ملاحظة: كتب ادوارد لوتفاك، وهو متطرف اسرائيلي الهوى مقالاً يمزج البذاءة والوقاحة في مجلة "بروسبكت" اليمينية، وسأرد عليه هنا بحدّة مقصودة، وأشدد على ان المستهدف بكلامي عصابة الحرب والمتطرفين من المحافظين الجدد واللوبي اليهودي المؤيد لاسرائيل، أي حوالى 20 في المئة من اليهود الأميركيين، فالغالبية العظمى من هؤلاء ليبرالية وسطية تريد السلام. لم أسمع باسم ادوارد لوتفاك يوماً ولم أقرأ له أو عنه، إلا ووجدت عنصرية ضد العرب والمسلمين تصل الى حد التحريض على القتل. والمتطرف هذا"دكتور"يؤلف ويحاضر ويدبّج المقالات، وتنشر له أرقى الصحف، الا ان القشرة الزائفة من الاكاديمية لا يمكن ان تخفي حقارة نفسه، فهو كتب مرة مقالاً بعنوان"اعطوا الحرب فرصة"، رداً على شعار"اعطوا السلام فرصة"أيد فيه الحرب أسلوباً لحل المشاكل العالمية، كما كتب داعياً الى ترك العراقيين يخوضون حرباً أهلية من دون تدخل أميركي أو غيره، طبعاً ليقتل عرب ومسلمون، بل انه كتب زاعماً ان اسرائيل كسبت من حرب الصيف الماضي ضد"حزب الله"، وجاء تقرير فينوغراد قبل يومين ليقول ان اسرائيل تبهدلت ويلقم أمثال لوتفاك حجراً. من منطلق هذه الخبرة كتب لوتفاك مقالاً بعنوان"وسط لا شيء"في عدد هذا الشهر من"بروسبكت"خلاصته ان خبراء الشرق الاوسط كلهم مخطئون لأن الشرق الأوسط غير مهم. هو قال الخطأ الأول هو التحذير المستمر من ان الشرق الأوسط على حافة انفجار، ورأيه ان هذا غير صحيح، والنزاع العربي - الاسرائيلي لم يعد مهماً منذ نهاية الحرب الباردة، وسلاح النفط لم يستعمل منذ 1973، على رغم حرب الخليج الأولى والانتفاضة الثانية. طبعاً لوتفاك وكل اعتذاري اسرائيلي مثله يتمنى ان يكون الوضع كما يصف، الا ان الواقع ان عدم حل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي منع كل حل آخر، وانتهى بارهاب متبادل، وهو سبب كره الولاياتالمتحدة حول العالم وتهديد مصالحها، كما ان النفط، قبل أي شيء آخر هو سبب وجودها في العراق. وفي حين لا نحتاج نحن الى ان تشتري الولاياتالمتحدة منا، فالطلب سيظل موجوداً، وسيزيد على العرض، فإن الولاياتالمتحدة تحتاج الى نفطنا والى درجة تحتل العراق وتضحي بأرواح أبنائها. الخطأ الثاني هو ما يسميه لوتفاك مرض موسوليني، أو تضخيم قوة العدو بشكل غير منطقي من موسوليني في الحرب العالمية الثانية الى جمال عبدالناصر سنة 1967، وصدام حسين سنة 1990-1991، والآن النظام الإيراني وقدراته. هذا تحريض سافر على إيران من داعية حرب يقول انها ستهزم بسهولة. هل هذا صحيح؟ ايران هي العراق عشر مرات أو عشرين، فالولاياتالمتحدة قادرة على توجيه ضربة عسكرية سريعة هائلة، الا ان ايران سترد ضد الولاياتالمتحدة ومصالحها في المنطقة كلها، وحتى اسرائيل. واذا كان صدام حسين الديكتاتور المكروه ترك هذا القدر من المصاعب لادارة بوش فإننا يمكن ان نتصور ما سيترك بلد رئيسه منتخب ديموقراطياً وفيه 70 مليون مواطن غالبيتهم شيعة سيظلون يدقون صدورهم 14 قرناً ويقولون: أميركا هاجمتنا. الخطأ الثالث والأعظم في رأي لوتفاك هو ان الخبراء المعادين للعرب يعتقدون ان بالامكان تغيير المنطقة بالقوة، وأن الخبراء المتعاطفين مع العرب يعتقدون ان بالامكان تغييرها باللين، وهو يقول ان الطرفين مخطئان ويلوم الإسلام كفكر ودين، ما لا أحتاج الى أن أرد عليه وإنما أسجله لأظهر دناءة نفسه. وهكذا فالخطأ الرابع هو اهتمام الخبراء بالشرق الاوسط فهو غير مهم. ولوتفاك يرى ان الشعوب العربية متخلفة ولن تتغير، ويذكرنا بأن دخل الفرد في المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط هو 14 ألف دولار في السنة، وأن دخل الفرد في اسرائيل غير النفطية هو ضعفا ذلك. طبعاً هو لا يقول ان السعودية لا تتسول من أميركا وإنما تساعد دولاً كثيرة، وهو لا يقول ان اسرائيل تسرق أموال دافعي الضرائب الاميركيين، وتتلقى ثلاثة بلايين دولار في السنة مساعدة معروفة، وحوالى سبعة بلايين أخرى على شكل تبرعات وهبات وضمانات قروض، وانها لولا سرقة المكلف الاميركي لأفلست وبيعت في المزاد، فهي دولة مصطنعة لا تقف على قدميها من دون المال الأميركي والسلاح والفيتو. طالما هناك نفط فالشرق الاوسط أهم من أي منطقة أخرى في العالم، وستظل أميركا تهتم به الى درجة تسول النفط او التضحية بأبنائها للحصول عليه. وهي إن لم تفعل ستضحي بهم عصابة الحرب لحماية اسرائيل من أخطار متوهمة. لن أقدم أي رأي من عندي في الشرق الأوسط وخبرائه. فأنا خبير في العصابة المتطرفة من اللوبي اليهودي والمحافظين الجدد، أصحاب الولاء الواحد لاسرائيل على حساب أميركا ومصالحها، ما جعل الأوروبيين، لا العرب او المسلمين، يرون ان أميركا خطر أكبر على السلام من ايران وكوريا الشمالية. في مقابل مرض موسوليني هناك مرض اللوبي، أو ايباك، ففي كل مرة ترتكب اسرائيل جريمة تبحث العصابة عن قضية تحوّل بها الانظار عن جريمة اسرائيل وهي الآن تركز على دارفور لأن حكومة أولمرت مهزوزة وتقرير فينوغراد أثبت خسارتها المواجهة مع"حزب الله"على رغم تأكيد لوتفاك انها كسبتها. الف لوتفاك لن يغيروا ما تثبت الارقام التي لا تكذب عن ارهاب اسرائيل، فآخر ما عندي من جماعة"بتسليم"الاسرائيلية يظهر مقتل اكثر من اربعة آلاف فلسطيني منذ بدء الانتفاضة الثانية في 29/9/2000 وحتى نهاية 31/3/2007، وأقل من ألف اسرائيلي، ومن ضمن هذين الرقمين قتل 821 قاصراً فلسطينياً، أي دون الخامسة عشرة، في مقابل 119 قاصراً اسرائيلياً، أي ان اسرائيل أكثر ارهاباً سبع مرات من جميع الفصائل الفلسطينية مجتمعة. هذه هي اسرائيل ولوتفاك وأمثاله.