فقد الوسط الإعلاني العربي رجل الأعمال اللبناني أنطوان شويري، الذي توفي بعد معاناة طويلة مع المرض. وكان شويري دخل العناية الفائقة المركّزة في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت منذ نحو ثلاثة أسابيع. ووافته المنية ظهر أمس عن عمر 69 سنة. ومثل شويري مجموعات إعلامية مختلفة، خلال 38 سنة أمضاها في عالم الأعمال، أبرزها قناة «أل بي سي» الفضائية في لبنان «الجزيرة»، «الحياة»، مؤسسة إعلام دبي، وصحيفتا «النهار» و«السفير» اللبنانيتان. وقاد دور شويري الواسع في القطاع الإعلامي والكبير الفاعلية في الأعوام الماضية ولا سيما توليه إعلانات محطة «أم بي سي» وغيرها من الفضائيات الكبرى، إلى تشكيل اتحاد المعلنين في بلدان مجلس التعاون الخليجي عام 2005. واعتبر من بين أقوى الشخصيات الاقتصادية العربية. وينفق كل من أعضاء الاتحاد مبالغ طائلة سنوياً على الإعلان، ومن بينها «طيران الإمارات»، «يونيليفر»، و«ماكدونالدز». وتقدّر حصة «مجموعة شويري» بأكثر من 20 في المئة في سوق رأسماله بليونا دولار سنوياً، كما ذكرت إحدى النشرات المتخصصة. طموح شويري نقله عام 1973 الى مجال الإعلانات بعد أن عمل محاسباً في مجلة «مغازين» وبدأ يؤسس شركات الوكالات الحصرية للإعلانات في وسائل إعلامية عدة الواحدة تلو الأخرى، فكان أول من روج لتعدد شركات الوكالات الحصرية بحيث تمكّن من تأمين مداخيل لمؤسسات إعلامية عدة في شكل عادل وفق اتساع جمهورها، ما دفع البعض الى شن حملات عليه نظراً الى تسويقه الإعلان للكثير من المؤسسات ونجاحه في تدبير الأرباح لها، بعلاقاته مع شركات الإعلان. ومع بدء الحرب اللبنانية عام 1975، انتقل شويري الى العمل في فرنسا فتولى الوكالة الحصرية للإعلانات لمطبوعات عدة منها «الحوادث» و «الوطن العربي»، وأخذ يطرح أفكاراً ريادية مثل توزيع الإعلانات على كاسيتات أفلام الفيديو لأن الإعلان كان ممنوعاً في بعض الدول العربية فراجت الفكرة الى أن بدأت المحطات العربية تدخل الإعلانات في برامجها. وأدت به رؤيويته وأفكاره الإعلانية المبتكرة حينها الى تولي شركاته تسويق محطات عدة. ويقول رفاق شويري من أصحاب الشركات الإعلانية ان له فضلاً كبيراً في جعل الشركات اللبنانية القوة الضاربة للإعلان في العالم العربي. ولعب شويري دوراً اساسياً في تأسيس محطة «أل بي سي» التلفزيونية أواسط الثمانينات واستطاع بوكالته الحصرية لتسويق الإعلانات على شاشتها، تأمين انطلاقتها بقوة ومن ثم ازدهارها. وتميز شويري بكرمه وإحسانه بعيداً من الأضواء، ولبى حاجة جمعيات ومؤسسات خيرية الى الحملات الإعلانية من دون مقابل، بل تبرع للكثير منها بمساعدات مالية سخية، وهو الرئيس الفخري لجمعية «اوكسيليا» وتميز بالجدية في عمله ومتابعته ادق التفاصيل وساهم مع كبار رجال الإعلان في لبنان في دعم الحضور الإعلاني اللبناني في المؤتمرات الدولية لهذا القطاع الفني في العالم. وتعدت اهتمامات شويري المجال الإعلاني الذي حقق فيه إنجازات كبرى على أكثر من صعيد، محسناً وزملاء له استثمار الفورة الإعلانية في الشرق الأوسط منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، إلى المجال الرياضي منذ أن رأس «نادي الحكمة» الرياضي عام 1992 الذي شهد في عهده انتصارات لبنانية وعربية وآسيوية باهرة خصوصاً في كرة السلة، منها إحرازه البطولة القارية 3 مرات، وخوضه نهائيات بطولة العالم للأندية عام 1999 في ميلانو. وعُرف شويري بصاحب الأحلام الكبيرة في الحقل الرياضي، إذ وظّف طاقته الإعلانية ليجعل من كرة السلة «حالة لبنانية خاصة»، واعتبر باني نهضتها، بعدما قارع منتخب لبنان نظيره الصيني وبلغ نهائيات بطولة العالم للمرة الأولى عام 2002. كما روّج لصيغة الدوري العربي – الغرب آسيوي لكرة السلة على غرار ما هو قائم في أوروبا. ولم تبعده استقالته من رئاسة نادي الحكمة عام 2004 عن الوسط الرياضي إذ ثابر على رعاية نشاطاته ومساعدة أنديته، وإطلاق أفكار ترويجية في مصلحته، فضلاً عن رعايته أنشطة اجتماعية وسياحية وإعلانية وإعلامية. ونعته أمس «القوات اللبنانية» التي قالت عنه في بيان «واحد من ابرز عناوين الصمود خاضه على طريقته لبقاء لبنان، والحفاظ على شعلة الامل في نفوس شبابه، جمع لبنان كله حول احلامه التي تحققت».كما نعته فاعليات واتحادات وأندية وهيئات رياضية وشبابية وتربوية ومنها مطرانية بيروت للطائفة المارونية ومدارس الحكمة التابعة لها، واتحاد كرة السلة الذي يحمل مقره اسم الراحل. وتقام مراسم الجناز، عند الحادية عشرة قبل ظهر غد في كاتدرائية مار جرجس - وسط بيروت، على أن يوارى الثرى في بشري. وتتقبل العائلة التعازي اعتباراً من الغد وحتى السبت المقبل في الكاتدرائية.