خسرت "حماس" التي اختارت، في أوج انفجار العنف، الانحياز إلى سياسة دمشق، مشروعية سياسية كان فوزها الانتخابي شرع يرسيها على ركن حقيقي. وقد يقال ان"حماس"لم تفعل غير استبدال محور أحلاف بمحور آخر، وطوت العهد الذي كان حلفها بطهران يتقدم روابطها الأخرى، وأولها علاقتها بدمشق. وفي صيف 2006، حمل الجناح الإيراني المتشدد"حزب الله"اللبناني قسراً على مد يد العون إلى"حماس"، ومناوشتها الدولة العبرية. وكان الجناح المتشدد يقصد من وراء إبراز محور"حماس"-"حزب الله"إلهاء الأنظار، وصرفها عن الانتباه إلى الحال العراقية المقلقة. فالحلف بين حركة سنية متطرفة وبين حزب شيعي أصولي كان يفترض فيه ان يبدد صورة حرب أهلية عراقية عامة. ولكن انحياز"حماس"إلى دمشق يوهن الحلف هذا. وهو قرينة على تعثر العلاقة بالقطب الأصولي الإيراني. فحرص"حزب الله"اللبناني على ألا يتورط في حرب الجيش اللبناني، المتعدد الطوائف، على الاحتياط الذي جندته دمشق من أنصارها وأنصار"القاعدة". وإيران أخلفت الموعد مع الكتل السنية المتطرفة. ولا علم لأحد بالوقت الذي قد يدومه اعتدال طهران الجديد. وهو، على الأرجح، ثمرة موجة تضامن شيعية على طرفي الحدود الإيرانية ? العراقية. وعلى هذا، فپ"حماس"إنما تروح إلى الجبهة، وتقاتل لمصلحة نظام دمشق بناء على وعد سوري بتبني إيران حربها. وتأخر إنجاز الوعد. وقد يفضي التعثر إلى إلحاق كارثة استراتيجية بالجبهة الأصولية التي يأمل بعضهم في إنشائها بين كلية الشريعة في الأزهر ومدارس قم. ولكن ميل إيران إلى معسكر الاعتدال النسبي لا يدفع عن مصر الآثار الوخيمة المترتبة على حوادث غزة، فانتحار حركة وطنية فلسطينية، وتشرذمها الجغرافي والإيديولوجي، قد يؤديان، على نحو غير متوقع، إلى تهديد الدولة المصرية. فمن دارفور إلى شوارع القاهرة، تمتحن مصر على جبهات كثيرة. عن ألكسندر آدلر "لوفيغارو" الفرنسية، 16- 17/6/2007