تلقى الرئيس محمود عباس مجددا الدعم من كل من واشنطن واللجنة الرباعية الدولية ومجلس الجامعة العربية، في وقت عكف على وضع اللمسات الاخيرة على "حكومة الطوارئ" التي كلّف سلام فياض بتشكيلها، والتي من المقرر اعلانها في موعد لا يتجاوز ظهر اليوم. في المقابل، اتخذت حكومة "حماس" المقالة أولى قراراتها الامنية بعد استيلائها على قطاع غزة، اذ اعلنت تشكيل مجلس أعلى للشرطة ومنعت ارتداء الاقنعة في الشوارع، في حين هددت بنقل القتال الى الضفة الغربية ما لم توقف حركة"فتح""الارهاب"ضد عناصرها. راجع ص 2 و3 وبدا امس ان ملامح عزل"حماس"في قطاع غزة والفصل بين قطاع غزةوالضفة الغربية أخذت تتكرس. وفيما مضى عباس في قراره تشكيل حكومة طوارئ، رافضاً عرضاً من الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى لمصالحته مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي ل"حماس"قبل عودة الامور الى ما كانت عليه في قطاع غزة، كشف مسؤول في مكتب الرئاسة الفلسطينية ان القنصل الاميركي العام جاكوب والاس ابلغ الرئيس الفلسطيني ان الادارة الاميركية سترفع الحصار عن الحكومة الجديدة فور تشكيلها. في الوقت نفسه، اكدت اللجنة الرباعية الدولية في بيان دعمها قرارات عباس، واصفة حكومة الطوارئ بأنها"مشروعة وقانونية"، وذلك رغم ان البيان لم يتضمن اي اشارة الى نية اللجنة رفع حظرها على المساعدات المباشرة للحكومة الفلسطينية كما هو متوقع على نطاق واسع. وفي اسرائيل، أكدت أوساط قريبة الى رئيس الحكومة ايهود اولمرت أنه سيحاول خلال زيارته لواشنطن التي يبدأها اليوم إقناع الإدارة الأميركية بتبني فكرة"الفصل السياسي والجغرافي"بين قطاع غزة والضفة على اعتبار الأول"كياناً معاديا"يحق للجيش الإسرائيلي تنفيذ العمليات العسكرية فيه متى وكيفما شاء، في مقابل دعم الضفة اقتصادياً وتعزيز مكانة عباس بمختلف الوسائل"علناً وسراً"وضمان"ألاّ تكون الضفة تحت وطأة الإرهاب"من خلال العمل المتواصل"لمنع حماس من أن تطل برأسها". كما كثرت الاشارة إلى عودة إسرائيل إلى المربع القديم في شأن"التقاسم الوظيفي"بين مصر والأردن، وهو ما عبر عنه أحد وزراء حكومتها الأمنية المصغرة رافي ايتان وغيره من المسؤولين الذين يرون ان مصر ستجد نفسها مضطرة إلى معالجة التطورات في القطاع لتحمي نفسها من تبعات ما حصل وبذلك تحرر إسرائيل من مسؤولياتها كدولة احتلال، على أن يعود الأردن ليتسلم مهمة إدارة شؤون الضفة. عربيا، اكدت مصر انها ترى ان الحكومة التي سيعلنها عباس هي"الحكومة الشرعية التي أكد القرار الصادر عن اجتماع الوزراء العرب على شرعيتها، وما عداها فهو غير شرعي". وطالب وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل بتحريم الاقتتال الفلسطيني، في حين دعا وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى تفعيل"اتفاق مكة". وبموازاة هذا الدعم العربي والدولي، اتخذت حكومة هنية المقالة اولى قراراتها بعد السيطرة على قطاع غزة، اذ اعلن هنية تشكيل مجلس اعلى للشرطة تكونه مهمته تسيير عمل ادارات الشرطة وحفظ الامن والنظام، كما منعت"حماس"المسلحين من ارتداء الاقنعة، باستثناء الناشطين الذين ينفذون هجمات ضد اسرائيل. وفيما دعا الناطق باسم وزير الداخلية خالد ابو هلال الضباط وافراد الشرطة الى العودة الى مراكز عملهم او سيتم فصلهم واستبدالهم، اصدر المدير العام للشرطة الفلسطينية العميد الركن كمال الشيخ قرارا للعاملين في جهاز الشرطة في المحافظات الجنوبية بالتوقف عن الدوام وعدم التعامل مع وزارة الداخلية والحكومة المقالة. وأثارت الهجمات المتعددة التي شنتها عناصر"فتح"على انصار"حماس"ومكاتب مرتبطة بها في الخليل ونابلس وجنين ورام الله في الضفة مخاوف من توسع الاقتتال وانتقاله الى الضفة، في وقت دعا زكريا الزبيدي احد قادة"كتائب شهداء الاقصى"المنبثقة عن"فتح"امس ناشطي"حماس"في الضفة الى تسليم اسلحتهم الى السلطة. وقال المسؤول في"حماس"سامي أبو زهري ان 150 من أنصار"حماس"في الضفة"خطفوا". واكد أن"حماس"لن تقف مكتوفة الايدي حيال"هذه الجرائم في الضفة"وستتخذ كل الخطوات اللازمة لضمان وضع حد لها. في غضون ذلك، افادت مصادر طبية فلسطينية ان اربعة ناشطين من"فتح"قتلوا في مناطق مختلفة من قطاع غزة برصاص مسلحين مجهولين، كما تم العثور على جثتين لعضوين من"حماس"في مقر الامن الوقائي في غزة كانا قتلا قبل ايام. وخيم الهدوء الحذر على قطاع غزة امس، وسط مخاوف المواطنين من المستقبل المجهول، فاقمتها عشرات الاسئلة التي لا تحمل اجابات، اضافة الى اشاعات كثيرة مثل نية اسرائيل قطع الكهرباء والماء عن القطاع والابقاء على اغلاق المعابر. والتزم المواطنون ورجال الشرطة منازلهم، فيما توارى انصار"فتح"عن الانظار خوفا من عمليات انتقام، وهرب العديد من قادة الاجهزة الامنية و"فتح"الى الضفة بانتظار ان تتضح نتائج"الانقلاب"في غزة، حسب قول بعضهم. ولعل الامر الايجابي الابرز في هذه التطورات، هو توقع اطلاق الصحافي في"هيئة الاذاعة البريطانية"بي بي سي آلان جونستون قريبا جدا، وذلك بعد اللهجة الحاسمة التي استخدمتها"حماس"في مطالبة خاطفيه باطلاقه طوعا، مهددة باستخدام القوة لاطلاقه.