شن الجيش اللبناني أمس هجوماً عنيفاً على ما تبقى من المعاقل الأخيرة لعناصر "فتح الاسلام" في مخيم نهر البارد، وأحكم سيطرته شبه التامة على المخيم الجديد بعدما دخل آمس الى آخر معقلين وهما مبنى التعاونية ومجمع مدارس"أونروا"وأصبح على الخط الفاصل بين المخيم الجديد والمخيم القديم الذي فرّ إليه المسلحون. وفي موازاة الشق الميداني الذي استخدم فيه الجيش مجدداً مروحيات"غازيل"، طغت معلومات عن وجود خلافات بين قيادات"فتح الاسلام"خصوصاً بين القائد العسكري الجديد شاهين شاهين وسلفه شهاب القدور الملقب ب"أبو هريرة". وبينما تحدثت المعلومات عن اتجاه الأول الى الايجابية وانهاء القتال، أفادت بأن"أبو هريرة"مصر على القتال حتى الموت، في حين تردد أن قائد التنظيم شاكر العبسي فرّ مع عدد من العناصر الى وسط المخيم القديم. وما أكد وجود الخلافات ما نقله وفد"رابطة علماء فلسطين"عن شاهين الذي التقاه أول من أمس"أن العبسي و"أبو هريرة"لم يعد لهما وجود". وبينما رجح عضو الرابطة الشيخ علي يوسف أن العبسي و"أبو هريرة"قتلا، سقط للجيش أمس شهيدان في حين تحدثت معلومات عن الكثير من القتلى في صفوف"فتح الاسلام"وعن وجود مقابر جماعية له وجثث في الشوارع. وأجبرت كثافة القصف المدفعي عناصر"فتح الإسلام"على التراجع إلى حدود المخيم القديم، فيما أصبح الجيش على بعد أمتار من المخيم القديم. وكان الجيش ركز قصفه على محيط مدارس"أونروا"حيث توجد بعض المخابئ والملاجئ وهو المعقل الأخير ل"فتح الاسلام"، وكذلك على مبنى التعاونية الى أن تمكن بعد الظهر من احكام سيطرته عليهما. وشهد حي المهجرين الذي يقع بين مركز"صامد"والتعاونية اشتباكات عنيفة بين الجيش ومجموعات من"فتح الاسلام"، فيما ساد الهدوء المحور الجنوبي. ونقلت"الوكالة الوطنية للإعلام"عن شهود عيان أن"بعض القادة والعناصر لجأوا إلى المخيم القديم، بعد إحكام سيطرة الجيش على المخيم الجديد وتوجيه ضربات قاضية إلى معاقلهم، موقعاً فيهم العديد من القتلى والجرحى. كما أفيد عن وجود مقابر جماعية وجثث للمسلحين في شوارع المخيم". وأكدت مصادر آمنية ل"الحياة"وصول الجيش الى مشارف المخيم القديم، الذي لن يدخله، انما أبلغ كل الفصائل الفلسلطينية بأنه لن يتوان عن الرد على أي اعتداء يتعرض له دفاعاً عن النفس. ونعت قيادة الجيش اللبناني الرقيب أول الشهيد وسام محمد شاكر مواليد 1980 مشحا ? عكار، والرقيب الشهيد خضر علي حروق مواليد 1970 بطرماز - الضنية متأهل وله 6 أولاد، اللذين"استشهدا أثناء قيامهما بالواجب العسكري في مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في الشمال". مفاوضات من ناحية ثانية، أعلنت"رابطة علماء فلسطين"برئاسة الشيخ داود مصطفى أن مفاوضاتها مع"فتح الاسلام"تحرز تقدماً. وتحدث مصطفى عن"إيجابيات كبيرة بعد الاجتماع مع القائد العسكري ل"فتح الاسلام" شاهين شاهين"، وأن"هناك آلية عمل متكاملة"، موضحاً أن الرابطة طلبت موعداً من قائد الجيش العماد ميشال سليمان لوضعه في الصورة. وعلمت"الحياة"أن الاجتماع سيعقد مع مدير المخابرات العميد الركن جورج خوري. وتحدث عضو الرابطة الشيخ علي يوسف ل"وكالة الأنباء المركزية"عن أجواء اجتماع الوفد مع شاهين، موضحاً أن"اللقاء كان ممتازاً وايجابياً الى ابعد الحدود، وأبدى شاهين استعداداً تاماً لتسليم المواقع كلها والسلاح أيضاً والانكفاء الى داخل المخيم القديم". وأضاف:"أخذنا موافقته على النقاط المطروحة في المبادرة والتي طرحها أساساً الجيش اللبناني وغداً صباحاً سنعقد لقاء مع قيادة الجيش لنقل موافقة"فتح الاسلام"وعرض برنامج الحل تفصيلياً والذي في حال وافقت عليه القيادة فسيصار عندها الى وقف اطلاق النار وصولاً الى الحل النهائي المنشود". وعمّا إذا وافق شاهين على تسليم المطلوبين الذين قتلوا عناصر الجيش، قال:"هناك حالة ارباك و"ضعضعة"في صفوف هؤلاء ويمكن الوصول الى مثل هذه النتيجة لكن الخطوة الأولى تكمن بانسحاب مَن تبقى منهم خصوصاً بعدما قتل معظمهم. وأكدوا لنا أن الذين اعتدوا على الجيش ورّطوا"فتح الاسلام"في هذه القضية، وهم لا يوافقون على هذا العمل، قتلوا خلال المعارك الضارية". وعن مدى صدقية هذا الكلام قال:"الحقيقة تقول ان حجم القصف الذي طاول معاقل المسلحين في المواجهات الأولى قضى على هؤلاء فسقطوا بمعظمهم بين قتيل وجريح". وعن العبسي و"أبو هريرة"أكد يوسف"أن شاهين قال إن العبسي لم يعد موجوداً ويستحيل الاتصال به أو ب"أبو هريرة"وربما كان ثمة إشكال بينهم أدى إلى عزلهما، فاتخذت القيادة الجديدة هذا القرار وأطاحت القيادة السابقة لأنها أودت بالتنظيم الى ما وصل إليه ويبدو ان المجموعة السابقة قتل معظم عناصرها والمؤكد ان العبسي و"أبو هريرة"أصيبا إصابات بالغة جداً، والمعلوم ان كل مَن يصاب إصابة بالغة من"فتح الاسلام"يموت لا محالة لأنه لا توجد غرف عمليات ولا طبابة ولا حتى طبيب وهذا ما يؤكد مقتلهما". ورجح ان يكون"عدد المسلحين المتبقين لا يتجاوز المئة بعد العدد الهائل من الإصابات والقتلى في صفوفهم"، آملاً ب"انتهاء الازمة قريباً جداً". وقال عضو"رابطة علماء فلسطين"الشيخ محمد الحاج إن"اللقاء الذي حصل أول من أمس مع شاهين هو تتويج لكل اللقاءات السابقة، وأخذنا الموافقة النهائية ل"فتح الاسلام"على البنود التي اقترحتها الرابطة". الى ذلك أكد مصدر في قيادة الجيش ل"الحياة"ان لا موعد لوفد الرابطة مع العماد سليمان وان التفاوض من صلاحيات السلطة السياسية وان وحدات الجيش عازمة على إنهاء الظاهرة الارهابية وسوق مرتكبي الجرائم ضد عناصر الجيش الى العدالة لمحاكمتهم، وان الجيش مصرّ على التثبت من كل المعلومات المتعلقة بعناصر"فتح الاسلام"وقياداتها خصوصاً في ظل ترجيحات تفيد بأن شاكر العبسي وشهاب القدور "أبو هريرة" قتلا. علماً ان طبيبهما أحمد أبو مرسى موقوف لدى الجيش". واستغرب مصدر قيادي فلسطيني في الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير في"البارد"ما يشاع من حين الى آخر عن مبادرة لوفد"علماء فلسطين"باتجاه السلطة اللبنانية وقيادة الجيش. ونقل المصدر عن مسؤولين فلسطينيين مقيمين في"البارد"ان وفد العلماء لم يجر معهم حتى الساعة أي اتصال. وان لا علم لهم بوجود وساطة فعلية وان ما يقال على هذا الصعيد تتداوله معظم وسائل الاعلام نقلاً عن الشيخ الحاج. وسأل المصدر:"كيف يستمر الشيخ الحاج في الحديث عن مبادرة او تحرك مع انه لم يتشاور معنا في شأن ما يطرحه". Mسأل عن المصلحة في استبعاد فصائل منظمة التحرير عن الحوار اذا كان يرغب في التوصل الى حل لإنهاء الوضع الشاذ. وغمز المصدر من قناة"رابطة علماء فلسطين"وقال ان تحرك الوفد لا يزال محصوراً في النطاق الإعلامي، مشيراً ايضاً الى ان الوفد يتحرك بطلب مباشر من حركتي"الجهاد الاسلامي"و"حماس"وانه يشكل لهما الغطاء المباشر ظناً منه انه قادر على استبعاد فصائل منظمة التحرير من اعادة الهدوء الى المخيم بعد القضاء على ظاهرة"فتح الاسلام"،"خصوصاً ان الواقع على الارض لا يستطيع ان يلغيه تحرك من هنا او مبادرة من هناك". ونفذت أمهات مسعفي الصليب الأحمر اللبناني في طرابلس"ساعة صمت"أمام مقر الصليب الأحمر في طرابلس، تضامناً مع أمهات المسعفين الشهيدين بولس معماري وهيثم سليمان اللذين استشهدا أثناء تأدية واجبهما الإنساني في مخيم نهر البارد.