في غضون الأسابيع القليلة الأخيرة، رفضت الحكومة الإسرائيلية ثلاث مرات متوالية طلب الجنرال غادي إيزينكوت، قائد المنطقة الشمالية في اسرائيل، قصف شاحنة أسلحة دخلت الأراضي اللبنانية، من الحدود السورية القريبة. ويذهب ديبلوماسي دولي من معاوني بان كي - مون، أمين عام الأممالمتحدة، الى أن صور القمر الاصطناعي التي أبرزها الإسرائيليون هذه المرة تدعو الى التصديق. وحدا هذا الأمين العام الى اعلان"قلقه"من أعمال التهريب المحظورة هذه. وفي أعقاب تسعة أشهر على وقف الأعمال العدوانية بين تساحال والميليشيا الشيعية الموالية لإيران تحجم الدول العبرية عن دخول نزاع جديد بينها وبين جارها. ولكن الأطراف على سلاحهم، وفي مواقعهم. فالجيش اللبناني أكثر اقداماً. ويحصن الجيش الإسرائيلي، نظير اللبناني، مواقعه. والى شمال الليطاني، يستأنف"حزب الله"تسليحه. وتتعاظم قوة القبعات الزرق، التي تعد 12500 رجل، وتتعزز. ومصدر الخطر الذي قد يلهب الهدوء المتوتر والسائد، هو المواجهة بين تساحال والجيش اللبناني، وبينهما 1500 عسكري فرنسي من قوات الفصل الدولية قد يسددون ثمن الانفجار اذا وقع. فمنذ تعين الجنرال غابي اشكنازي قائداً للأركان، حصنت القوات الإسرائيلية دفاعاتها. وأنذر قائد الأركان الجديد القوات الدولية بأن جنوده كانوا"حملاناً"، ولكنهم منذ اليوم"ذئاب". واسرائيل مصممة على ألا تؤخذ على غرة، مرة أخرى. فهي تراقب الأراضي اللبنانية بواسطة طائرات من غير طيارين تحلق في أجواء لبنان، وتجمع معلومات عن"حزب الله"وقوات الطوارئ الدولية معاً. وتندد فرنسا بانتهاك اسرائيل الأجواء اللبنانية، وبند القرار الدولي 1701 في هذا الشأن. وعلى رئيس الجمهورية الجديد الفرنسي ابداء رأيه في مهمة التنديد الفرنسي. وعليه، من وجه آخر، التصديق على قواعد الاشتباك وفتح النار في حال تجدد"الاستفزاز"الإسرائيلي للقواعد الفرنسية العاملة في الميدان. وهي مسألة سياسية حساسة. والجيش اللبناني عازم، بعد 40 سنة من الغياب، على فرض احترامه في جنوبلبنان، ويريد جنوده إقراراً اسرائيلياً بسيادتهم على أرضهم. فإذا تقدمت جرافة يستعملها الجيش الاسرائيلي أمتاراً في الأراضي اللبنانية، لم يتردد اللبنانيون في فتح النار عليها، على ما حصل في 8 شباط فبراير المنصرم. والحق أنهم بين نارين. فمن وجه أول، تدعوهم قوات الأممالمتحدة الى الحزم في مصادرة سلاح"حزب الله". ولكن عليهم أن يراعوا دالة الحزب على الأهالي، ونفوذه في صفوفهم. وعلاقة الحزب بقوات الفصل الدولية استقرت على قواعد مساكنة رسمها الحزب، وسيجها بخطوط حمر. فرفض الدوريات المؤللة التي كانت القوات الفرنسية تستعمل دبابات"لوكليرك"فيها. وأبلغ الى الفرنسيين ان"لوكليرك"ميركافا"اسرائيليين". فاقتصر الفرنسيون على دوريات راجلة. وليس أيسر على"حزب الله"من تأليب الجنوبيين على القوات الفرنسية متى شاء. وهذا من موارد قوته. وعندما اقترحت قيادة الأركان الفرنسية، من باريس، تحليق طائرات دولية من غير طيارين في السماء اللبنانية، استقبلت قرى جنوبية الفرنسيين بالحجارة. وحملت جاك شيراك خشيته من تعرض الجنود لعملية معادية، في أواخر ولايته، على رفض الاقتراح. فتقلص رشق الدوريات من 30 مرة في كانون الثاني يناير الى خمس في شباط فبراير، وعلى نيكولا ساركوزي إبداء رأي في هذه المسألة كذلك، ففي الأشهر الستة المنصرمة، اكتشفت القوات الدولية فوق مئة مخزن سلاح في منطقتها، بعضها حفر في جوار مواقعها القريبة، وبعضها الآخر تحت مباني المساجد، وملاعب كرة القدم. وأنشأ المقاتلون شبكة هاتف مستقلة عن الشبكة اللبنانية، تربط مواقعهم بعضها ببعض، وتنسق بينها، ولا يشك بعض ضباط القوات الدولية في أن"حزب الله"يخبئ سلاحاً في منازل بعض الأهالي داخل القرى حيث يحظر على القوات الدولية الدخول. عن جورج مالبرونو، "لوفيغارو" الفرنسية ، 12 /5/ 2007