فيما انتقد زعماء عشائر في محافظة ديالى عملية "السهم الحارق" الأميركية لاستهدافها مناطق ثانوية، وحذروا من تسببها بفتنة بين أبناء المنطقة، تنتقل حمى محاربة "التكفيريين" وتنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" من محافظة الأنبار وديالى الى كركوك حيث دعت عشيرة الجبور، كبرى عشائر العرب السنة في المحافظة، الى تجمع هو الاول من نوعه ضد "التنظيمات المتشددة". وقال رئيس مجلس قضاء الحويجة حسين علي صالح الجبوري إن عشائر قبيلة الجبور وأفخاذها،"وتشجيعاً منها على إعلان الصحوة كما يحدث في المناطق الأخرى، تدعو الى تعزيز روح التعاون مع الأجهزة الأمنية لتنظيف المنطقة من أوكار المسلحين وعدم فسح المجال أمام العصابات الاجرامية لجعل الحويجة بؤراً لها لاستهداف المواطنين". وشارك في التجمع محافظ كركوك عبدالرحمن مصطفى وآمر اللواء الثاني في الفرقة الرابعة للجيش اللواء أنور حمة أمين ومدير شرطة كركوك اللواء جمال طاهر ومسؤولون أميركيون وقادة الأجهزة الأمنية ورؤساء مجالس النواحي التابعة للمحافظة. وقال محافظ كركوك إن"الحويجة للأسف الشديد أصبحت مستهدفة من الارهابيين أكثر من سائر مناطق المحافظة ... وهذا ما يدعو الى التكاتف للقضاء على التكفيريين والارهابيين وإبعاد شرهم عن المنطقة". وأضاف:"لو استعرضنا معظم العمليات لشاهدنا أن أبناء المنطقة مستهدفون بالدرجة الأساس، فجميع الضحايا والشهداء والمعوقين منهم. فهل إراقة دمائكم هي تحرير لكم كما يدعون؟ وهل تدمير الجسور ومنع تنفيذ المشاريع تحرير لكم؟". وتغيبت عن الاجتماع عشائر العبيد التي تعد أيضاً من أكبر عشائر العرب السنة، وكذلك عشائر العزة والعساف والحديديين والبورياش والنعيم، وذلك نظراً إلى الخلافات بين عشائر العرب السنة المنتشرة في محيط كركوك. من جهته، أضاف الجبوري الذي تعرض مطلع الشهر الجاري إلى محاولة اغتيال أدت الى مقتل أحد حراسه وإصابه اثنين آخرين ومقتل ثلاثة من"القاعدة"أن"الخطر المحدق بمنطقتنا كبير. يجب أن ننظر الى ما شهدته الانبار والضلوعية والفلوجة وديالى وغيرها". يشار الى أن عدداً من عشائر العرب السنة في محافظة الأنبار غرب شكل منتصف ايلول سبتمبر الماضي مؤتمر"صحوة الانبار"وذراعه العسكرية"مجلس إنقاذ الانبار"لمحاربة"القاعدة"وتنظيمات متشددة تدور في فلكها إثر خلافات بين الطرفين. كما بدأ بعض العشائر في محافظة ديالى محاولة لتشكيل تجمع مماثل أيضاً لمحاربة"القاعدة". وتابع الجبوري أن"الارهابيين التكفيريين من القاعدة يعتقدون بأن في استطاعتهم التحرك في الحويجة ليجعلوها تحت امارتهم الخائبة ... شاهدنا كيف حاولوا خلال الاشهر السابقة شن هجماتهم على الحويجة لاعلان امارتهم المزعومة والمرفوضة". وقال:"التقينا لوضع النقاط على الحروف ... أثبت الواقع أن قوات الأمن لا تحقق أهدافها من دون مشاركة العشائر وكفانا البقاء مكممي الافواه في وجه القتل والعنف والتخريب والتدمير ... نحن عراقيون وهذا بلدنا وارضنا وسنموت من أجلها". بدوره، دعا مدير شرطة المحافظة"جميع العشائر الى التعاون ... كون منطقة الحويجة واسعة وفي حاجة الى أعداد كبيرة من الشرطة". ويبلغ عدد سكان قضاء الحويجة حوالى 450 ألف نسمة ويمتد بين حدود الموصل وأربيل وبيجي وتكريت حتى ديالى حيث يفصل بينهما نهر دجلة وجبال حمرين. وتسكن القضاء كبرى عشائر العراق الجبور والعبيد. ويشهد قضاء الحويجة عشرات التفجيرات ضد القوات الاميركية والعراقية ومراكز التطوع وعمليات اغتيال وصراع بين المسلحين للاستحواذ على مدينة الحويجة كونها قلب المناطق الساخنة وموقعها يتيح التنقل الى المحافظات السنية. وتنتشر عشائر الجبور في مناطق الحويجة وفي محاذاة الموصل ومخمور وبيجي واربيل وكركوك والدبس، وتعتمد في معيشتها على زراعة القطن والحنطة والشعير. ومعلوم أن الحويجة وحدها سلة خبز العراقيين، كما أنها المركز الأول للقطن إذ تزرع ما نسبته 58 في المئة من الانتاج الاجمالي للبلاد. وفي هذا السياق، أكدت مجموعة من شيوخ عشائر محافظة ديالى أن عملية"رأس السهم الحارق"التي بدأت في المحافظة الثلثاء الماضي، لم تستهدف القواعد الرئيسية لعناصر تنظيم"القاعدة في بلاد الرافدين"، بل ركزت على مناطق ثانوية. جاء ذلك في وقت أعلن فيه الجيش الاميركي أن الحملة العسكرية التي انطلقت لتطهير المحافظة من تنظيم القاعدة ستستمر لأيام. وقال الشيخ علي البرهان شيخ عشائر عزة ورئيس مجلس شيوخ العشائر في محافظة ديالى ل"الحياة"إن هذه العملية ركزت على بعض المناطق الثانوية في المحافظة، وأهملت مناطق رئيسية لتنظيم"القاعدة"مثل ناحية كنعان وأبي صيدا وغيرها. وأكد أن تطهير المحافظة من تنظيم"القاعدة"يحتاج الى توسيع العملية في جميع الأقضية والنواحي التي تسيطر عليها وعدم اقتصارها على مركز مدينة بعقوبة. ورأى شيخ عشيرة السواعد في المحافظة الشيخ مشعان الساعدي أن إشراك العشائر في عملية"رأس السهم الحارق"ستؤول الى مشكلات كبيرة بين عشائر المحافظة. وقال ل"الحياة"إن العشائر منقسمة بين مؤيد ومعارض للتعاون مع القوات الأميركية في حربها ضد"القاعدة"، لافتاً الى أن بعض هذه العشائر يواجه تهماً بالخيانة لوقوفه الى جانب الأميركيين، وهو ما يعني أن العملية قد تؤول الى فتنة لاحقة بين عشائر المنطقة. ولفت إلى أن"القاعدة"بدأت عمليات استهداف واسعة للعشائر التي ترفض وجودها في مناطق نفوذها. وقال إن بعض العشائر يرفض أي نوع من أنواع التعاون بين العشائر وآخرين على رغم رفضه وجود"القاعدة"هناك ورغبته في التخلص من نفوذها الواسع في المحافظة. وأكد أن هذه العشائر تفضل مواجهة"القاعدة"من دون تدخل الجانب الاميركي في القضية. وأعلنت القوات الاميركية في بيان تلقت"الحياة"نسخة منه أن عملية"رأس السهم الحارق"التي بدأت في محافظة ديالى قبل أربعة أيام ستستمر حتى تطهير المحافظة من عناصر تنظيم"القاعدة"الذي يفرض سيطرته على عدد من الأقضية والنواحي في المحافظة، فضلاً عن بعض الأحياء السكنية داخل بعقوبة. كما أكد البيان اعتقال عشرات من عناصر التنظيم ومقتل مجموعة كبيرة منهم والعثور على عدد من مخابئ الأسلحة التابعة له.