تصاعدت المؤشرات الدالة على صعوبة قيام العملة الخليجية الموحّدة في موعدها المحدد بحلول عام 2010، وارتفعت الشكوك في أمر قيام الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي، وبات من المرجح التضحية بقيام الاتحاد النقدي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وفي هذا الخصوص، أوضح عضو مجلس الشورى السعودي إحسان بو حليقة لپ"الحياة"،"أن قيام العملة الخليجية الموحدة بحلول عام 2010، سيكون أمراً خارقاً للعادة". وقال:"لسنا في صدد حرق المراحل، ... ومن غير المعقول أن يتم قيام العملة الموحدة فيما لا توجد سوق مشتركة بين الدول الأعضاء"، مفيداً بأن"العملة الموحدة يجب أن تكون الخطوة الأخيرة، التي تسبقها خطوات أهمها إقامة سوق مشتركة، وعندئذ ستكون العملة الموحدة بمثابة تحصيل حاصل". ويأتي ذلك في الوقت الذي توصل تحليل اقتصادي تم توزيعه على وسائل الإعلام، إلى أن ارتفاع مستويات التضخم في الخليج العربي من شأنه القضاء على خطط التنمية الاقتصادية، وحلم قيام العملة الموحدة. وبحسب التحليل الذي أجرته مجلة"ميد"، فإن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تواجه اختياراً قاسياً بين اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة ارتفاع التضخم من أجل المحافظة على معدلات النمو الحالية، وتحقيق معايير التقارب المتفق عليها بين الدول الست لتحقيق العملة الموحدة بحلول عام 2010. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي الست البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات تعاهدت في كانون الثاني يناير عام 2001، على تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية. لكن التحليل أظهر وجود مخاوف من أن العملة الموحدة تعاني حالياً تهديداً حقيقياً قد لا يسمح لها بالقيام كما خطط لها. وقال ريتشارد ثومسون من مجلة"ميد":"يجب على حكومات مجلس التعاون الخليجي أن تقرر في ما إذا كانت تريد متابعة العمل بمخططاتها للحفاظ على مستوى النمو، أو أن تعمل على تكييف سياساتها وربما تقليل مستوى النمو، للعمل على تحقيق الهدف الطويل الأمد لإقامة كتلة اقتصادية متجانسة في الخليج". وأضاف:"أن النتيجة واضحة بالفعل، فعلى رغم التصريحات المتكررة عن الالتزام بتحقيق العملة الواحدة والاقتصاد الموحد، إلا ان معظم دول مجلس التعاون الخليجي، ستختار الاستمرار بمعدلات النمو الحالية". واعتبر أن"السير في هذا الطريق ليس خطأ، فإن الهدف من توحيد الاقتصاد هو خلق فرص عمل وزيادة ازدهار السكان، فإذا كان الهدف من تأخير تحقيق العملة الموحدة هو تحقيق ذلك بسرعة أكبر، فيعد هذا ثمناً معقولاً". ويأتي ذلك فيما ارتفع التضخم في دول الخليج في شكل ملحوظ خلال الأعوام الستة الماضية، فمع زيادة التضخم في الإمارات بنسبة 13.8 خلال عام 2006، مقارنة مع نسبة 1.4 خلال عام 2000، وحصول اتجاهات متماثلة في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى، لم تشهد أي من هذه البلدان انخفاضاً في التضخم منذ عام 2001. واعتبرت المجلة أنه على رغم أن هناك الكثير من أوجه التشابه في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الست، إلا ان أسباب التضخم تختلف من دولة إلى أخرى. وبينت في هذا الخصوص أن الزيادة في عدد العمال المهاجرين بنسبة 84 في المئة و112 في المئة على التوالي في قطروالإمارات، اللتين تمتلكان أعلى مستويات التضخم في المنطقة، تعد العامل الأساسي في زيادة الأسعار، فيما سبب التضخم في السعودية هو الإنفاق الحكومي الذي وصل إلى مستويات عالية لم يسبق لها مثيل. لكن رئيساً تنفيذياً لمصرف خليجي فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن ارتباط عملات الخليج بالدولار هو سبب رئيسي من أسباب التضخم الذي تعاني منه دول المنطقة، وذلك إضافة إلى الأسباب التي ذكرتها مجلة"ميد". وقال المصدر، إن مسألة قيام العملة الموحدة مسألة شائكة لا تحل عبر ما تطرحه وسائل الإعلام، وأن الحل تملكه فقط البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي.