دارت أمس مواجهات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحي "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد شمال لبنان على كل المحاور، خصوصاً المحور الشرقي قرب مسجد القدس الذي شهد للمرة الأولى اشتباكات بهذه الضراوة. وأفادت المعلومات عن التحام مباشر ومواجهات من على بعد بضعة أمتار، وتحدثت معلومات عن سقوط عشرات المسلحين بين قتيل وجريح. ووسع عناصر تنظيم"فتح الإسلام"أمس مروحة استهدافاتهم خارج المخيم بإطلاق صواريخ عدة في اتجاه شماله، ما أدى الى استشهاد مسعفين من الصليب الاحمر اللبناني هما بولس معماري وهيثم سليمان وإصابة ثالث بجروح بليغة، وكذلك جرح عضو"رابطة علماء فلسطين"الشيخ محمد الحاج علي. ودارت اشتباكات عنيفة على المحور الشمالي في اتجاه مركز"صامد"، حيث استطاع الجيش أن يحقق تقدماً بارزاً، وأصبح على مسافة قريبة منه حيث وقعت مواجهات عنيفة أحبط خلالها الجيش محاولة تسلل لمجموعة من"فتح الإسلام"وقضى عليها. ورصد تحرك لآليات الجيش ومجنزراته في هذه المنطقة. وكانت المواجهات العنيفة بين الجيش و"فتح الاسلام"اندلعت صباح أمس إثر محاولة تسلل جديدة للمسلحين في اتجاه النهر، فردت وحدات الجيش بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على مرابض مدفعية الهاون والمواقع التي أقامها المسلحون في محيط مدارس"اونروا"في المنطقة الغربية، وحققت إصابات مباشرة. وتسببت المعارك الضارية باقفال الأوتوستراد الدولي الذي يربط بين عكار وطرابلس، بعدما كان سالكاً بحذر في الصباح. وصنفت الاشتباكات العنيفة على المحور الشرقي بأنها أمر مستجد، باعتبار ان الحرارة كانت تسجل عادة على المحورين الشمالي والجنوبي، لكن الجيش أحرز مزيداً من التقدم وأحكم حصاره على المسلحين في مناطق محددة، كما تقدم في اتجاه مزيد من المباني التي كان المسلحون يستخدمونها لإطلاق رصاص القنص والقذائف الصاروخية باتجاه مواقع الجيش او لاستهداف القرى المجاورة كالمحمرة او ببنين. تشييع الشهداء وأمس شيعت قيادة الجيش 10 عسكريين استشهدوا"اثناء قيامهم بالواجب العسكري"في اليومين الأخيرين وهم: المؤهل حنا فاهمة من رحبة - عكار، والرقيب أول رامي صعب من الكحلونية - الشوف، والرقيب جرجس البيسري من الحوارة - زغرتا، والرقيب الياس البعيني من دورس- بعلبك، والرقيب بسام أيوب من تل عباس الغربي- عكار، والعريف ساري العلي من تكريت -عكار، والعريف عبد الرحمن المصطفى من الشيخ زناد-عكار، والعريف ماجد جرجس من عدبل - عكار، والعريف خالد سبسبي من ببنين-عكار، والعريف عبدالله طالب من ببنين-عكار. تفكيك التنظيم في موازاة ذلك، ظلت محاولات المساعي لايجاد حل للأزمة قائمة ودخل وفد"رابطة علماء فلسطين"أمس مجدداً الى المخيم بعدما كان التقى أول من امس القائد العسكري الجديد لپ"فتح الإسلام"شاهين شاهين، وأصيب رئيسه الشيخ محمد الحاج علي بجروح لدى مغادرته المخيم. وقال عضو الرابطة الشيخ علي يوسف الذي شارك في اللقاء، لپ"المركزية":"اتصالاتنا مستمرة مع قيادة الجيش و"فتح الاسلام"والقيادات السياسية، قابلنا شاهين شاهين وبحثنا معه في نقاط تفاوض عدة ووجدنا في كلامه ليونة كبيرة وإمكاناً للحل وقبولاً بنقاط كثيرة عرضناها عليه وفي اعتقادنا يمكن ان يقبل الجيش بالكثير منها وهي في مجملها تؤدي الى تفكيك ظاهرة"فتح الاسلام"على مراحل وصولاً الى إنهاء الازمة في شكل كامل، ولمسنا من"فتح الاسلام"ايجابيات كبيرة ونأمل خيراً". وعن تسليم القتلة الى الجيش، قال:"يمكن التوصل الى النتيجة البعيدة في هذا السياق وفق ضمانات وترتيبات معينة، التسليم المباشر غير وارد الآن، إلا أننا نتفاوض في نقاط يريدها الجيش اللبناني والاتصالات متواصلة". وأضاف:"سنجتمع مع اللجنة المشتركة الفلسطينية لأن لهم دوراً في المرحلة المقبلة". ونفى يوسف أن تكون ليونة"فتح الاسلام"نتيجة للخسائر، موضحاً"أنهم ليسوا في وضع"محشور"، فهم موجودون على الارض، ولديهم قدرة عالية على التحرك، إلا انهم وبناء على كلام العلماء والمشايخ شعروا بضرورة وقف حمام الدم وأكدوا انهم استدرجوا الى هذه المعركة فهم لا يريدونها ولا يريدون قتال الجيش وليس لهم معركة مع الجيش في الأساس وهم مقتنعون تماماً بهذه الفكرة أي أنهم استدرجوا الى فتنة كبيرة، ويودون وقف إطلاق النار حتى لو كان على حسابهم في كثير من النقاط التي طرحناها. وأوضحنا لهم بالبعد الشرعي بأن ما يحصل غير جائز شرعاً". وسئل يوسف:"قابلتم شاهين شاهين أم شاكر العبسي؟"، فأجاب:"قابلنا شاهين باعتباره يتولى الآن التفاوض، ونحن حريصون على التحدث معه لأنه هو الذي يملك القرار". وپ"هل شاهين هو نفسه شاهين الشامي؟"، أجاب:"هو نفسه شاهين شاهين، وهو ليس سعودياً كما يشاع ولا لبنانياً انه فلسطيني من سكان الأردن وأصله من نابلس في فلسطين". ونفى أن يكون الوفد قابل شاكر العبسي، وأوضح:"قابلناه مرات عدة في السابق إلا انه راهناً في ترتيب أمني خاص به، ونحن لم نطلب مقابلته". وعن صحة المعلومات عن اصابته وعدد من مسؤولي التنظيم امثال"أبو هريرة"؟ قال:"ثمة إصابات موجودة لكنها بسيطة جداً، شاكر العبسي بصحة جيدة، وليس مصاباً أبداً بحسب ما قال لنا شاهين الذي عرض علينا مقابلته، لكننا لم نرد ذلك لأن شاهين قادر على الرد على ما طرحناه في التفاوض". وعن سبب انكفاء العبسي وپ"أبو هريرة"وحلول شاهين محلهما قال:"بسبب ترتيبات خاصة بهم". وعما نقله الداعية فتحي يكن عن أن الأمر اصبح في يد"القاعدة الدولية"؟ قال يوسف:"هذا كلام غير صحيح إطلاقاً، وليس هناك"قاعدة"في نهر البارد وهم لا ينتمون الى"القاعدة"وقد حلفوا لنا يميناً على ذلك، وما يقال في هذا السياق محضّ افتراء وكذب، ولا يصح ان يقال عنهم هذا، وقالوا انه لو كان عندهم ارتباط ب"القاعدة"لكانت حضرت وساعدتهم بطريقة أو بأخرى أو حتى أعلنت ذلك". وعن أعمال الدهم التي أدت الى توقيف عناصر من"فتح الاسلام"في البقاع واعتراف بعضهم بمخططات تخريبية. قال يوسف:"نحن لا نعلم مدى هذه الاعترافات وكيفية حصولها وإذا ما كانت تمارس ضغوط على هؤلاء وهل هم حقاً ينتمون الى"فتح الاسلام"أو لا، هذه قضية شائكة جداً، لكن وكما يؤكدون انهم موجودون فقط في مخيم نهر البارد وليست لهم ذيول في أي مكان آخر، يحاولون الاتصال بأناس ليأخذوا منهم النصرة لكن هناك إجماعاً فلسطينياً كاملاً على عدم الدخول في هذه المعارك". وعن نسبة نجاح المبادرة؟ قال:"نأمل خيراً ونتمنى ان نصل الى نتائج تنهي المأساة الكبيرة". وأوضح أن"وفد الرابطة دخل أمس مجدداً الى المخيم ولدينا لقاء غداً اليوم مع قيادة الجيش لنقل الأفكار المتبادلة، عسى ان نصل الى نتيجة على رغم الصعوبات المتعلقة بكثير من التجاذبات السياسية المحلية والإقليمية". وفي الإطار نفسه، اعتبر عضو المكتب السياسي لپ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"مروان عبد العال في حديث الى"وكالة اخبار لبنان"ان"العناصر التي ما زالت تقاتل من"فتح الإسلام"نواة صلبة، أي تقاتل حتى آخر رمق دون استسلام". وقال:"لهذا تريد جعل كلفة القتال عالية وغالية للجيش اللبناني ثم لأبناء المخيم". وقال عبد العال:"عندما كانت الفصائل الفلسطينية تتفاوض مع"فتح الإسلام"، كانت مرجعيتها العليا ترد بعد أسبوع او أربعة ايام. من الواضح ان قرارهم من الخارج". الإغاثة على الصعيد الإنساني، تواصل تقديم المساعدات من جهات محلية ودولية لنازحي نهر البارد. وأعلنت السفارة المصرية في لبنان وصول طائرة مساعدات محملة ب 20 طناً من المواد الغذائية والأدوية والمساعدات الطبية وكمية من الخيام والأغطية فضلا عن كميات من مياه الشرب. وتسلمت الهيئة العليا للإغاثة اللبنانية حمولة الطائرة لتسليمها الى النازحين. وأطلع ممثل الهلال الأحمر الكويتي مساعد راشد العنزي أمس على الأوضاع الإنسانية في مخيمي نهر البارد والبداوي تمهيداً لتوفير المستلزمات الضرورية للنازحين والمتضررين. وقدمت لجنة"عائلات لبنان"بالتعاون مع جمعية"نساء من اجل القدس"معونات عينية الى هيئة الطوارئ للإغاثة، في مبادرة تضامنية. وجال وفد فرنسي من جمعية"ميزون دي تيول"على المخيمات الفلسطينية في بيروت والشمال، واطلع على أوضاع النازحين. الحريري ودان رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري بشدة"الجريمة الإرهابية الجديدة، التي ارتكبتها عصابة شاكر العبسي بحق مسعفين من الصليب الأحمر اللبناني، كانوا يؤدون واجبهم الإنساني في مساعدة المدنيين الأبرياء والتخفيف من معاناتهم جرَّاء الاعتداءات الإجرامية التي تنفذها هذه العصابة الإرهابية ضد الجيش اللبناني والمواطنين الأبرياء في مخيم نهر البارد". وردت"الجماعة الإسلامية"على الرئيس السابق أمين الجميل، مؤكدة أن"مجموعة العبسي ليست موجهة ضد المسيحيين بل ضد كل أطياف الشعب اللبناني". وحذرت من"اللعب بالنار"، داعية الجميل الى توضيح كلامه عن أن المسيحيين لن يقفوا مكتوفين في حال وصلت الأمور الى تهديد حقيقي. وسألت:"هل هي دعوة الى الأمن الذاتي؟ والى من يوجه هذا التحذير، الى المسلمين الذين أجمعوا على استنكار الظاهرة أم الى الفلسطينيين الذين كانوا ضحية لمخطط لا علاقة لهم به؟".