مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرضه الثاني "مَكْنَنَة"    "الأطوم" رمز بيئي تحتضنه المملكة بحماية صارمة ومبادرات وطنية    الالتزام البيئي يعلن استكمال 4 مبادرات ضمن برنامج التحول الوطني    إطلاق فعاليات أسبوع البيئة 2025 في عسير    تراجع أسعار الغاز في أمريكا    مركز الملك سلمان للإغاثة ينتزع 1.050 لغمًا في اليمن خلال أسبوع    الهلال يتعثر بالتعادل أمام الشباب    وزير الطاقة يستقبل السكرتير التنفيذي لدولة رئيس الوزراء الهندي    الحريد من المحيط إلى الحصيص يُشعل شواطئ فرسان    دليل إرشادي للرعاية الصحية المنزلية    مناصب عربية للطائرة السعودية    مشروع للزراعة الذكية في الرياض بتعاون سعودي - كوري    مرحلة جديدة للبرنامج الطبي التطوعي السعودي بعدن    من يحكم من في إدارة الجسد    القبض على مقيم ومواطن لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    لماذا لا نقرأ    عندما يكون التفاخر بالأنساب ميزانا للتفاضل في الأحساب    السند يتفقد فرع الرئاسة العامة بمنطقة المدينة المنورة ويستقبل المراجعين    حتى في اليابان يتغيب الطلاب عن المدارس    مفتي المملكة: الرئاسة تحرص على نشر مبادئ الوسطية ومحاربة الإرهاب    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة    الذهب يحطم أرقامه القياسية بدعم من هبوط الدولار    تمكين الأوقاف تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من الزمالة المهنية في الأوقاف    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    زيارة رئيس قطاع بلديات منطقة الرياض لمحافظة السليل    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    رؤية جديدة لمؤسسة الإنتاج والبرامج المشتركة    مجتبى إلى القفص الذهبي    هتان أول سعودي يدخل جهة عمله موسوعة غينيس    مصعب النذير يحتفي بزفاف ابنته إلى محمد    السعودية تتقدم 17 % في مؤشر الملكية الفكرية الدولي    السعودية.. رائدة عالمية في مجالات العمل والعمال    نيابةً عن سمو ولي العهد.. وزير الرياضة يتوج "أوسكار" بجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا1    تكريم الفنان إبراهيم الحساوي في مهرجان أفلام السعودية    شارع الأعشى (1 – 2)    احترام «المساحة الشخصية» ليس رفاهية    إعلاميون رياضيون ل"البلاد": النصر الأقرب للتتويج بالنخبة الآسيوية    أخضر 17 وصيفًا لكأس آسيا    إصابة بطلق ناري في أمريكا كل 30 دقيقة    يدّعي وجود قنبلة على السفينة لمنع خطيبته من السفر    أكدت أن الرياض أعلى المناطق.. "السياحة": 32 % نمواً في تراخيص خدمات السفر والسياحة بالمملكة    التفاخر بالتبذير وتصوير الولائم    272 ألف مستفيد في مدينة الملك سلمان الطبية    فرحة خضراء بجنيف.. هكذا أبدع السعوديون في سويسرا    «سماء العلا».. مناطيد مضيئة    السماء تبتسم للأرض 25 أبريل    مستقبل الوفاق    Apple تحذر من ثغرتين    المنتخبات السعودية للفئات السنية.. أرقام متفردة بين كبار آسيا وحضور منتظر في المونديال    مدرب تشيلسي: حققنا أصعب فوز في الموسم    سعود بن بندر يبحث تأهيل الأحياء التاريخية في الشرقية    طفايات الحريق بالمنازل.. ضرورة    فعالية اليوم العالمي للمختبرات الطبية بجامعة شقراء    رئيس "صحي القصيم" يشهد فعاليات مؤتمر القصيم الأول لطب الطوارئ    5 مراحل لمرض القدم السكرية    تخريج الدفعة ال 22 من جامعة الملك سعود للعلوم الصحية    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    صيد سمك الحريد بجزر فرسان .. موروث شعبي ومناسبة سعيدة يحتفي بها الأهالي منذ مئات السنين    









الدور الدولي للاتحاد الأوروبي يحتاج عدة سياسية وعسكرية لم تُنجز
نشر في الحياة يوم 27 - 06 - 2007

يتطلع العالم الدولي، وهو كثير الأقطاب لئن لم يكن متعدد القطب، الى نظم علاقاته في إطار من المشروعية والتعاقد. ولا تشذ عن التطلع هذا دول قوية الميل الى الأحادية، مثل اسرائيل والولايات المتحدة في عهد جورج بوش الابن. والدولتان قبلتا، في نهاية المطاف، بدور الأمم المتحدة في لبنان، على رغم ازدرائهما المنظمة الدولية، وبدور أوروبا في توسيع مهمات قوات الفصل بحسب القرار 1701، على رغم حذرهما من القارة القديمة. وتضطلع أوروبا بريادة فعلية في بلورة نهج متعدد القطب وغير أحادي في السياسة الدولية. وتتنازع هذه الريادة مشكلات حقيقية تقيدها وتلجمها. فتارة تبدو أوروبا جزيرة فاتها الزمن، ومثالاً لنظام علاقات متكافئة ومسالمة على حدة من عواصف العالم وبمنأى منها. وتارة ثانية، تبدو استباقاً لعالم متعدد القطب وقدوة على طريقه.
ويذهب روبرت كوبر مؤلف"دولة ما بعد الحداثة والنظام العالمي" الى ان أوروبا دخلت عصر ما بعد الحداثة، وهو عصر الدول الضعيفة الشكيمة واضمحلال الحرب، بينما لا تزال الولايات المتحدة واسرائيل والصين وروسيا دولاً حديثة، شديدة التمسك بمبدأ السيادة، ولا تتردد في استعمال القوة. ورأى كوبر نفسه، في عمل لاحق، ان على دول ما بعد الحداثة إنشاء امبراطوريات تجبه التهديدات الخارجية. ويعارض كتّاب أوروبيون معاصرون القوة العسكرية بالمعيار الحقوقي والقانوني. فيعرّف يان مانيرز اوروبا ب"القوة المعيارية"، ويجيب بالنفي عن السؤال: هل ينطوي هذا التعريف على تناقض في العبارة؟ ويذهب زكي العيدي الى فك المعيارية الحقوقية والقانونية من القوة، ويعرف أوروبا، أي سياستها الدولية والقارية، بالصدوع بالقانون ومعاييره والتخلي عن إعمال القوة.
ويترتب النهج هذا، بحسب العيدي، على تقديم الأوروبيين المعايير التالية: 1 رفض السياسة الواقعية 2 واعتقاد وظيفة التجارة الشّركية والجمعية 3 والأخذ بالقيم الاجتماعية غير السلعية او السوقية 4 وتقديم المسؤولية المشتركة على السيادة الوطنية 5 وحمل الحقوق الفردية على محمل الجد والعزم على تغييرها 6 والشعور ب"الإشفاق السياسي"أو"الرأفة السياسية"حيال الاختلالات الاجتماعية العالمية. ونتائج المعايير أو القيم السياسية والاجتماعية هذه، أكانت"امبراطورية ليبرالية"، ام"ليبرالية امبريالية"، سرعان ما امتحنتها الحوادث امتحاناً عسيراً. فالليبرالية الامبريالية الاوروبية تمرد عليها الرأي العام في بعض الدول الكبيرة والراجحة، ورد سياسة التوسع الاتحادية على أعقابها، أو أنكر دخول تركيا الاتحاد، وقام على الهجرة والمهاجرين. وكان 11 أيلول سبتمبر منعطفاً. فمعظم الأميركيين، شأن الاوروبيين، كانوا يميلون الى الأمم المتحدة، ويناهضون الأحادية، قبل الحادثة هذه.
والحق ان الفرق بين نسبة الأميركيين المؤيدين تدخلاً عسكرياً محتملاً وعاجلاً في العراق 45 في المئة وبين نسبة نظيرهم الأوروبيين 37 في المئة، قبل 11 أيلول واليوم، ليس كبيراً. ويترتب هذا على حقيقة من حقائق العلاقات الدولية الراسخة التي توجب أن تتولى العمل العسكري قوة دولية بمفردها، وأحادية السياسة، على ان تسبغ المشروعية على العمل هذا جبهة متعددة القطب. وتوجب الحقيقة نفسها، من وجه آخر، أن يناط استعمال القوة بالدول والكتل، وذلك في إطار مهمات السلام، بينما تعود سياسة الوقاية من انفجار المنازعات، وأعمال حفظ السلام، والإعمار بعد الحرب والدمار، الى المنظمات الأممية والإقليمية، شأن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. فهل ترضى أوروبا تولي انفاذ المعاهدات والمعايير التي ضلعت في صياغتها، او في إيجابها؟ فيلاحظ، على سبيل المثل، أنها متخلفة عن مواقيت الإجراءات التي ضربها ميثاق كيوتو. وبعض الدول لم توقع الميثاق، ولكنها كانت سباقة الى التقيد بالإجراءات البيئية ومواقيتها. فهذه حال بعض الولايات المتحدة: فولاية كاليفورنيا تعد قانوناً يلزمها بتخفيض نسبة انبعاثات غاز الكربون بنسبة لا تقل عن الثلث. ولم تبعث"الرأفة الاجتماعية"بشقاء الجنوب أوروبا على الاضطلاع بما كان من شأنه ان يحول دون مجازر رواندا أو دارفور. ولا تزال مساعدات التنمية أقل من النسب المقررة. ولا يزال الباب - دون تسويق منتجات بلدان الجنوب وسلعها في أسواق أوروبا، ودون إجازة عمل المهاجرين ? شبه موصد. والباب هذا ليس مشرعاً فوق ما هو مشرع على حدود كندا أو الولايات المتحدة.
ولا يصدق رفض السياسة الواقعية في أحوال قادة أوروبيين مثل فرنسوا ميتران وجاك شيراك ومرغريت ثاتشر وغيرهارد شرودر، ولا في حال قادة دول الاتحاد الجديدة. فهؤلاء يعالجون المسائل السياسية في ميزان المحاور والمصالح الديبلوماسية والعسكرية، على مثال الواقعية السياسية التقليدي.
ويسلك البناء الأوروبي ثلاث طرائق: 1 طريقة جان مونيه، وشعارها هو"جمع البشر وليس تكتيل الدول"من طريق تشييد هيئات ومؤسسات فيديرالية وإقليمية وروابط بين الأمم والمجتمعات 2 طريقة ديغول، وركنها تحرير أوروبا من القطبين المهيمنين، وخصوصاً من القطب الأميركي، وتمهيد السبيل الى عالم متعدد القطب لا تقل مكانة أوروبا فيه عن مكانة نظيريها، السوفياتي والأميركي، ويقر دول أوروبا على استقلالها 3 طريقة ثالثة تلتمس سياستها خطوة خطوة، تدعو الى تجاوز نهج التنسيق بين الحكومات الى نهج أقوى اندماجاً والتزاماً بمصالح مشتركة ومترابطة. وينبغي ان تتولى الطريقة الثالثة الإجابة عن المشكلات الناجمة عن العولمة، وتوسع الاتحاد، وتعاظم التوقعات بإزاء أوروبا ومنها. والى اليوم، لم تفلح أوروبا في مهمة الإجابة هذه. فينتظر منها أداء دور عالمي متماسك على حين انها لم تعد العدّة التنظيمية والسياسية والعسكرية لأداء هذا الدور، وعلى هذا النحو.
وأما شعوب أوروبا، فتوقعاتها في صدد تولي القارة دوراً دولياً تتقهقر وتتضاءل. والسبب في الحال هذه هو ما أصاب الهيئات والمؤسسات الأوروبية من العولمة. فلم تقوَ الهيئات والمؤسسات هذه على حماية بلدان أوروبا ومجتمعاتها من رياح المنافسة التي هبت من وراء الحدود. وحسب أوروبيون كثر ان لأوروبا ضلعاً في ضعف الحماية هذه. ولكن سهم أوروبا المتعاظم في أنشطة حفظ السلام تحت لواء الأمم المتحدة، بالبلقان وافريقيا والشرق الأوسط لبنان، يؤذن ربما بتجاوز الاختيار بين سياسة متراخية ومسلِّمة وبين سياسة القوة، وبين تنافس الدول وبين رفض الأحادية. وفي لبنان، وغداً ربما في فلسطين، تتولى أوروبا حماية مصالحها الاقليمية وقضية السلام معاً وفي آن. وفي الأحوال كلها، فالسياسة الأوروبية مثال السياسة المتعددة الجانب. ولكن هذه السياسة قد تناسب عالم بعد الحداثة فوق مناسبتها بربرية العالم القائم. وقد ينتهي دورها الذي تضطلع به في الشرق الأوسط الى كارثة. ولكنه، على قول يوشكا فيشر، مرآة"سياسة الجوار"الأولى والفاعلة، وتجسيدها الحقيقي والمنتظر طويلاً بعد أن كانت فكرة مجردة.
عن بيير هاسنير مدير أبحاث، "إسبري" الفرنسية، 5/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.