أعاد الكونغرس الأميركي أمس الكرة الى البيت الأبيض في فضيحة طرد المدعين العامين من وزارة العدل لأسباب سياسية، بعد جلسة استماع ساخنة لوزير العدل ألبرتو غونزاليس فشلت في إسكات الأصوات المطالبة باستقالته، وباتت تنذر، بحسب الخبراء، بمرحلة جديدة "أكثر عدائية" بين الكونغرس والرئيس جورج بوش في حال قرر الأخير التمسك بوزيره. وفي جلسة استماع استمرت حوالي خمس ساعات أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، دافع غونزاليس عن قرار الوزارة طرد ثمانية مدعين عامين في كانون الأول ديسمبر الفائت، واعترف بدور"صغير"لعبه في هذه العملية، بعدما كان نفى هذا الأمر في جلسة استماع سبقت التحقيق الذي فتحه الكونغرس في الفضيحة. ويحقق الكونغرس في الدوافع التي أدت الى طرد المدعين، وأعيد بعضها الى أسباب سياسية ترتبط برفض هؤلاء القيام بمهمات ذات طابع حزبي لإرضاء البيت الأبيض، مثل التفتيش عن تهم فساد لنواب ديموقراطيين في الولايات التي يعملون فيها. وكشفت جلسات الاستماع المتتالية لمسؤولين سابقين وحاليين في الوزارة، ضلوع مستشارين لبوش في الفضيحة، بينهم كارل روف والمستشارة السابقة هارييت مايرز، والذين رفض البيت الأبيض حتى الآن السماح للكونغرس باستجوابهم، كما أصر على تمسكه بغونزاليس في وجه الأصوات المطالبة باستقالته. ورأى الخبير السياسي في معهد"نيو أميركان فاوندايشن"ستيفن كليمونز في تصريح الى"الحياة"أن جلسة الأمس عكست"موقف غونزاليس الضعيف"بعد الانتقادات الموجهة اليه من نواب في الحزبين الديموقراطي والجمهوري. وانعكس ذلك في الأسئلة الحادة التي طرحها السناتور آرلن سبكتر جمهوري خلال الجلسة بما أحرج الوزير وابرز التناقضات في شهاداته وعدم تطابقها مع تصريحات مسؤولين سابقين في الوزارة. ولم تسكت الجلسة الأبواق المطالبة برحيل غونزاليس، والتي تجددت أمس على لسان السناتور هيلاري كلينتون ديموقراطية والسناتور جون سنونو جمهوري. وأوضح كليموتز أن الفضيحة، وفي حال استمرار البيت الأبيض في رفض اقالة غونزاليس، ستؤدي الى"تأزم أكبر في العلاقة بين بوش والكونغرس"وستدفع السلطة التشريعية الى اتخاذ مسار"أكثر إذلالا"للإدارة الجمهورية امام الرأي العام، لا سيما بعد هبوط نسبة تأييد الاميركيين لغونزاليس الى 28 في المئة بحسب استطلاع اجري اخيرا. وتوقع كليمونز أن يرضخ البيت الأبيض للضغوط ويستبدل غونزاليس في الفترة المقبلة، اذ أن بقاءه سيعني"مواجهة مع النواب، الادارة في غنى عنها"، خصوصا في ظل التشنج بين السلطتين حول الحرب في العراق والسياسة الخارجية عموما. ويعتبر غونزاليس من الشخصيات القريبة من بوش والتي رافقته في رحلته السياسية منذ كان حاكماً لولاية تكساس في 1994، كما برز دوره في الدفاع عن الادارة وتوفير الغطاء القانوني لتشريع مذكرات التعامل مع المعتقلين بتهم الارهاب وانشاء السجون الاستخباراتية خارج الولاياتالمتحدة.