شهدت جادة بنسلفانيا الفاصلة بين البيت الأبيض ومبنى الكونغرس حركة سير لم تألفها خلال السنوات السبع الفائتة، مع توافد مواكب المحامين والفرق القانونية اليهما، للتفاوض على مخرج سياسي في قضية طرد المدعين العامين التي تفاقمت أمس بعد اصرار الكونغرس على استدعاء مسؤولين في البيت الأبيض وتلويح الأخير بصلاحيات الرئيس الامتيازية و "الخيار النووي" بالتوجه الى المحكمة العليا. وتصاعدت الفضيحة أمس مع اقرار اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ استدعاء مسؤولين في البيت الأبيض واستجوابهم في مسألة إقدام وزارة العدل الأميركية على طرد ثمانية مدعين عامين في كانون الأول ديسمبر الفائت لأسباب يشتبه في أن تكون سياسية ولمعارضة بعضهم نهج الرئيس جورج بوش، ويسلط الضوء فيها على وزير العدل ألبرتو غونزاليس ومستشار الرئيس كارل روف، والمستشارة القانونية السابقة للرئيس هارييت مايرز. وتعتبر هذه المواجهة الأولى من نوعها منذ وصول بوش الى البيت الأبيض في العام 2000 وبعد أقل من 100 يوم على تسلم الديموقراطيين المطرقة التشريعية في الكونغرس. ورفضت اللجنة القضائية التي تحقق في الفضيحة دعوة محامي البيت الأبيض فرد فيلدينغ للقبول بعرض الرئيس الذي يسمح لبعض أعضاء اللجنة بمقابلة روف ومايرز بعيدا عن الأضواء ومن دون الادلاء بالقسم. واعتبر رئيس اللجنة باتريك ليهي العرض"فارغا"، وأقرت اللجنة في المقابل استدعاء مسؤولي البيت الأبيض في جلسة علنية. من جهته تمسك الرئيس بوش بصلاحياته التنفيذية لحماية فريقه الرئاسي، وجدد رفض الاستدعاءات ملوحاً بمواجهة في المحكمة العليا في حال فشل المفاوضات بين الطرفين. وقال الخبير القانوني مارك روزل ل"الحياة"إن بوش يحظى ب"الامتياز التنفيذي"وهو حق دستوري منذ 1803 يسمح لأي رئيس بحجب معلومات ورفض استدعاءات الكونغرس اذا لم يثبت حصول انتهاك قانوني في القضية. واستعمل هذا الحق رؤساء سابقون مثل الرئيس دوايت أيزنهاور 1951 وربحه في قضية ماكارثي، فيما خسره ريتشارد نيكسون في 1974 في ظل فضيحة"ووترغيت"بعد تبيان المخالفات القانونية لإدارته. ورأى روزل أن حجم الفضيحة الحالي"أصغر بكثير"من"ووترغيت"أو فضيحة مونيكا لوينسكي، التي فشل أيضا فيها الرئيس بيل كلينتون في اللجوء للامتياز التنفيذي وحجب معلومات وشهود عن الكونغرس، ولأن البيت الأبيض قدم في الأسبوع الأخير معلومات للكونغرس بما يزيد عن 3000 وثيقة حول عملية الطرد، كما يتابع الفريقان استشاراتهم القانونية. وعزا روزل تردد بوش في استعمال هذا الحق اليوم، الى رغبته في تفادي المزيد من المشكلات مع الكونغرس في ظل المواجهة التشريعية حول الحرب في العراق، وهبوط شعبية الرئيس لدى الرأي العام الأميركي. ورداً على سؤال عن المخرج المحتمل، اعتبر روزل أن استقالة محتملة لغونزاليس، أو ليونة أكبر في استجواب روف قد ترضي الطرفين.