سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" حملت إلى الرجل "الناعم والحازم" أسئلة القراء واتهامات المعارضين . السنيورة : المحكمة في صلب ما يجري ولبنان لا يستطيع احتمال عدم تشكيلها . النقاط السبع لبنانية مئة في المئة و "حزب الله" أيدها بالصوت والصورة 1
مرات عدة خاطب رفيق الحريري رفيقه وصديقه فؤاد السنيورة قائلاً: "ضع في حسابك إمكان توليك رئاسة الحكومة". وكان السنيورة يسارع الى الرد : "أعوذ بالله". ولم يكن الحريري يهجس باحتمال تعرضه لعملية اغتيال. كان يفكر في البدائل المحتملة في حال فرضت التعقيدات في علاقاته بدمشق ورئيس الجمهورية ابتعاده شخصياً عن رئاسة الوزراء لخفض التوترات مع بقاء السراي في عهدة فريقه ومشروعه. تجرّع رفيق الحريري كأس التمديد وابتعد. هبت رياح القرار 1559 وهبت رياح الانتخابات النيابية وبدا أنه يستعد للثأر عبر صناديق الاقتراع. في 14 شباط فبراير 2005 تم شطب الحريري من المعادلة. ويقول السنيورة ان الحريري دفع ثمن حجمه وثمن اصطدام اللعبة السياسية بحجمه الكبير في بلد صغير. في تموز يوليو من تلك السنة الملغومة توّج السنيورة رئيساً للوزراء وبأرقام قياسية. ومنذ اللحظة الأولى كانت الحكومة تقلب بين يديها عبوة جاهزة للانفجار اسمها المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الحريري. وضاعفت سلسلة الاغتيالات التي شهدها لبنان من صعوبة تعايش الحكومة مع العبوة التي تقلبها. في 12 تموز 2006 سيضرب لبنان زلزال آخر. فبعد ساعات من عملية نفذها"حزب الله"خارج منطقة مزارع شبعا وأسفرت عن سقوط جنود اسرائيليين قتلى وأسرى اطلقت حكومة ايهود اولمرت آلة القتل على لبنان. كانت الحرب علامة فارقة في تاريخ الحروب العربية - الاسرائيلية. أمطرت المقاومة مدن شمال اسرائيل بآلاف القذائف. أصيبت صورة الجيش الذي لا يقهر بعطب ومعها صورة القدرة الحاسمة على الردع وكسب الحروب الخاطفة. ولم تتوقف الحرب الا بعد صدور القرار 1701 لمجلس الأمن حاملاً ملامح النقاط السبع التي يقول السنيورة ان"حزب الله"أيدها بالصوت والصورة وبنسبة مئة في المئة. الجدل حول الحرب وسلاح"حزب الله"سيتحول سريعاً عبوة أخرى لن تتأخر في الانفجار بحكومة السنيورة وبدا ان الخلاف العميق على المحكمة أشعل الفتيل. استقال الوزراء الشيعة واختلط الخلاف على المحكمة بالخلاف على شرعية الحكومة وميثاقيتها ولن تتأخر المعارضة في نصب خيامها لمحاصرة السراي بدءاً من أول كانون الأول ديسمبر الماضي. لم يسقط الرجل"الناعم الحازم"سريعاً. أخطأ الذين راهنوا على استسلامه. وتحولت المبارزة على شفير السراي فرصة لهبوب رياح مذهبية لم يعرف لبنان مثيلاً لها منذ استقلاله. وها هو لبنان يشم رائحة الحرب الأهلية على رغم تأكيد مختلف الفرقاء رفضهم الانزلاق اليها وسط تحول لبنان ساحة للمبارزة بين معسكرين لبنانيين ومعسكرات اقليمية ودولية. من هو فؤاد السنيورة؟ ماذا يريد؟ من أين جاء؟ وهل هو رجل محظوظ أم سيئ الحظ أم الاثنين؟ وكيف يجرؤ على اتخاذ قرارات كبيرة وخطيرة؟ ما قصة الحرب وما قصته مع الحريري؟ اسئلة كثيرة راودتني لأن معرفتي بالرجل جديدة وعابرة. وأظن أن الأسئلة نفسها راودت قراء"الحياة"التي يظهر فيها اسم السنيورة يومياً فهو رجل يقيم في صلب الأحداث ويقيم أيضاً في عين العاصفة. قبل أيام كان الرئيس السنيورة في لندن في زيارة خاصة. بدا كمن يرتاح من عناء عاصفة ويستعد لأخرى. هالني أن يمضي اياماً قليلة بعيداً عن المعارضة وفنونها في تنغيص إقامته في السراي. لهذا قررت أن أنغص إجازته فحملت إليه أسئلة واتهامات وأجاب برحابة صدر. وهنا نص الحلقة الأولى: هل خشيت لدى تبلغك نبأ العملية التي نفذها"حزب الله"خارج منطقة مزارع شبعا في 12 تموز يوليو الماضي من أن تشن اسرائيل حرباً على لبنان؟ - كنت مجتمعاً بفخامة الرئيس اميل لحود وأبلغنا بحصول العملية. بعد الاجتماع ارسلت في طلب الحاج حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله وبحثت معه في الموضوع. سألته لماذا العملية وخارج مزارع شبعا فأجاب:"أتيحت لنا فرصة". سألته:"هل استشرتم أحداً؟". قال:"مثل من؟". فأجبت:"الحكومة، هل تضعونها أمام أمر واقع". ذكرته بما قاله السيد نصرالله في جلسات الحوار الوطني من أن المقاومة لن تدخل في عمليات وان دخلت فستكون العمليات تذكيرية وفي منطقة مزارع شبعا. وسألته:"ماذا سيفعل الاسرائيليون؟"فأجاب:"لا شيء". قلت له:"ألا ترى ما يحدث في غزة؟". فأجاب:"لبنان مختلف عن غزة". قلت له:"يمكن أن يفعلوا مثل ما يفعلون في غزة وأكثر ولبنان ليس حاضراً لمواجهة وضع من هذا النوع". استبعد رداً من هذا النوع. في النهاية قلت له لقد حصل ما حصل فكيف نتعاون الآن لاحتواء أي رد فعل. وبعد ساعات بدأت الحرب. هل صحيح أن بنك الأهداف الاسرائيلي كان يتضمن نقاطاً حساسة غير التي قصفت؟ - نعم، وهم قالوا انهم سيعيدون لبنان عشرين عاماً الى الوراء. كان هناك عدد من الأهداف: جسور والمطار ومحطات الكهرباء وغيرها. هذا ما جعلنا نتحرك لنبقى على صلة مع كل مواقع القرار في العالم: الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وكل الدول المؤثرة والأمين العام للأمم المتحدة فضلاً عن الدول العربية. كان الغرض من الاتصالات وقف العدوان الاسرائيلي والتخفيف من حدته إذا استحال وقفه. خضنا معركة ديبلوماسية وإعلامية هائلة. هل نجحتم في انقاذ بعض الأهداف من القصف؟ - اعتقد ان الهدف الأهم لدى اسرائيل كان ضرب محطات الكهرباء والمطار ومنشآت حيوية أخرى. من ساعدكم في ذلك؟ - الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. كانت اسرائيل مصرة على تركيع لبنان وتدمير اقتصاده وكنا نتحرك لمنعها. من هي الجهات التي وقفت الى جانب لبنان؟ - فرنسا كانت في طليعة من تحركوا. روسيا ساهمت أيضاً. وكان هناك تواصل مع الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ومع المسؤولين الصينيين. لكن أهم من يذكر بالخير هو الرئيس جاك شيراك وهو بأمانة صاحب أفضال كثيرة على لبنان. كان حازماً في موقفه. كان دائماً الى جانب لبنان. يمكن أن نذكر تفاهم نيسان في 1996 الذي أعطى لبنان اعترافاً دولياً بحقه في مقاومة الاحتلال. طبعاً دور الرئيس الحريري كان مهماً في الوصول الى ذلك التفاهم. ثم ان دور الرئيس شيراك واضح في باريس 1 وباريس 2 وباريس 3. النقاط السبع انطلقت الحرب فمن أين جاءت فكرة النقاط السبع؟ - النقاط السبع لبنانية بنسبة مئة في المئة. أليست وليدة املاءات كما تقول المعارضة؟ - لا املاءات لا اميركية ولا من فلان أو علان. لبنانية تماماً وهي فكرتي. من أين جاءت؟ - جاءت حصيلة كل ما شهدناه خلال تلك الفترة وكل ما نعتقده. النقاط السبع تتضمن وقف اطلاق النار والانسحاب الاسرائيلي والافراج عن الأسرى والجنديين الاسرائيليين ومزارع شبعا. موقفي كان ويبقى ان لبنان ليس في وارد التخلي عن شبر من أرضه. أنا منذ البداية تبنيت فكرة ان علينا أن نحرر مزارع شبعا ونعود الى اتفاقية الهدنة وبسط سلطة الشرعية اللبنانية على كل اراضيها اي ان يدخل الجيش اللبناني الى الجنوب وهو ما كان ممنوعاً عليه. فضلاً عن تقديم الدعم اللازم للبنان لتخطي هذه الأزمة التي تسببت بها اسرائيل وطالت واستحكمت. النقاط السبع هي التي بني عليها القرار 1701. هل كانت الصيغة الأصلية المقترحة للقرار أشد قسوة؟ - طبعاً، والأمر معروف. رفضت الحكومة المسودة الأولى للقرار لأنه كان يضع مزيداً من الشروط على لبنان. أنا رفضت المسودة. وحين حصل الاعتداء في قانا بادرت الى الاتصال بالرئيس نبيه بري وقلت له إنني سأطلب من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ان لا تأتي الى لبنان. وبادر بدوره وقال: أنا ذاهب اليك في السراي. وأصدرنا بياناً مشتركاً. وقلت: هذا موقفي وإذا أرادوا أن يقصفوا السراي لن أغيره. اتخذت موقفاً بالغ الصلابة واستطعنا أن نحقق تغييراً لمصلحة لبنان. لولا هذا الموقف الذي اتخذناه جميعاً لما توصلنا الى ما توصلنا اليه. أنا لا أنكر اننا كنا أمام موقفين: موقف الانحناء أمام الذين وقفوا وصدوا بأجسادهم الاحتلال الاسرائيلي وهؤلاء أحييهم وانحني أمام استشهادهم وتضحياتهم كما أنحني أمام تضحيات الشعب اللبناني من صمد منه في الأرض ومن اضطر الى النزوح وبقي على صلابته. هذه حقائق يجب أن نسجلها. يجب أن نسجل ايضاً أن هذه الحكومة، التي سموها هم، في وقت من الأوقات، حكومة المقاومة السياسية، استطاعت ان تجند كل العالم الى جانب لبنان وأن تفرض النقاط السبع وأن تغير مشروع القرار 1701 وأن تتخذ قرار إرسال الجيش الى الجنوب وكل المواقف التي تؤدي الى انسحاب اسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها حديثاً. وما كان لذلك أن يحصل لو لم تكن هناك حكومة تستطيع أن تقف باسم الشعب اللبناني هذا الموقف. هل وافق"حزب الله"صراحة على النقاط السبع؟ - نعم، وافق"حزب الله"على النقاط السبع بنسبة مئة في المئة. وهو عبر عن ذلك بمواقف علنية. مجلس الوزراء في جلسة 27 تموز يقرأ من أوراقه وبعد أن استمع مجلس الوزراء الى ما دار في مؤتمر روما وبعد مداخلات عدد من الوزراء الذين شاركوا في المؤتمر وزملاء آخرين توقف المجلس أمام الخطاب الذي ألقاه دولة الرئيس وأكد تأييده وتبنيه لمضمون الخطاب وأجمع على الاشادة بدور دولته في ادارة الأمور ومتابعتها على كل الصعد. ثم جاءت القمة الروحية. بعدها جلسة أخرى لمجلس الوزراء في 5 آب اغسطس:"جددت الحكومة تمسكها بالاجماع وإجماع سائر اللبنانيين حول النقاط السبع وتمنت الابتعاد في مواقف الجميع عن كل ما يمكن أن يؤثر على وحدة الموقف الوطني". وقال الوزير محمد فنيش ممثل حزب الله:"ان مجلس الوزراء متفق على آلية اتخاذ القرار وهو مجمع على النقاط السبع بحسب النقاشات التي جرت في مجلس الوزراء". وأضاف:"هذه هي النقاط التي أجمعنا عليها ونقارن بينها وبين ما يطرح في مجلس الأمن ونأخذ بما يتناسب معها". هل صدرت النقاط السبع بالتنسيق مع الرئيس بري؟ - نعم وبنسبة مئة في المئة وحرفياً. ولم يكن هناك موقف مختلف ل"حزب الله"؟ - اطلاقاً. كيف تفسر عودة الحزب الى نوع من الغموض حول هذه النقاط؟ - ربما شعر البعض ان الموضوع أصبح جدياً. ربما كان اعتقد ان الموضوع ليس بهذه الجدية ومشى فيها. الرئيس بري يعرف أن كل المبعوثين الذين جاؤوا إلينا، خصوصاً الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين لم يعترضوا على أي بند من بنود الحكومة اللبنانية التي وافق عليها مجلس الوزراء بالاجماع ووردت في خطابي في روما والذي تبناه مجلس الوزراء حرفياً. دعني أعود الى ما قاله الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله بالصوت والصورة: أدعو الحكومة اللبنانية الى مزيد من الصمود السياسي والتمسك بخطة النقاط السبع التي أجمعنا عليها كلبنانيين، ان أي تجاوز لبنود هذه الخطة، التي اعتبرت برأينا تحفظ الحد الأدنى من الحقوق الوطنية والمطالب، هو خروج على الاجماع الذي كنا حريصين عليه في كل المراحل السابقة". هل تغيرت الحسابات إذاً؟ - ربما. مزارع شبعا هل هناك جديد يتعلق بجهود الأممالمتحدة بشأن مزارع شبعا المحتلة؟ - فريق الأممالمتحدة يتولى رسم الخرائط من أجل تحديد الحقوق اللبنانية واستند الى كل ما قدمناه له من معلومات وعاد الى الارشيف الفرنسي وما فيه من معلومات من عشرينات القرن الماضي والعمل مستمر وأنا آمل خيراً. هل صحيح ان وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي لم يرحب بوضع مزارع شبعا في عهدة الأممالمتحدة في مرحلة انتقالية؟ - زارنا وزير الخارجية الايراني آنذاك وقال انه يفضل ان تنتقل المزارع مباشرة الى يد لبنان. قلنا له اننا نحن ايضاً نعتقد ان ذلك أفضل لكننا نبحث حالياً عما هو ممكن في هذا الأمر. كان موقفه غير مرحب لكننا اعتبرنا أن القرار في الموضوع يجب أن يكون لبنانياً في النهاية. بحثت الموضوع نفسه مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم فأبدى ترحيبه. ثم سمعنا لاحقاً كلاماً مناقضاً لذلك من قبل مندوب سورية في الأممالمتحدة يشترط ان تتلازم عملية تحرير مزارع شبعا مع عودة الجولان وأنها خاضعة للقرارين 242 و338. نحن كان موقفنا انها خاضعة للقرار 425 وهذا موقف لبنان أساساً. في مقابلة أخيرة أكد الوزير المعلم أن لا مانع لدى سورية في أن تكون مزارع شبعا تحت سلطة الأممالمتحدة أي ان ترابط فيها قوات ال"يونيفيل". وبادرت الى الترحيب بهذا الموقف. يفترض أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً في حزيران يونيو المقبل يضمنه ما استجد لديه حول مزارع شبعا. ما هي التسجيلات التي يقول"حزب الله"ان الافراج عنها سيكشف مواقف بعض الأطراف؟ - لا أسرار في هذه المسائل. تطرح القضايا في مجلس الوزراء ومن حق أي وزير أن يعبر عن رأيه وهواجسه. المهم دائماً هو القرار. لنفترض أن نقاشاً حصل حول قرار ارسال الجيش الى الجنوب وظهرت وجهات نظر مختلفة ثم اتخذ القرار. المهم في النهاية هو القرار. لا أسرار في هذه المسائل والمحاضر موجودة. سلاح"حزب الله" قيل ان أطرافاً أساسية في الحكومة كانت ترغب في استمرار الحرب لتفرض نزع سلاح"حزب الله"؟ - بأمانة كاملة. لم أسمع أحداً يتحدث في مجلس الوزراء بهذا المنطق. موقف الحكومة كان واضحاً. والموقف الذي كنت أعبر عنه كان واضحاً. كان هاجسنا وقف الحرب فوراً. هذا ما قلناه في روما وفي أماكن أخرى. هناك الآن من يدّعي ويخترع ويفتعل. هذا الأمر يحزنني. فرضت على لبنان من قبل اسرائيل حرب ظالمة. ان تذرع اسرائيل بتجاوز"حزب الله"الخط الأزرق لا يبرر أبداً الحرب التي شنت. حتى الذين في العالم كانوا يؤيدون الموقف الاسرائيلي قالوا إن الرد غير متناسب مع الحادث. الحكومة اللبنانية تحركت منذ اللحظة الأولى لوقف الحرب. أقول يحزنني الموقف حين أقارن بين ما كنا عليه يومها وما نحن عليه الآن. كنا موحدين كلبنانيين في موقفنا لوقف العدوان وانسحاب اسرائيل وارسال الجيش اللبناني فأين هو الموقف الموحد اليوم؟ أنا لا اعتقد ان اسرائيل حلمت في أي لحظة بتفكيك الموقف اللبناني وفرط الوحدة بالطريقة التي نجحنا نحن كلبنانيين في احداثها. للأسف هناك تفسخ اليوم في الجبهة اللبنانية لم يشهده لبنان في تاريخه. المحكمة هل العقدة هي المحكمة ذات الطابع الدولي؟ - نلمس منذ مدة ان موضوع المحكمة يقع في نقطة الارتكاز في ما نشهده. اختلفنا في المرة الأولى على موضوع المحكمة حين اضطررنا وبسبب حادثة اغتيال جبران تويني للسير في موضوع المحكمة فاعتكف عدد من الوزراء. ثم عدنا الى عبارات تتعلق بالمقاومة ولم يكن هذا هو الموضوع. كنا في الحوار الوطني قد توافقنا على موضوع المحكمة. أقر الحوار بالاجماع موضوع المحكمة ولجنة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ومتفرعاتها. اذاً، المحكمة هي العقدة؟ - هي من الأمور التي تعرقل. وللتاريخ أقول. كنت أردد: ماذا لديكم من ملاحظات وهواجس، تعالوا نناقشها. ويشهد الله انه في اليوم الذي أقررنا فيه المحكمة بعد اغتيال بيار الجميل 11-12-2006 اتصلت بالأمين العام للأمم المتحدة. قلت له أقررنا اليوم النص الذي يفترض على أساسه أن يعد مشروع القانون الذي سيرسل الى مجلس النواب. وكان بعض الوزراء قد قدموا استقالاتهم بسبب موضوع تعيين جلسة للنظر في موضوع المحكمة. لماذا تسرعتم ولم تتجاوبوا مع الدعوات الى التمهل؟ - يلومني الرئيس نبيه بري لأنني لم اتصل به للاتفاق على موضوع تعيين جلسة لمجلس الوزراء. وهو نفسه يعترف بأنني اتصلت برئيس الجمهورية اميل لحود وقلت له انني مضطر للسفر الى اليابان وكوريا وانني استناداً الى حقي الدستوري سأحدد موعداً للجلسة الاثنين فإن لم يكن موافقاً لك نعقدها الثلثاء أو الاربعاء أو الخميس. أنا أعطيت أياماً لشريكي في السلطة التنفيذية أي فخامة الرئيس. بالنسبة الى الرئيس بري هناك الفصل بين السلطات. وأنا كان هاجسي عدم العودة الى الترويكا التي عانى اللبنانيون منها. عينا الجلسة وبعدها اتصلت بكوفي انان. قلت له أنا قد أعود اليك طالباً بعض التعديلات وأنا حريص على التوقف عند أي هاجس لدى زملائي. الحقيقة حصلت أشياء غير مبررة. ربط المحكمة بالحكومة. محاولة لإدخال الوضع في متاهات الحكومة وصرف الأنظار عن المحكمة. نحن بالنسبة إلينا المحكمة يجب ألا تسيّس. أولى خطوات التسييس ربط المحكمة بالحكومة. الموضوعان مختلفان ويجب أن يفصل بينهما. هناك من يقول ان المحكمة ذات الطابع الدولي اكبر من قدرة لبنان على الاحتمال؟ - لا يستطيع لبنان احتمال أن لا تكون هناك محكمة. الأمر يمس جوهر العدالة وجوهر الحريات في البلد ويؤدي الى استمرار هاجس الاغتيالات ويبقيه سيفاً مسلطاً فوق رقاب اللبنانيين. لديك تفويض بإيفاد رسالة الى مجلس الأمن لإقرار المحكمة بموجب الفصل السابع؟ - هناك تمن من مجلس الوزراء وسأتصرف بالطريقة المناسبة. ماذا بعد إقرار المحكمة؟ - اعتقد ان الأنظار تتجه الآن نحو انتخابات الرئاسة ويجب أن نسير في اتجاه اجراء الانتخابات. ماذا يريد اللبنانيون؟ لا يريدون التفريط بشبر من الأرض ولا يريدون بلدهم ساحة قتال ولا ان يكون في حلف ضد آخر. لبنان بلد عربي. الطائف حسم ذلك. نحن لا نريد استبدال الوجود السوري بالوجود الأميركي أو الايراني أو غيره. لبنان لا يمكن أن يكون الا منفتحاً وعدونا واحد هو اسرائيل. اللبنانيون يريدون عودة الدولة. دعك من الكلام الذي يروّج. يريدون وطناً ومدارس وفرص عمل. لا يريدون التفريط بالمقاومة وخائن من يفرط. لكننا نريد الدولة. الاتصالات مقطوعة بينك وبين السيد حسن نصرالله؟ - عملياً ليست هناك اتصالات بسبب الوضع الأمني. أحياناً هناك أشخاص يأتون لزيارتي ويذهبون لزيارته. والقطيعة مع الرئيس بري؟ - أنا حاولت أكثر من مرة أن أكون على اتصال معه. ما هو تفسيرك لمقاطعته لك؟ - ربما يكون محرجاً. أنا لا أكن له الا كل خير وتقدير. الرئيس بري يستشهد من وقت الى آخر بالزمخشري وكأن الزمخشري مسألة فيها خنفشاريات. يقصد أن الزمخشريات شيء عاطل. الزمخشري من أهم مفسري القرآن ورواة الحديث. ذات مرة عقبت عليه في هذا الأمر. وعندما زرت معرض الكتاب العربي قبل اسابيع قصدت احدى دور النشر وانتقيت مجلدين للزمخشري وارسلتهما هدية للرئيس بري. الاعتصام واقتحام السراي عندما اعتصمت المعارضة في ساحة رياض الصلح ونصبت خيامها، هل تخوفت من قيام المعتصمين باقتحام السراي؟ - يقول زملاء لي في الوزارة إنهم لم يشهدوا يوماً فؤاد السنيورة بمثل ذلك الهدوء. أنا لا يخامرني خوف على الاطلاق. يشهد الله. لم أكن يوماً بمثل هذه السكينة. بسبب طمأنينتك ان المعارضة لن تفعل؟ - أنا لدي نفحة عالية من الإيمان. ونفحة من الثقة بالله وباللبنانيين. وثقة بأنهم أعقل من أن يقوموا بهذا العمل. هناك تهمة موجهة اليك انك لعبت بامتياز الورقة السنية في مواجهة الاعتصام واستقدمت الجماهير الى السراي مستنهضاً الشارع السني؟ - جاءني لبنانيون من كل الأطياف يمارسون حقهم في التعبير اسوة باللبنانيين الآخرين. لا يمكن أن أقف عائقاً أمام رغبتهم في التعبير. أنا اعتبر ان لهذه الحكومة أكثرية في مجلس النواب. هذا هو النظام الديموقراطي أحببناه أم كرهناه. يجب أن نعترف به. ثانياً هم يعرفون ان الحكومة مدعومة من قبل أكثرية اللبنانيين. أنا لا أقلل من أهمية الفئات التي جيشوها واحترمها وانحني أمامها. على الأقل 60 في المئة من اللبنانيين يؤيدون الحكومة وهذه نتائج استطلاعات والنسبة في ازدياد. أنا لا أنسى من يعارض الحكومة فلماذا يحاولون تناسي الجمهور الأكبر الذي يؤيدها. نحن نمد يدنا ونفتح قلبنا لمن يعارض. هؤلاء من شعبنا. ولهذا كنت اخترع باستمرار مبررات للانفتاح عليهم. انهم أبناء شعبي. لمعلوماتك أنا صاحب نظرية 19+10+1 وأنا صاحب نظرية 17+13. المقصود بالأولى ان نأخذ من الفريقين ما يجبرهما على أن يحاولا اللقاء. نأخذ من الأكثرية القدرة على الفرض. ونأخذ من الأقلية القدرة على التعطيل. لماذا الود غائب بينك وبين العماد ميشال عون؟ - أبداً، ليست بيني وبين أي قيادي لبناني قطيعة. تحدثت معه بعد مجيئي من باريس. حين أتحدث معه شخصياً تبدو الأمور سمناً وعسلاً. اتصل به وأعايده. طبعاً نسمع لاحقاً أشياء أخرى. هل حاولت جدياً إشراك كتلة عون في الحكومة؟ - نعم، حاولت جدياً لكنه كان يصر على أعداد يصعب توفيرها في التركيبة. هل كان مصراً على أن يتولى أحد أعضاء كتلته وزارة العدل؟ - نعم. لماذا؟ - لا أعرف. طلب 3 وزراء أحدهم في وزارة العدل. أنا كنت أتمنى أن يشارك. الحقيقة ان مجلس الوزراء ليس مكاناً للخلاف. انه مكان للتوافق على إقرار سياسات. الحكومة تمثل أمام مجلس النواب وهو الذي يقرر مصيرها. المحاسبة للحكومة لا تكون بجلسات للخطب والهجاء ثم تمنح الثقة. انظر كيف تتصرف البرلمانات في أوروبا. هل خفت لحظة احداث جامعة بيروت العربية من فتنة سنية - شيعية كبيرة؟ - أنا كنت في مؤتمر باريس 3. تلقيت أنباء عن حصول صدامات. وحصل اقتراح بمنع التجول ونزول كثيف للجيش. وافقت فوراً، واتصلت بقائد الجيش وبالرئيس بري. غداً حلقة ثانية