أكد مسؤولون وخبراء ماليون، ان الغرب بدأ"يسحب البساط"من تحت أقدام المنطقة العربية وماليزيا في قطاع الصيرفة الإسلامية، بسبب عدم الشفافية في المؤسسات المالية، والبطء في انتاج أدوات مالية جديدة متوائمة مع الشريعة الإسلامية. ولم يخف الخبراء ان بريطانيا بدأت تنافس ماليزيا ودولاً خليجية، في التحول إلى مركز للقطاع المالي الإسلامي، الذي بدأ يحقق زخماً هائلاً في الغرب مدفوعاً بإصدارات متتالية من الصكوك، تجاوزت السنة الماضية 17 بليون دولار، أربعة منها من منطقة الخليج العربي. وقدر خبراء حجم الصيرفة الإسلامية في الوطن العربي والبلدان الإسلامية بنحو 252 بليون دولار، فيما يبلغ حجم المصارف وشركات التمويل والاستثمار الإسلامية في العالم 450 بليون دولار. وحث نائب رئيس الوزراء الماليزي سابقاً أنور إبراهيم خلال"المنتدى الإسلامي العالمي"، الذي احتضنته دبي أمس، الدول الإسلامية على"استعادة الريادة في هذا القطاع، والمبادرة في إطلاق مراكز تدريب علماء دين متخصصين في القضايا المالية الإسلامية وتأهيلهم. كما اقترح"المنتدى"تمويل منح دراسية لتأهيل علماء دين للفتوى في المنتجات المالية الإسلامية، على اعتبار ان النمو الذي شهده القطاع المالي الإسلامي خلال السنوات الخمس الماضية، اثبت نقصاً في عدد العلماء المتخصصين القادرين على تحديد السياسات الخاصة بالصيرفة الإسلامية. وتشير دراسات إلى ان عالم دين واحد يعمل في اكثر من 30 هيئة للرقابة الشرعية في المؤسسات المالية حول العالم. ودعا إبراهيم في حديث الى"الحياة"، المصارف الإسلامية والجامعات والوزارات في العالم الإسلامي عموماً، وفي دول مثل دبي والبحرين خصوصاً، الى اتخاذ المبادرة، في إنشاء معاهد متخصصة في تدريب علماء متخصصين في الصيرفة الإسلامية. كما دعا الخبراء الذين حضروا"المنتدى"، الدول الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً، إلى ضرورة إدراج صكوك في أسواق المال الإقليمية بهدف"تعميقها"وتقويتها، علماً ان السوق الثانوية في أسواق المال الخليجية، شهدت عام 2005 صفقات بلغت 60 مليون دولار فقط، وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنة بحجم الصكوك حول العالم. وأكد المدير المالي لمؤشر"داو جونز"رشدي صديقي ل"الحياة"ان"من غير الممكن تطوير أسواق المال الإسلامية من دون إدراج صكوك". كما أكد على ضرورة انتهاج سياسة"التوريق"الإسلامية لتمويل العقارات في المنطقة، التي تشهد رواجاً غير مسبوق. ولم ينكر صديقي ان منطقة الخليج باتت تتفوق على ماليزيا في حجم الصكوك، التي أُصدرت العام الماضي، والتي تربو على خمسة بلايين دولار، لكن ماليزيا تتفوق على دول الخليج في عدد الصكوك. وعلى رغم التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية في العالم الإسلامي، توقع خبراء ان يشهد قطاع الصكوك طفرة كبيرة هذه السنة، نتيجة الإقبال عليها من جانب الشركات والمؤسسات، مشيرين إلى ان بوادر هذه الطفرة بدأت في الإمارات، التي أصدرت أو ستصدر نحو 2.2 بليون دولار سندات إسلامية هذه السنة دفعة واحدة، لتمويل مشروعات إنمائية. وأكدوا أن"الشركات والمؤسسات المالية، التي تؤسس في المنطقة، أو التي أسست في الآونة الأخيرة، تعمل على إصدار صكوك إسلامية، أو تسعى للحصول على تمويل إسلامي من المصارف الإسلامية"، متوقعين ان يفوق حجمها هذه السنة حجم السنة السابقة. من جهة أخرى، ناقش المنتدى دور المرأة الخليجية في الاستثمار في أدوات مالية إسلامية، إذ قدر الخبراء حجم الأموال التي تستثمرها النساء الخليجيات في أدوات مالية إسلامية بأكثر من 35 بليون دولار. وعزا صديقي توجه المرأة الخليجية للاستثمار في منتجات استثمارية إسلامية اكثر من غيرها من الأدوات الاستثمارية الحديثة، إلى ميلها للاستثمار في أدوات مالية قليلة الأخطار. وأشار الخبراء إلى أن الصيرفة الإسلامية أصبحت، بعد مرور نحو 30 سنة، صناعة متكاملة أثبتت وجودها وقدرتها على تقديم البديل المناسب للصيرفة التقليدية، واستطاعت أن تتبوأ موقعاً في النسيج المالي العالمي، وأن تجذب الاهتمام والاحترام على المستوى العالمي. وتشير إحصاءات إلى ان حجم ودائع المصارف الإسلامية الخليجية، بلغ 58 بليون دولار عام 2005، بنسبة نمو تجاوزت 29 في المئة على السنة التي سبقتها. وأكد خبراء ان المصارف الإسلامية بدأت تنتشر أفقياً، وتتوسع دولياً، وتؤسس فروعاً خارج دول مقرها. ويتوقع أن يصل حجم الصناعة المالية الإسلامية الى تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة، إضافة إلى أن عدد الدول التي أصدرت قوانين خاصة بالعمل المصرفي الإسلامي بلغ 20 دولة، آخرها قانون المصارف الإسلامية في اليمن السنة الماضية، وقبله في الأردن عام 2000، والكويت عام 2003، ولبنان عام 2004، وآخرها في سورية. وينتظر أن تصدر دول أخرى قوانينها الخاصة في العمل المصرفي الإسلامي قريباً. 500 بليون دولار سوق التمويل الإسلامي وأوضح صديقي ان سوق التمويل الإسلامي، التي يقدر حجمها ب 500 بليون دولار، تشهد نمواً سنوياً نسبته 10-15 في المئة سنوياً، مشيراً إلى ان تقارير مؤسسة"ماكنزي للأبحاث"تؤكد ان المصارف الإسلامية تنمو بنسبة 20 في المئة سنوياً، في حين تنمو التقليدية بنسبة 10 في المئة سنوياً. وفي ما يتعلق بالتحديات والعراقيل التي تحول دون الاستفادة من الاحتياطات النقدية الإسلامية الضخمة، يرى صديقي أن ذلك يتطلب التنسيق بين المؤسسات المالية الإسلامية حول العالم، وتثقيف العامة بأهمية التعامل الإسلامي.