أرهقتها مصاعب الحياة، وأحبطها العوز وتخلي الجميع عنها. صبرت على زوجها كثيراً على رغم إدمانه المخدرات، خوفاً من ضياع مستقبل أبنائها، وفي النهاية حسمت أمرها عندما وصل الأمر إلى حياتها وحياة فلذات كبدهابعد انفصال زوجها، اسودت الحياة في عينيها، وأيقنت أنها وأبناءها وقعوا فريسة للفقر والخوف والحزن والآلام. حالياً لا عضيد لها ولا قريب يواسيها، ويخفف عنها ثقل تربية الأبناء، وجلب لقمة عيشهم. أم أحمد تعول أربعة أبناء وثلاث بنات ارتموا في أحضانها، بعد أن قيدت المخدرات عقل وجسم زوجها الذي فضل الانفصال عنهم ليهنأ له ارتشاف سمومه، وبعد طلاقها منه ظنت أنها بانحلالها عنه ستحل مشكلاتها، ولاحقاً اكتشفت أن الانفصال ما هو إلا الميل الأول في طريق المعاناة. وتقول أم أحمد: «مررت بظروف قاسية وحالي المادية سيئة للغاية، خصوصاً بعد فراق زوجي إثر خلاف بيني وبينه، إذ كان يشك في، وكاد أكثر من مرة يقتلني، ما اضطرني إلى التقدم بشكوى إلى المحكمة لطلب حضانة الأطفال بعد طلاقي منه، وبالفعل أصدرت المحكمة صكاً بإثبات الإعالة». تلمح في عيني أم أحمد الحيرة والخوف من المجهول، «أنا خائفة ولا أستطيع قول ذلك أمام أبنائي، فهم في حاجتي، لكنني أخشى أن أنهار يوماً أمامهم»، مؤكدة «هناك ما يبرر مخاوفي، فأكبر أبنائي يبلغ من العمر 29 عاماً، وحصل على الثانوية العامة منذ ثمانية أعوام، ولم يستطع إكمال دراسته بسبب ظروفنا المالية، كما انه لم يستطع الحصول على وظيفة على رغم هذه السنوات». وتتابع: «البطالة تزيد يوماً بعد آخر، وإذا كان ابني الأكبر لم يحصل على وظيفة طوال السنوات الماضية، فما هو مصير أشقائه؟»، موضحة أنها تعاني كثيراً في سبيل إكمال أبنائها الدراسة، لكنها تخشى أن تضطر أو تجبرهم الظروف على تركها بسبب قلة ذات اليد. ولا تخفي أم أحمد أنها تحصل على إعانة مقدارها 1800 ريال شهرياً من وزارة الشؤون الاجتماعية، وتستدرك: «المساعدة لا تفي بالغرض، ولا أستطيع التوفير من خلالها حتى لإيجار المنزل الذي نسكن فيه، ما جعل صاحبه يرسل إلينا إنذاراً بالطرد». تنظر أم أحمد في عيون أبنائها، فترى فيها الانكسار والخوف والألم، ولأنها لا تستطيع فعل شيء، تكتفي بذرف دموعها قبل النوم، أملاً بأن تغسل الدموع الهموم، ولكن هيهات فهناك يوم آخر مليء بالشعور بالخوف والانكسار أيضاً، «ظروفنا التي نعيشها محبطة للكبار، فما بالك بالصغار، يحترق قلبي على أبنائي عندما يطلبون مني شيئاً، ولا أستطيع جلبه لهم، حتى فرحة العيد حرمتهم الظروف من التمتع بها، ماذا في يدي؟ فلا ملابس جديدة ولا ألعاب مثل بقية أقرانهم، ولا حل سوى العيش في شقتنا المتواضعة». ما يزيد الأمور سوءاً أن الأمراض تعاقبت على أبنائها بشكل غريب، «بعض أبنائي مصابون بالربو منذ صغرهم، كما أن ثلاثة منهم يعانون فقر الدم، وعلى رغم ضرورة المتابعة الطبية، إلا أن ظروفنا وعدم وجود سيارة لدينا تضطرنا إلى الإخلال ببعض المواعيد، وهو ما يقلل من فرص شفائهم». وتتمنى أم أحمد من فاعلي الخير الوقوف معها في ظروفها القاسية، والعمل على مساعدتها، فهي لا تريد سوى ما يعينها في حاضرها على ضمان مستقبل أبنائها، وتعليمهم وإبعادهم عن كل ما ينغص حياتهم ويشوّه طفولتهم.