استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي امس زعيم "الجبهة الوطنية الفرنسية" اليمين المتطرف جان ماري لوبن في بادرة جديدة تعبر عن رغبته بالقطيعة والتمايز عن سلفه جاك شيراك. وحيا لوبن في ختام لقائه مع ساركوزي في قصر الإليزيه الذي لم يزره منذ سنة 1974، ما وصفه بپ"البادرة الديموقراطية"لرئيس الجمهورية والتي تضع حداً لوضع"غير طبيعي". ومعلوم ان افكار لوبن العنصرية المتطرفة، وميله الدائم الى تحميل المهاجرين والأجانب مسؤولية المشاكل القائمة في فرنسا، جعلت الرئيس الراحل فرانسوا ميتران يمتنع عن استقباله وعن إجراء أي اتصال به على مدى ولايتيه الرئاسيتين اللتين استمرتا 14 عاماً. ولم يختلف الأمر مع تولي الرئيس السابق جاك شيراك الحكم، كونه يكن رفضاً عميقاً لأفكار لوبن ومواقفه، ولم يقدم بدوره على استقباله خلال ولايتيه الرئاسيتين اللتين استمرتا 12 عاماً. لكن شيراك ذهب ابعد من ذلك، عندما رفض عام 2002 المناظرة التلفزيونية التقليدية بين المرشحين للدورة الثانية لانتخابات الرئاسة، بعدما نجح لوبن في البقاء في السباق ملحقاً هزيمة قاسية بالمرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان. ولا شك في ان استقبال ساركوزي لوبن، يعد مؤشراً الى نهاية الحظر الذي كان مطبقاً عليه في عهد شيراك، وهو ما جعل الزعيم اليميني المتطرف يؤكد للصحافيين ان"من غير الطبيعي ألا تعتبر الجبهة الوطنية قوة سياسية كسواها". وذكر ان محادثاته مع ساركوزي تناولت"المشاريع الأوروبية"التي يعتزم طرحها و"أبلغته بما يعرفه سلفاً، وهو التباين العميق بيننا حول هذا الموضوع". وكانت الجبهة الوطنية اشارت الى ان لوبن دعي لمقابلة ساركوزي في إطار الاتصالات التي يجريها مع ممثلي مختلف القوى السياسية الفرنسية قبل قمة بروكسيل الأوروبية. ورداً على سؤال عما اذا كان فخوراً لوجوده في القصر الرئاسي، اجاب لوبن باستياء:"لا يا سيدي فقد سبق لي ان جئت الى هنا وهذا معروف، فلدي حياة سياسية عمرها 50 عاماً والتقيت خلالها رؤساء آخرين". وكان لوبن الذي بدأ حياته السياسية عام 1956، زار الإليزيه في عهد الرئيس رينيه كوتي، في ظل الجمهورية الرابعة، ثم خلال تولي ألان بوهير الرئاسة موقتاً في ظل الجمهورية الخامسة 1969 و1974. وتأتي هذه الزيارة عقب هزيمتين مؤلمتين واجهتهما الجبهة الوطنية اخيراً في الانتخابات الرئاسية ثم الاشتراعية التي لم تفز عبرها بأي مقعد وأظهرت تدهور شعبيتها الى ادنى مستوياتها حيث بلغت 4.29 في المئة. وعلى امتداد الحملتين، شن لوبن هجوماً حاداً على ساركوزي متهماً إياه بالسطو على شعبية جبهته وعلى طروحاتها. وعندما كان يسأل ساركوزي عن مدى صحة اتهام لوبن له باستعارة افكاره، كان يجيب:"لما لا إذا كانت هذه أفكار ومشاعر الشعب الفرنسي". ولدى كشفه في حديث ادلى به الى صحيفة"لوفيغارو"مطلع الشهر الجاري، عن عزمه استقبال لوبن للتشاور معه، تساءل ساركوزي:"لماذا استبعده طالما ان لديه اعضاء منتخبين"من الشعب الفرنسي.