خلص مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن ايران تجاوزت غالبية المشكلات الفنية التي واجهتها في السابق، وأنها باشرت في تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع الآن اكثر من أي وقت مضى، وفقاً لتأكيد مسؤولين كبار في الوكالة. ويمكن لهذا الكشف أن يعيد الحسابات الديبلوماسية في أوروبا والولايات المتحدة التي تسعى إلى إجبار إيران على تعليق نشاطات التخصيب. وأجرى المفتشون الدوليون الأحد عملية تفتيش أعلنوا عنها في اللحظة الأخيرة لمنشآت ناتانز، ولاحظوا ان كل أجهزة الطرد المركزي وعددها 1300 تعمل بكامل طاقتها لإنتاج الوقود النووي. وأفاد ديبلوماسيون وخبراء نوويون في فيينا، مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن الاجهزة"تنتج الوقود المستخدم في المفاعلات النووية". وتجاوز مصنع ناتانز صعوبات أعاقت سابقاً عمل أجهزة الطرد في صورة صحيحة لتخصيب اليورانيوم. وأعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي:"نعتقد بأنه أصبح لديهم الى حد كبير الخبرة في كيفية التخصيب. ومن الآن فصاعداً، باتت المسألة إتقان تلك الخبرة. لن يحب الناس ان يسمعوا ذلك، لكنها الحقيقة". ويتعين أن تمر المادة المنتجة حتى الآن بمزيد من التخصيب قبل ان يمكن تحويلها الى مادة صالحة لصنع القنابل، وليس واضحاً إذا كانت إيران تملك التقنية اللازمة لانتاج سلاح صغير الى درجة تكفي لتركيبه على صواريخها. ومن أجل أن تتمكن إيران من تحسين جودة اليورانيوم المخصب وإنتاج المواد التي قد تستعمل في برامج تصنيع أسلحة نووية، قد يكون عليها طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على غرار ما فعلت كوريا الشمالية في العام 2003. أمام ذلك، نفى وكيل الخارجية الاميركية للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز، ان يكون سمع عن النتائج هذه، مشيراً إلى أنها لن تؤثر في السياسة الأميركية. وقال بيرنز:"نتحرك على افتراض انه ما زال هناك وقت لنجاح الديبلوماسية". لكنه لفت إلى أنه إذا لم توافق ايران على تعليق الانتاج بحلول الوقت الذي يجتمع فيه زعماء مجموعة الدول الصناعية الكبرى الثماني الشهر المقبل،"فاننا سنمضي قدماً في فرض مجموعة ثالثة من العقوبات". وأكد ناطق باسم الخارجية الاميركية أنه"لسنا على علم بأي تقويم او نتائج جديدة توصلت اليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وأضاف:"لا يخفى ان ايران تواصل جهودها لتطوير برنامجها النووي. ولهذا اصر المجتمع الدولي على وقف الأنشطة، بل بدء أي مفاوضات وإلا فان إيران لن يصبح لديها دافع للتفاوض بحسن نية". وقال مسؤول أميركي رفيع:"الوقت يقترب بطريقة ما. لا أعرف كم تبقى من الوقت. فأن تتمكن من تخصيب اليورانيوم على مستوى عال بدرجة كافية لصنع سلاح نووي شيء، وأن تتأكد من الحصول على كمية كبيرة بما يعني كمية كافية لإحداث انفجار ثم ان تتمكن من وضع ذلك في قنبلة يمكنك ان تضعها على وسيلة لنقلها، شيء آخر". وعبر بعض الديبلوماسيين عن دهشتهم من ان البرادعي تحدث عن النتائج التي توصلت اليها الوكالة الدولية بصراحة قبل ان يرفع تقريره الى مجلس الأمن في وقت لاحق من الشهر المقبل. وقال ديبلوماسي ان النتائج ستعزز موقف الذين شككوا منذ فترة طويلة في ما اذا كان هناك شيء يمكن للمجتمع الدولي ان يفعله لمنع ايران من امتلاك قدرة نووية. وقال انها ستثير أيضاً جدلاً جديداً في شأن الامكان والرغبة في توجيه عمل عسكري ضد ايران. وبعد تخصيبه في ناتانز، يحتاج اليورانيوم المخصب الى معالجة جديدة لتخصيبه على مستوى أعلى حتى يصبح ممكناً استخدامه في صناعة قنبلة ذرية. وتبلغ خصوبة اليورانيوم المستخدم في المفاعلات النووية نحو خمسة في المئة، بينما يفترض تخصيب اليورانيوم حتى 90 في المئة لاستخدامه لصنع قنبلة نووية. ويفترض ان تصدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً حول النشاطات الإيرانية يتم تسليمه الى مجلس الأمن الأسبوع المقبل. وستطالب واشنطن بفرض عقوبات جديدة على طهران ان لم توقف نشاطات التخصيب حتى انعقاد قمة مجموعة الثماني في حزيران يونيو في ألمانيا، كما نقلت نيويورك تايمز عن المسؤول في الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز.