تواصلت أمس لليوم الثالث على التوالي المعارك بين الميليشيات الإسلامية وعشائر مقديشو والقوات الصومالية والإثيوبية. واكتظت المستشفيات بالضحايا، فيما لم ينقطع دوي انفجار قذائف الدبابات والصواريخ التي تبادل الطرفان إطلاقها في المدينة التي تشهد أعنف معارك منذ أكثر من 15 عاماً. ولزم سكان المدينة الذين تحاصرهم المعارك منازلهم، ولم يتمكنوا من نقل جرحاهم إلى المستشفيات أو جمع الجثث المنتشرة في الشوارع. وقالت حبيبة حسن التي تقيم قرب ملعب لكرة القدم تدك منه الدبابات الإثيوبية مواقع للميليشيات:"لم نشاهد مثل هذه المعارك على الإطلاق، إنها الأسوأ في مقديشو". وقتل أكثر من 60 شخصاً وجُرح نحو 230 آخرين منذ اندلاع القتال الخميس الماضي إثر عملية واسعة شنتها القوات الإثيوبية لطرد الميليشيات من مقديشو. وأكدت أديس أبابا أن جيشها قتل"أكثر من 200 مسلح"منذ بداية العملية. وأسقط المسلحون أول من أمس مروحية إثيوبية بصاروخ. وقال شهود إن الإثيوبيين عززوا مواقعهم جنوبالمدينة حيث يحاول المتمردون طردهم. وجددت الحكومة اتهامها لتنظيم"القاعدة"بقيادة التمرد. وقال الناطق باسم الرئاسة الصومالية حسين محمد حسين إن"القاعدة"أرسلت مقاتلين أجانب لقتال الحكومة وحلفائها. وأضاف أن"هؤلاء وراء إسقاط المروحية الإثيوبية". وقال إبراهيم دوالي أحد سكان حي علي كامين الذي شهد أعنف المعارك في جنوبالمدينة:"لا نعرف أين نذهب، نحن عالقون في منازلنا والجثث في الشوارع". وأضاف:"لا يمكن إطلاقاً نقل الجرحى والقتلى بسبب قذائف مدفعية كثيفة. القصف يتواصل ولا يمكننا تحديد عدد الضحايا... لقد دمرت المنطقة برمتها. ويمكن رؤية الدخان يخرج من كل مكان". وافترش عشرات الجرحى فناء مستشفى المدينة الرئيسي، فيما سمع أنين آخرين داخل الأجنحة المكتظة. وقال مدير المستشفى شيخ دون صلاد علمي:"لم أر قط شيئاً كهذا ... نعمل بنصف جراحينا فقط، والاطباء الموجودون يعملون بلا راحة منذ ثلاثة أيام". وفر آلاف الاشخاص من المدينة في الأيام الاخيرة، كما خرج ألوف آخرون إلى الشوارع سيراً مع بزوغ أول خيوط الضوء أمس. وقالت اذاعة"شابيل"المستقلة في موقعها على الانترنت إن"أكبر نزوح جماعي على الاطلاق خلال العقد ونصف العقد الماضي يحدث الآن في مقديشو. وكل المتاجر أغلقت والشوارع أصبحت مهجورة". في غضون ذلك، دانت منظمة"هيومن رايتس ووتش"الحقوقية الأميركية برنامجاً دولياً سرياً لاعتقال صوماليين يشتبه في تورطهم مع"المحاكم الإسلامية"المهزومة. وأكدت في بيان أمس أن"كينيا وإثيوبيا والولاياتالمتحدة والحكومة الصومالية الانتقالية تعاونت في هذا البرنامج". وقالت إن"هذه الحكومات لعبت دوراً مشيناً عندما أساءت معاملة نازحين من مناطق الحرب"، مشيرة إلى أن"كينيا رحلت سراً أشخاصاً وأن إثيوبيا مسؤولة عن العشرات من حالات الاختفاء، كما أن عملاء أميركيين يستجوبون بانتظام أشخاصاً أودعوا قيد الاعتقال سراً". ولفتت إلى أن الاعتقالات استهدفت الفارين من الصومال بين نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام عندما هزم الجيش الإثيوبي"المحاكم: التي اتهمتها واشنطن بإيواء عناصر من تنظيم"القاعدة". وقالت إن"ما لا يقل عن 150 شخصاً من 18 جنسية مختلفة اعتقلوا سراً لأسابيع في كينيا بعد عبورهم الحدود، من دون توجيه اتهامات إليهم". وأكدت أن أجهزة الاستخبارات في الولاياتالمتحدة ودول أخرى استجوبت عدداً من هؤلاء المعتقلين في نيروبي وأن"85 شخصاً منهم على الأقل أعيدوا إلى الصومال". وأشارت إلى أن"معظم المرحلين إلى الصومال نقلوا في وقت لاحق إلى معتقلات في إثيوبيا، حيث اختفى عشرات منهم".