شدد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس، خلال لقائه كبار المسؤولين العراقيين في بغداد أمس، على ضرورة "التقدم في عملية المصالحة الوطنية" في العراق، خصوصاً "مد اليد الى السنة"، محددا في الوقت ذاته فحوى الالتزام الاميركي"الطويل الامد"حيال بلدهم. وتوقع الميجور جنرال مايكل باربيرو نائب مدير العمليات الاقليمية في الجيش الأميركي تصعيداً في حملة التفجيرات الكبيرة التي تنفذها عناصر تنظيم"القاعدة"لافشال الجهود الاميركية الرامية الى تأمين بغداد. والتقى وزير الدفاع الاميركي الجمعة المسؤولين العراقيين في اليوم الثاني من زيارته الثالثة الى العراق منذ توليه منصبه العام الماضي. وقال غيتس للصحافيين في ختام لقائه رئيس الوزراء نوري المالكي انه ابلغه ضرورة"مد اليد الى السنة"، مؤكداً ان التعزيزات الاميركية هدفها افساح المجال امام تحقيق تقدم على الصعيد السياسي وليس وقف النزاع فقط. واضاف ان"التزامنا في العراق طويل الامد لكنه ليس التزاما يقضي ان يسير شباننا وشاباتنا ضمن دوريات في شوارع العراق الى ما لا نهاية، فهذه التعزيزات هي استراتيجية لشراء الوقت لتحقيق تقدم باتجاه العدالة والمصالحة في العراق". كما التقى غيتس وزير الدفاع العراقي عبدالقادر جاسم العبيدي. ودافع عن فكرة ارسال التعزيزات ضمن خطة فرض القانون التي انطلقت قبل اكثر من شهرين قائلا"ليس امرا مفاجئا ان تكون النتائج غير مؤكدة في هذا المجال". والتقى غيتس في وقت سابق مجلس الرئاسة العراقي لبحث"اهمية انجاح"المصالحة الوطنية. وافاد بيان لمجلس الرئاسة ان"اللقاء ناقش خطة"فرض القانون"وتطوراتها حيث لفت اعضاء المجلس الرئاسي الى وجود مؤشرات كثيرة على نجاحها، كما استعرضوا العملية السياسية وأهمية دعم المساعي الرامية لانجاح عملية المصالحة الوطنية". واضاف"شمل البحث ابعاد مشروع قانون المساءلة والعدالة الذي من شأنه تعزيز المصالحة والوحدة الوطنية". واعلن الرئيس جلال طالباني والمالكي في 26 الشهر الماضي تقديم مسودة قانون"المساءلة والعدالة"الى مجلسي الوزراء والنواب تتضمن"اعادة صوغ قانون اجتثاث البعث"، في اطار عملية المصالحة الوطنية. الى ذلك، اشار البيان الى"بعض الظواهر الايجابية في الآونة الأخيرة مثل مشاركة الاهالي في مواجهة تنظيم القاعدة الارهابي الذي يشن الآن حربا على جميع العراقيين بمختلف طوائفهم، الامر الذي يتطلب توحيد كل الجهود لمواجهته". ونسب البيان الى غيتس"تأكيد التزام بلاده دعم العراق نحو تحقيق المستقبل الافضل، وبسط الامن والاستقرار". والمجلس مكون من طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي. وحض غيتس المسؤولين العراقيين الخميس على"التقدم بسرعة"في جهود المصالحة لان الدعم الاميركي"ليس التزاما من دون نهاية". وتعتبر واشنطن اقرار قوانين تتعلق باقتسام الثروة النفطية والتراجع عن الحظر الشامل لتولي أعضاء سابقين بحزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل صدام حسين مناصب حكومية أموراً مهمة من أجل المصالحة. واضاف غيتس"اعرف ان هذا امر صعب لكن من المهم بذل اقصى الجهود من اجل اقرار هذه القوانين بأسرع وقت ممكن، فهذه القوانين لن تغير الاوضاع في البلد بشكل فوري لكن القدرة على اقرارها ستبرهن الرغبة في العمل المشترك للبدء في تسوية المشاكل". وتعتبر تصريحات غيتس من أشد التصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولين الاميركيين الذين دعوا زعماء العراق الى تسريع جهود المصالحة. والغى وزير الدفاع صباح الجمعة جولة تفقدية في مركز امني عراقي اميركي مشترك، بحسب مسؤول اميركي. واجرى غيتس محادثات مع قائد قوات التحالف الجنرال الاميركي ديفيد بترايوس ونائبه اللفتنانت كولونيل راي اوديرنو والادميرال وليام فالون قائد القيادة الاميركية الوسطى. وكان الميجور جنرال مايكل باربيرو نائب مدير العمليات الاقليمية في الجيش الأميركي توقع تصعيداً في حملة التفجيرات الكبيرة التي ينفذها عناصر تنظيم"القاعدة"لافشال الجهود الاميركية الرامية الى تأمين بغداد. وقال:"يجب ان تكون لدينا تصورات واقعية بأن هذه الهجمات الكبيرة ستستمر في بغداد". وتأتي تصريحات الجنرال بعد مرور يوم من التفجيرات الدامية في بغداد التي اودت بحياة 190 شخصا، والتي هزت الثقة في امكانية الخطة الاميركية في اعادة الامن والاستقرار بالتعاون مع القوات العراقية. وقال باربيرو انه يتوقع هجمات اخرى لان التفجيرات بسيارات مفخخة هي علامة هذه الجماعات المتطرفة. واضاف ان"هذه التفجيرات كما تعرفون حرب من جانبنا والان نرى رد الفعل من جانبهم وستستمر الامور على هذا الحال حتى نتمكن من هزيمة هذه القوى". وتابع ان الجيش الاميركي كان يطارد شبكات التطرف وسلسلة تمويلاتهم لكن في الوقت ذاته كانوا ينصبون حواجز حول الاسواق والاماكن الاخرى التي قد تشكل اهدافا. واكد باربيرو"اذا نظرت الى تفجيرات الاربعاء بشكل منعزل سترى انها قصة سيئة ... وكأننا لم نحقق نجاحا ابدا". واضاف"لكن اذا القيت نظرة بعيدة المدى حول الانجاز الذي تحقق منذ بداية العملية الامنية في بغداد حتى الان سترى ان هناك اشارات ناجحة". وتابع ان العنف الطائفي انخفض في بغداد وكذلك العنف في محافظة الانبار غرب العراق تراجع بصورة كبيرة بسبب قتال قادة العشائر في المحافظة عناصر القاعدة في العراق. من جهة أخرى، قال باربيرو ان ايران لم تقدم مساعدة الى الشيعة فقط في العراق، انما على ما يبدو الى السنة ايضا لزعزعة الاستقرار في البلاد. وقال ان اسرى لدى الاميركيين قالوا ان عملاء استخبارات ايرانيين يدعمون مقاومين عراقيين سنة. وتابع ان اسلحة ايرانية قد عثر عليها في احد احياء بغداد الذي تقطنه اكثرية سنية. واعترف باربيرو بأن هذه"المؤشرات"حول المساعدة الايرانية الى المقاومين السنة ما زالت مع ذلك"غير دقيقة". واوضح ان هدف ايران من دعم المقاومين السنة هو"زعزعة استقرار العراق ومنعنا من احراز تقدم. وهذه هي تقريبا الاستراتيجية نفسها التي يطبقونها في دعم الشيعة".