أعلن "جيش الاسلام" في ثاني ظهور له منذ تأسيسه قبل نحو عام عن مسؤوليته عن خطف مراسل "هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي الزميل الاسكتلندي آلان جونستون 44 عاما في شريط فيديو ارسل الى قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية، وبث ايضا على شبكة الانترنت. وعرض تنظيم"جيش الاسلام"بطاقة الصحافي جونستون كدليل على احتجازه منذ ان خطف في الثاني عشر من اذار مارس الماضي من سيارته في احد شوارع مدينة غزة بينما كان متوجها من مكتبه الى منزله في المدينة. وطالب التنظيم في تسجيل صوتي لمتحدث باسمه الحكومة البريطانية باطلاق المنظر الاسلامي السلفي الفلسطيني عمر محمود ابو عمر 46 عاما المعروف بكنيته"ابو قتادة"من السجون البريطانية. وقال المتحدث في الشريط المسجل:"نطالب بريطانيا بأن تطلق سراح اسرانا، ونخص بالذكر الشيخ الجليل أبا"قتادة"الفلسطيني". واضاف المتحدث:"في هذا المقام لا ننسى اسرانا في دول الكفر الاخرى ونقول لهم جميعاً اطلقوا سراح اسرانا، والا عملنا بالمثل لا نستثني احدا من دون الآخر"في اشارة الى دول اوروبية والولايات المتحدة التي تحتجز معتقلين يتهمون بالوقوف وراء اعمال تصنفها هذه الدول على انها"ارهابية". وضم الشريط المسجل صوراً فوتوغرافية ثابتة لمعتقل غوانتانامو الاميركي في كوبا، وصورة لبطاقة جونستون، واخرى لأبي"قتادة"حسبما قال صحافيون تسنى لهم مشاهدة الشريط. ورفض صحافيون عاملون في"بي بي. سي"في غزة التعليق على الشريط. وقالت"بي بي سي"من لندن في بيان لها انها تحقق في محتوى الشريط. واضافت:"علمنا بأمر الشريط الذي بثه جيش الاسلام بشأن آلان جونستون مراسلنا في غزة، ولا تعليق لنا على المطالب الموجهة للحكومة البريطانية في الشريط". وزادت:"ما زلنا قلقين على سلامة آلان وندعو للافراج عنه فوراً". ولم تبث قناة"الجزيرة"الفضائية الشريط، لكنه بث على موقع في الشبكة العنكبوتية يستخدمه عادة تنظيم"القاعدة"وجماعات سلفية جهادية تتبنى فكر القاعدة. وكان رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية ألمح قبل نحو اسبوع الى ان للخاطفين ثلاثة مطالب من دون ان يفصح عنها. لكن رئيس ديوان هنية الدكتور محمد المدهون اقر امس ان المطالب التي وردت في التسجيل الصوتي هي نفسها التي عرضها الخاطفون على الحكومة الفلسطينية التي رفضت استخدام القوة في تحرير جونستون بناء على طلب الحكومة البريطانية. واعرب المدهون عن اعتقاده بأن هذه المطالب غير قابلة للتنفيذ من جانب الحكومة البريطانية التي تعلم هذه الشروط لاطلاق الصحافي الاجنبي الوحيد الذي ظل يعمل في قطاع غزة منذ ثلاث سنوات ورفض مغادرته على رغم مغادرة معظم الاجانب من القطاع خشية على حياتهم. وكانت منظمة غير معروفة من قبل تدعى"كتائب التوحيد والجهاد"اعلنت قبل نحو شهر انها قتلت جونستون. لكن الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء هنية ونائبه عزام الأحمد اكدوا مرارا ان جونستون لا يزال على قيد الحياة. وعقد الرئيس عباس امس اجتماعا مع قادة اجهزة الامن في غزة لدرس الموقف في ضوء اعلان"جيش الاسلام"المسؤولية عن خطف جونستون. وتدرس اجهزة الامن الفلسطينية من بين خيارات اخرى، احتمال استخدام القوة لتحرير جونستون. لكن المتحدث باسم"جيش الاسلام"حذر في التسجيل من استخدام القوة. ويخشى الفلسطينيون الرسميون وغير الرسميين من ان يقدم"جيش الاسلام"على اعدام جونستون في حال تم استخدام القوة لإطلاقه. ومنذ ان خطف جونستون والى ان اعلن"جيش الاسلام"رسمياً امس مسؤوليته عن خطفه كان معظم الفلسطينيين يتداولون اسم الجهة الخاطفة في ما بينهم وفي مجالسهم الخاصة، ولم يجرؤ احد على اتهام التنظيم علانية بالمسؤولية عن خطفه. يشار الى ان اول ظهور ل"جيش الاسلام"كان في الخامس والعشرين من حزيران يونيو 2006 عندما شارك مقاتلون منه في عملية اسر الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت في عملية فدائية شارك فيها مقاتلون من حركة"حماس"وآخرون من لجان المقاومة الشعبية التي انتمى اليها يوما قائد"جيش الاسلام"ممتاز دغمش. واعتبرت حركة"حماس"ان ما اعلنه"جيش الاسلام امس"وضع النقاط على الحروف، ولم يدع مجالا للتكهنات في ماهية الجهة الخاطفة، التي كنا نعلمها منذ اللحظة الاولى". واعتبر الناطق باسم حركة"حماس"ايمن طه ان الاعلان"قد يسهم في شكل ايجابي في انهاء هذا الملف الشائك على مدار اكثر من شهرين". واكد مجدداً في تصريح صحافي ارسل الى"الحياة"خطورة"خطف الصحافيين والضيوف الوافدين لما لذلك من تأثير سلبي على القضية الفلسطينية وتشويه صورة المقاومة المشرفة ناهيك عن انه مخالفة شرعية لتعاليم الدين الحنيف التي نص على اكرام الضيف وتأمين الوافد". ودعا طه الخاطفين الى"انهاء هذا الملف والعمل السريع على اطلاق جونستون الذي قدم الكثير للقضية الفلسطينية وخاطر بحياته اكثر من مرة من اجل ايصال معاناتنا الى العالم". كما دعا الخاطفين الى"مراعاة الوضع الفلسطيني الداخلي والعمل للمصلحة العليا للشعب الفلسطيني بعيداً عن التشابكات والتعقيدات الخارجية، مع تأكيدنا على رفضنا كثيراً من سياسات بعض الدول وتعاطيها مع الاسلاميين". واعتبر ان ذلك"يجب ان لا يفقدنا البوصلة نحو هدفنا السامي، وتوجيه كل الطاقات لمواجهة الاحتلال الصهيوني". "نؤكد رفضنا لهذا النهج الذي يمارسه بعض المحسوبين على الاسلام هذا النهج يسيء الى الاسلام لان قضية اسر جونستون هي قضية غير اخلاقية". وكان طه دعا الخاطفين في تصريحات الى وكالة"فرانس برس"الى اطلاق جونستون"فورا"وقال ان موضوع الشريط"من شأنه ان يؤزم الامور ولا يسهم في حلها". وقال طه للوكالة نفسها في تعقيبه على الشريط الذي بثه"جيش الاسلام":"نؤكد رفضنا لهذا النهج الذي يمارسه بعض المحسوبين على الاسلام، هذا النهج يسيء الى الاسلام لان قضية اسر جونستون هي قضية غير اخلاقية". ولم يستبعد طه ان يكون لهذه الجماعة علاقات مع تنظيم"القاعدة، وقال:"العلاقة بين حماس والجيش الاسلامي كانت فقط في بدايات اسر شاليت واعتقد انتهت منذ فترة لان جيش الاسلام نحى المنحى التكفيري ولا ندري بعد ان قطعت حماس علاقة التنسيق مع جيش الاسلام هل ارتبط بالقاعدة ام لا". واضاف:"سواء أكانت هذه الجهة على علاقة بالقاعدة ام غيرها فهذا امر خطير جدا على الساحة الفلسطينية". ورأى طه ان المطالب التي تحدث عنها جيش الاسلام"لا تمت للشعب الفلسطيني ولا لاخلاقه بصلة، وهذا يدخلنا في دوامة جديدة من الصراع". ودعا طه الجهات والتيارات"سواء أكانت قاعدة ام سلفية تكفيرية ان توجه جهودها نحو الاحتلال وليس لاي تدخلات سياسية من شأنها ان تسيء للشعب الفلسطيني او لاثارة الفوضى والبلبلة". وفي لندن "الحياة"، قال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية ل"الحياة"إن الوزارة"على علم بشريط الفيديو الجديد"في شأن مطالب خاطفي آلان جونستون، واصفاً هذا التطور بأنه"مقلق جداً"لعائلة الصحافي وأصدقائه. وتابع ان السلطات البريطانية على اتصال بالسلطة الوطنية الفلسطينية"لتحديد الحقائق وتأمين الإفراج عن الصحافي المخطوف". وقال نائب المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية مارك بايفورد إن ال"بي. بي. سي."تبقى قلقة جداً على سلامة جونستون. وتابع انه يأمل أن يكون شريط الفيديو الذي أصدره الخاطفون"علامة على أن جونستون سيفرج عنه قريباً". ولوحظ أن السلطات البريطانية تحاول أن تتعاطى مع موضوع خطف الصحافي بعيداً عن الإعلام، وهي لم تقدّم موقفاً من مسألة مطالب الخاطفين. ولم يكن واضحاً أمس موقف الشيخ"أبو قتادة الفلسطيني"من طلب خاطفي جونستون الإفراج عنه. لكن يُعرف أنه سبق له أن أصدر العام الماضي مناشدة للإفراج عن مسن بريطاني من ناشطي السلام احتجزته جماعة مسلحة في العراق. لكن الخاطفين لم يستجيبوا لمناشدته. وأفرجت قوة خاصة بريطانية لاحقاً عن المخطوف إثر معلومات حصلت عليها عن مكان احتجازه قرب بغداد.