قتل ما لا يقل عن 47 شخصاً في تجدد المعارك بين القوات الإثيوبية والميليشيات الإسلامية والعشائرية في مقديشو أمس. وتعهد رئيس الوزراء الصومالي محمد علي جيدي استمرار القتال حتى هزيمة الميليشيات، فيما كشف مسؤول رفيع في حكومته استعدادات لشن هجوم كبير على معاقل التمرد. وتناثرت الجثث المتعفنة في شوارع مقديشو التي هزتها انفجارات متتالية لقذائف تبادلها الطرفان لليوم الخامس على التوالي، وان كان القتال أقل ضراوة من الأيام الأخيرة التي شهدت سقوط أكثر من 200 قتيل. واستمرت موجة النزوح الجماعي التي يقول مراقبون أنها شملت نصف مليون شخص، إذ خرج أمس مئات من سكان العاصمة الصومالية وهم يسحبون أو يحملون متعلقاتهم في أيديهم. وأعلنت منظمة غير حكومية مقتل ما لا يقل عن 47 مدنياً وجرح 62 آخرين في المعارك التي دارت أمس في مقديشو. وافادت أن هذه الحصيلة ترفع عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا في أيام القتال الخمسة الأخيرة إلى 210 قتلى. وقال سودان علي أحمد مدير منظمة"المن بيس اند هيومن رايتس":"جمعنا جثث 42 مدنياً قتلوا أمس ونقلنا إلى المستشفيات 62 جريحاً". وقال:"ندعو الطرفين إلى وقف القتال. ليس مقبولاً أن يدفع المدنيون ثمن القتال... هناك أماكن تحللت فيها الجثث في الشوارع". واستيقظ سكان وسط مقديشو مراراً أثناء الليل على أصوات قذائف المورتر التي تنطلق خصوصاً من أحياء شمال المدينة التي تشهد أسوأ قتال. ويتحصن مسلحون وراء أجولة الرمال ويجوبون الشوارع على متن شاحنات تحولت إلى معدات حربية، في وقت تضربهم القوات الاثيوبية والصومالية بمدفعية ثقيلة وتقوم بطلعات في معاقل الميليشيات بسيارات مدرعة. ومع تناثر الجثث في الشوارع وتشوه بعضها بسبب القصف المتواصل الذي دمر مناطق سكنية يُعتقد بأنها معاقل للإسلاميين، شرع بعض الصوماليين في حفر مقابر عشوائية قرب الطرق، رغبة في دفن قتلاهم سريعاً. وتعد هذه الموجة واحدة من أسوأ موجات العنف منذ إطاحة"المحاكم الإسلامية"التي كانت تسيطر على معظم جنوب البلاد نهاية العام الماضي. وأسفرت معارك سابقة استمرت لمدة أربعة أيام في نهاية آذار مارس الماضي عن سقوط ما لا يقل عن ألف قتيل، معظمهم مدنيون. وتبادل الطرفان اطلاق نار متقطع خلال ليل السبت - الأحد، قبل أن يستأنفوا المعارك صباح أمس. وأفاد شهود أن المواجهات جرت بسلاح المدفعية والهاون في شمال العاصمة وجنوبها، وأن إطلاق النيران ليلاً أسفر عن تدمير عدد من المباني. وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن حي التوفيق في جنوب مقديشو شهد أعنف المعارك، وأن القوات الصومالية سيطرت على فندق التوفيق الذي يملكه رجل أعمال متعاطف مع الميليشيات. وقال عبدالكريم علي أحد سكان حي غوبتا جنوب:"يمكننا رؤية الدبابات الإثيوبية تقصف الأحياء التي يقطنها مدنيون بالمدافع وقذائف الهاون ... القذائف تسقط في كل مكان". وأضاف:"شاهدت أربعة أشخاص بينهم طفل، مصابين بجروح جراء القصف المدفعي. يبدو أن عدد الضحايا يزداد في هذا الحي والناس يهربون". وأكد مختار محمد من حي فقعة شمال أن"معارك كثيفة"تدور في هذا الحي"تُستخدم فيها الأسلحة الرشاشة ومضادات الدبابات، ويختبئ الناس في منازلهم". وأكد رئيس الوزراء الصومالي أن المعارك ستتواصل. ونقلت وكالة"شابيل"المحلية عن جيدي قوله إن"القتال سيستمر حتى القضاء على الإرهابيين في الصومال". وأضاف:"أريد أن أخبر الشعب الصومالي والعالم أنه لا قتال بين الحكومة وعشيرة الهوية. بوضوح تام، المعركة بين الإرهابيين المرتبطين بالقاعدة والحكومة المدعومة بقوات إثيوبيا والاتحاد الأفريقي". وتحظى الميليشيات بدعم بعض زعماء قبيلة"الهوية"التي تعد كبرى عشائر مقديشو، ما ساعدها على إعادة تنظيم صفوفها للوقوف في وجه حكومة الرئيس عبدالله يوسف وحلفائها الإثيوبيين. وحذر وزير الدفاع الصومالي صلاد علي جيلي من أن حكومته تستعد والقوات الإثيوبية لشن هجوم واسع على الميليشيات، داعياً سكان الأحياء التي يتحصن بها الإسلاميون إلى مغادرتها. وقال إن"على سكان مقديشو إخلاء مساكنهم الموجودة قرب معاقل الإرهابيين، وسنقضي على المتمردين قريباً جداً". انسحاب اريتريا من "ايغاد" من جهة أخرى، أعلنت اريتريا أمس أنها علقت عضويتها في الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق افريقيا"إيغاد"بعدما هدد خلاف مع خصمها اللدود إثيوبيا في اجتماع حول الصومال بتقسيم المنطقة. وقالت الحكومة الاريترية في بيان على الإنترنت إنها"اضطرت إلى اتخاذ هذه الخطوة لأن عدداً من القرارات المتكررة وغير المسؤولة التي تقوض السلام والأمن الإقليميين تم تبنيها تحت غطاء إيغاد". ويعتبر انسحاب اريتريا من"إيغاد"أحدث مؤشر على تدهور العلاقات بين أسمرا وجيرانها في الإقليم بسبب الصومال. وكان اجتماع لوزراء خارجية المنظمة في كينيا قبل أسبوعين تحول منتدى للعداء الشديد بين إثيوبيا واريتريا على خلفية الحرب الحدودية بينهما وانخراطهما في الصراع الصومالي الذي ينظر إليه كثيرون على أنه حرب بالوكالة. وتتهم الصومال وإثيوبيا اريتريا بتقويض الحكومة الانتقالية وتقديم مساعدات للإسلاميين، فيما تلقي أسمرا باللوم على واشنطن وأديس أبابا للتدخل"غير المسؤول"في الشؤون الصومالية.