9600 دولار، قيمة أغلى إعلان في الفضائيات العربية. هل يبدو الرقم كبيراً؟ مسلسلات أميركية مثل "المطلقات" أو "لوست" تجني نحو 450 ألف دولار وربما أكثر للإعلان في وقت لا يتجاوز 30 ثانية. هل يبدو الرقم العربي مخجلاً الآن؟ ليس بالضرورة الخوض في توضيح أن الإعلان التلفزيوني لا يحسب بالثانية بقدر ما يحسب بالفئة المستهدفة خلال الثانية. لكن من يضمن للمعلن العربي ذلك؟ حتى الآن لا توجد مشاريع لقياس نسب المشاهدين في أوقات معينة. بل إن بعض القيمين على القنوات العربية الخاصة يرفض وجود مشاريع من هذا النوع. لكن وبحسب ما يتردد في الوسط التسويقي الفضائي وفي الصحف، فإن مشروعاً لقياس نسب المشاهدين سيدشن قريباً في السعودية. هذا المشروع الذي سيرتبط بأجهزة الاستقبال، سيكلف القنوات التي تعمل على تدشينه، كثيراً، لكنه سيكون محفزاً لكسب إعلانات أكثر. ولكن، كم حجم سوق الإعلان الفضائية العربية؟ نحو ثلاثة بلايين دولار! هل يبدو الرقم كبيراً؟ ومن الذي يؤكده؟ عرضت قناة"العربية"، قبل أيام، ندوة عنونت بپ"أزمة تمويل الفضائيات العربية". ربما لم يكن اللافت موضوع الندوة، بقدر ما تلفت الأسماء المستضافة فيها، إذ تعكس تلك الأسماء ضرورة حضور شفافية تعدّ سابقة على مستوى الإعلام العربي، في الندوة: مدير التسويق في"أم بي سي"مازن حايك، عضو مجلس إدارة شبكة"الجزيرة"محمود شمام، رئيس مجلس إدارة شركة"شويري"انطوان شويري، مدير عام"تلفزيون أبو ظبي"علي الأحمد. أعلنت أرقام كثيرة في تلك الندوة، بعضها ليس جديداً، إذ ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مازن حايك عن نسب الإعلانات. يقول حايك: "50 قناة من نحو 400 تستحوذ على أكثر من 90 في المئة من حجم الإعلانات الفضائية العربية! أي أن 350 قناة تخجل من إعلان إفلاسها". ويقول أيضاً:"عشر قنوات تستحوذ على نحو 80 في المئة من حجم الإعلانات الفضائية". لم ينكر الحضور هذه الأرقام، بل تحدث محمود شمام عن احتكار للإعلان السعودي، يمارسه شويري المسؤول عن إعلانات"أم بي سي". شويري بدوره تحدث عن ضرورة اجتماع شفاف بين القيمين على القنوات كي يواجهوا أزمة تمويل الفضائيات، وأنكر مفهوم الاحتكار أو المؤامرة. حسناً... إذا كنت في حاجة إلى معرفة أرقام، فلا تتوجه إلى القيمين والعاملين في القنوات، توجه إلى مديري التسويق والإعلانات في الشركات التجارية. مثلاً، يقول مدير تسويق وإعلانات في شركة ألبان سعودية، إن أغلى ثمن عرض لإعلان فضائي هو في مجموعة"ام بي سي"، ثم في التلفزيون السعودي الرسمي! لا تستغرب من المعلومة الأخيرة احتلال التلفزيون السعودي المرتبة الثانية في لائحة أغلى القنوات على مستوى الإعلانات، إذ إن التلفزيون السعودي يحظى بنسبة مشاهدة كبيرة من السعوديين - المحافظين - الذين هم هدف المعلن الأول. فبحسب الندوة المذكورة سابقاً،"يشكل السوق الخليجية ثلثي حجم سوق الإعلان الفضائية العربية". وربما تقتسم"ام بي سي"و"التلفزيون السعودي"حصة كبيرة جداً من الثلثين. إذاً، لا غرابة في أن تطلق"ام بي سي"قناة تختص بأفلام الإثارة فقط، طالما أن إعلانات هذه القناة بيعت قبل تدشينها، بل واحتلت القناة المرتبة السادسة على مستوى المشاهدة بحسب إحصاءات"ايبسوس"وشركات أخرى. يبقى سؤال واحد: بعد تحول أو اقتراب تحول عالم الفضائيات العربية إلى عالم تجاري يحتاج إعلاناً مدفوعاً، وبينما تستحوذ 50 قناة على أكثر من 90 في المئة من حجم الإعلانات الفضائية، متى تعلن القنوات الأخرى إفلاسها وتندمج أو تتوقف عن البث؟ ربما حين يتوقف من له أهداف أيدولوجية أو سياسية أو حتى شكلية عن دعمها.