بعد يوم من فشل اجتماع في البيت الابيض بين الرئيس جورج بوش والديموقراطيين في حل الخلافات بشأن جدول زمني للانسحاب من العراق الذي يحاول الديموقراطيون ربطه بتمويل الحرب تواصل الصراع بين الطرفين، وأصبح الرئيس بوش وخصومه الديموقراطيون على طرفي نقيض اكثر من أي وقت مضى حول موضوع العراق، حيث اعتبر زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد ان الحرب في العراق مثل حرب فيتنام "خاسرة"، فيما واصل بوش والجمهوريون تبريرها وانتقدوا المقارنة بين حربي العراقوفيتنام. وعندما سُئل عن مقارنة حرب العراق بحرب فيتنام، التي لا يزال لها تأثير نفسي على الاميركيين بعد ثلاثة عقود من انتهائها، قال بوش خلال جلسة استمرت 90 دقيقة امام جمهور في اوهايو الخميس، ان أي انسحاب سابق لأوانه للولايات المتحدة من العراق قد يؤدي الى فوضى وقتل بالطريقة نفسها التي اندلعت بها الحرب بين فيتنام والخمير الحمر الكمبوديين بعد سقوط سايغون عام 1975. واضاف بوش:"بعد فيتنام وبعد رحيلنا فقد ملايين الناس حياتهم. ما أخشاه هو حدوث امر مماثل هناك". وقال:"هذه المرة لن يقتنع العدو بالبقاء فقط في الشرق الاوسط بل سيلاحقنا الى هنا". وأقر بوش بأن الاميركيين ينتابهم القلق بشأن قدرة الولاياتالمتحدة على النجاح في تحقيق استقرار الاوضاع بالعراق، وقال ان للديموقراطيين دوراً يقومون به، لكنه اوضح انه سيستخدم حق النقض لإحباط مشروعهم عندما يصل الى مكتبه الاسبوع المقبل. وفيما يقترب استحقاق فرض فيتو رئاسي على مشروع الديموقراطيين اعتبر ريد الخميس ان"هذه الحرب خاسرة، وارسال تعزيزات لا يؤدي الى نتيجة كما اثبت العنف الشديد الذي شهدناه في العراق هذا الاسبوع". واضاف:"هذه الحرب لا يمكن الفوز بها الا ديبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً". وتأتي هذه التصريحات اثر موجة دامية من الاعتداءات التي اوقعت 190 قتيلاً في بغداد، ما وجه ضربة قوية للخطة الامنية الاميركية في العاصمة. وقال ريد انه سلم رسالته لبوش خلال اللقاء معه الاربعاء في البيت الابيض، فيما يستعد الكونغرس الذي يهيمن عليه الديموقراطيون لاعتماد مشروع قانون بشكل نهائي الاسبوع المقبل يهدف الى تمويل العمليات العسكرية في العراق وافغانستان للعام 2007. واضاف ريد"على الاقل، قلت له بوش ما يجب ان يسمعه، وضميري مرتاح". وكما اصبحت العادة لدى معارضي الحرب على العراق، اقام ريد مقارنة الخميس بين الوضع الحالي والحرب في فيتنام قبل اربعين عاماً. وذكر ريد أن الرئيس ليندون"جونسون لم يكن يريد ان تتم خسارة حرب خلال ولايته، فقام بارسال تعزيزات الى فيتنام"، فيما قتل 24 الف اميركي في ذلك البلد. واضاف:"النتيجة كانت ان الحرب في فيتنام"اوقعت أكثر من 58 ألف قتيل اميركي. وفي وقت لاحق الخميس قال ريد بمجلس الشيوخ:"ما دمنا نتبع نهج الرئيس في العراق فالحرب خاسرة. ولكن لا تزال هناك فرصة لتغيير المسار. ويجب أن نغير المسار". وتابع أن مشروع قانون تمويل الحرب ينبغي أن يحتوي على جدول زمني"لتقليل المهمات القتالية واعادة تركيز جهودنا على التهديدات الحقيقية لأمننا". وانتقد بعض الجمهوريين تصريحات ريد. ودعا جون بوينر زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس النواب ريد الى التراجع عن"التصريحات المتهورة التي قد تضر بمعنويات القوات". وقال السناتور ميتش مكونيل زعيم الاقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ:"لا يمكنني بدء تصور كيف سيكون رد فعل قواتنا التي تخاطر بأرواحها كل يوم في الميدان عندما تعود الى القاعدة وتسمع أن الزعيم الديموقراطي بمجلس الشيوخ بالولاياتالمتحدة أعلن أن الحرب خاسرة". وفي الوقت نفسه عبر بوش عن"تفاؤل"ازاء نتيجة الحرب في العراق مبرراً قراره اجتياح هذا البلد وإطاحة الرئيس صدام حسين، خلال لقاء مع الناخبين في تيب سيتي بولاية اوهايو شمال، في حين ان الرأي العام الاميركي يعارض بغالبيته الحرب. وللمرة الأولى اظهر استطلاع للرأي نشر الاثنين في صحيفة"واشنطن بوست"ان غالبية من الاميركيين 51 في المئة تعتبر ان الولاياتالمتحدة ستخسر الحرب. وفي حين يرى الرأي العام بغالبيته 57 في المئة مقابل 37 في المئة انه يمكن ربح"الحرب ضد الارهاب"رغم احتمال الفشل في العراق، قال بوش الخميس ان"ميدان المعركة الرئيسي في هذه الحرب العالمية ضد الارهاب هو العراق". واضاف:"نحاول مساعدة ديموقراطية ناشئة على الاستمرار في قلب الشرق الاوسط وفي الوقت نفسه منع اعدائنا المعلنين من اقامة ملاذات لمهاجمتنا مجدداً". من جهتها، ردت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو على ريد بالقول:"من المقلق ان يعتقد البعض في الكابيتول مقر الكونغرس انهم يعرفون عن الموضوع اكثر من القادة على الارض". واضافت:"اذا كان فعلاً هذا هو شعوره فيجب ان نتساءل ما اذا كان يملك الشجاعة لحزم أمره وما اذا كان سيقرر رفض تمويل الحرب"، في اشارة الى عرض القوة بين البيت الابيض والكونغرس حول تمويل العمليات العسكرية في العام 2007.