زار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المرجع الديني الأعلى علي السيستاني في منزله في النجف، ودار بين الزعيمين الدينيين الأكثر تأثيراً حديث لم تكشف تفاصيله، وطال اللقاء أكثر من ساعتين. مصدر مقرب من مكتب السيستاني اكد ل "الحياة" انه "حض الصدر على التهدئة وعدم الانجرار الى حرب داخلية شيعية - شيعية"، وقال المصدر ان"السيستاني طلب من الصدر عدم اللجوء الى السلاح، وحل القضايا المختلف عليها بوسائل سلمية". وأشار المصدر الى ان السيستاني"حريص على حقوق الشيعة، ويعتقد ان المشاكل الداخلية المستمرة تهدم العملية السياسية وتضيع حقوقهم، وعلى كل القوى الشيعية ان تقف صفاً واحداً لأن هنالك مؤامرات تحاك ضدهم في الخفاء". وتابع المصدر القريب من المرجعية، رافضاً ذكر اسمه ان"المرجع الاعلى يغضب أحيانا من كون الشيعة باتوا يتجاهلون دعواته الى التهدئة ولجوئهم الى الجماعات المسلحة التي تعدهم بالحماية من عنف المتطرفين السنة، وبالثأر من هجماتهم". وعلى رغم تحول الآلاف من الشيعة عن مرجعية السيستاني الى الصدر الذي لا يملك درجة دينية علمية تسمى"الأعلمية"، ويقلد رجل الدين الموجود في طهران كاظم الحائري الذي ظل دوره غامضاً في التأثير في تيار الصدر او توجيه اتباعه. ويقول صباح علي، وهو طالب في كلية الهندسة جامعة بغداد، ان سبب تحوله عن مرجعية السيستاني، جاء بعد مقتل أخيه على يد مسلحين سنة فذهبت الى وكيل السيستاني طلباً للثأر فنصحه بالذهاب الى الشرطة، لكنه لجأ الى مكتب الصدر، فقالوا لي"لا تقلق سننتقم لأخيك، وبعد ذلك بيومين قتل تسعة من عائلة القاتل، وعندها فقط شعرت بالانتقام لأخي. انا أؤمن بأن الصدر هو الوحيد الذي يحمي الشيعة من الارهابيين". لكن موجة العنف الطائفي التي وضعت الصدر في قمة الاهتمام الشيعي سرعان ما تراجعت لصالح المرجعيات الاكثر عقلانية، ومع تصاعد التهم الموجهة الى"جيش المهدي"بارتكاب أعمال عنف مروعة انحسر التأييد للصدر. احد المختصين في شؤون المرجعية يعتبر تلك التحولات السريعة في المزاج الشعبي الشيعي"طبيعية، في ضوء انفتاح المذهب على الاجتهاد وصعوبة اقناع العراقيين بزعيم ما". ويروي اهالي مدينة النجف خروج آلاف الاهالي في تظاهرات تأييد لمرجعية السيستاني بعد بث ما اعتبر اساءة له في قناة"الجزيرة"، لكنهم عادوا بعد أيام للتظاهر ضد المرجعية نفسها مرددين"قشمرتنا المرجعية"بمعنى خدعتنا. وفي أجواء استقطاب غامضة كثرت في الآونة الاخيرة محاولات اغتيال وكلاء السيستاني في عدد من مدن الجنوب، وبعد مقتل الشيخ رحيم الحسناوي احد ممثلي المرجع الأعلى أمام منزله قرب النجف بداية الشهر الجاري، دعا امام الجمعة صدر الدين القبانجي الى فضح الجهة المتورطة، لافتا الى ان"التغاضي عن محاسبة تلك الجهة لن يخدم العملية السياسية". ولم توجه اتهامات مباشرة الى انصار الصدر بالتورط في اغتيالات ممثلي السيستاني في مدن الجنوب، لكن مقربين منه انتقدوا التلميح الذي قد يفهم منه اتهامهم بتلك الاغتيالات، مشيرين الى ان ممثلين للصدر والسيستاني ومرجعيات اخرى يغتالون يومياً في مدن العراق على يد الارهابيين والبعثيين.