجأة أخرى تمثلت في إعلان المستشارة أنغيلا مركل ووزير خارجيتها فرانك فالتر شتايماير عن توقع فشل قمة الثماني في الاتفاق على خطوات مشتركة لمواجهة التغيير المناخي، محمّلين الولاياتالمتحدة المسؤولية. وفيما أعلنت قيادة الشرطة في المدينة المطلة على بحر الشرق ومنظمي التظاهرة أن حصيلة المواجهات العنيفة التي بدأها الملثمون الذين يطلقون على أنفسهم أسم"أوتونومن"المستقلون بلغت 433 جريحاً من الشرطة و520 متظاهراً حال 50 من الطرفين خطرة، نددت اللجنة الداعية إلى التظاهر بالعنف الذي مارسه الملثمون، مشيرة إلى أنه لم تتم دعوتهم للمشاركة في التظاهرة التي ضمت 80 ألفاً بحسب المنظمين، و25 ألف متظاهر وفقاً للشرطة. وبعد أن رفضت اللجنة أي عذر للعنف الذي بدأه الملثمون، أكدت أن أفراد الشرطة"مارسوا ضبط النفس إلى حد جعلهم غير قادرين على الاحتفاظ به"، بعد رمي المشاغبين الحجارة المنتزعة من الطرق والأرصفة وإشعال النار في السيارات والاعتداء على الأملاك العامة بصورة لم تشهدها البلاد منذ سنوات وتسببت في أضرار مادية كبيرة. وأكدت الشرطة أنها اعتقلت 165 متظاهراً ليل السبت - الأحد، وأبقتهم قيد الحجز لساعات، قبل أن تطلق سراح غالبيتهم فيما أحالت الباقين على التحقيق، في وقت لا تزال تلاحق آخرين. تشاؤم واعترفت المستشارة الألمانية في حديث مع مجلة"دير شبيغل"الألمانية الأسبوعية بأنها لم تعد تنتظر حصول اتفاق داخل القمة حول اقتراحها العمل على منع ارتفاع حرارة الأرض أكثر من درجتين حتى العام 2050، مؤكدة أنها غير مستعدة للتفاوض أو للمساومة على هذه النقطة مع الرئيس الأميركي جورج بوش خلال اجتماعها به عشية القمة في منتجع هايليغندام. وأكدت أنها لن تتنازل أمامه عن موقفها في عدد من النقاط حتى ولو أدى ذلك إلى فشل القمة في موضوع المناخ. وقالت:"مسألة حرارة الأرض غير مطروحة أبداً لمساومة فاسدة". ولم تظهر مركل حماسة لاقتراحات الرئيس بوش الأخيرة حول المناخ والتي يقترح فيها تأجيل البت بالخطوات المطلوبة إلى أواخر العام 2008، على أن يجرى الاتفاق عليها خارج إطار"معاهدة كيوتو". وقالت:"لن أسمح بتمييع المعارف العلمية الأكيدة حول تغير المناخ الصادرة خصوصاً عن هيئة المناخ في الأممالمتحدة". ورأت أنه إذا لم تلتزم الولاياتالمتحدة المقترحات"سيتشجع المشاركون الآخرون في القمة على فعل الشيء ذاته". وذكرت مصادر حكومية أن مركل أوضحت موقفها هذا لبوش في اتصال فيديو جرى بينهما قبل يومين. بدوره، استبعد وزير الخارجية الألماني شتاينماير نجاح القمة في هذا الملف، قائلاً إن ألمانياوالولاياتالمتحدة"تواجهان تغير المناخ بطرق ووسائل مختلفة". وأضاف:"إن الأمر يتعلق هنا بفلسفتين مختلفتين". وفي إطار التحضير لقمة الثماني وصل مساء أمس إلى برلين رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لإجراء محادثات تمهيدية حول ملفاتها مع المستشارة. وستسنح الفرصة لبوش والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإجراء محادثات خلال القمة التي تستغرق ثلاثة أيام والتي تبدأ بعد غد في المانيا، ويحضرها أيضاً زعماء بريطانيا وكندا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان. واستغل بوش الاسبوع الذي سبق القمة في التحرك قدماً في قضايا حقوق الانسان الملحة وفي إخماد أزمة البنك الدولي. وهو فرض عقوبات اقتصادية على السودان لتعطيلها عملية إرسال قوة حفظ سلام اكبر إلى دارفور، كما حض الكونغرس على زيادة الاعتمادات المخصصة لحملة دولية لمكافحة الايدز ثلاثة أضعاف، إلى 45 بليون دولار. كما طرح اسم الديبلوماسي المخضرم روبرت زولليك ليحل محل مهندس الحرب العراقية السابق بول وولفوفيتز رئيساً للبنك الدولي. وعلى رغم رغبة قادة الاتحاد الاوروبي وضع الانقسامات عبر الاطلسية حول العراق جانباً، يبقى رأي المواطن الأوروبي العادي في بوش سلبياً إلى حد بعيد. لندن وفي لندن أ ف ب، رويترز، احتشد مئات الاشخاص الذين ارتدى معظمهم الملابس البيض عند ضفاف نهر التايمز وسط العاصمة البريطانية، لحض مجموعة الثماني على احترام وعودها. ودعت لافتات تحمل اسماء منظمات من بينها"اوكسفام"و"كريستيان ايد"و"كافود"و"اكشن ايد"زعماء مجموعة الثماني للتحرك عاجلاً في شأن الديون ومرض نقص المناعة المكتسب ايدز وارتفاع حرارة الارض والتجارة، خلال القمة. وردد المحتجون هتافات مثل"مجموعة الثماني العالم لا يمكنه الانتظار"كما اطلقوا الصافرات والابواق. وقالت الشرطة ان مسيرة لندن لم تشهد اي حوادث.