كررت إسرائيل موقفها المعارض وقف البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين في شكل تام، وعاودت طرح ذريعة «التكاثر الطبيعي» لتبرير مواصلة البناء، إضافة إلى الادعاء بأن القانون لا يسمح للحكومة بوقف مشاريع البناء التي أقرت في السابق. إلى ذلك، سارعت أوساط رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى التقليل من شأن إلغاء الاجتماع الذي كان مقرراً بين الأخير والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في باريس اليوم، وادعت بأن التأجيل تم بطلب إسرائيلي، فيما أفادت وسائل الإعلام العبرية أن واشنطن ألغت الاجتماع بداعي أن لا جدوى منه طالما أصرت إسرائيل على مواصلة البناء في المستوطنات. واعتبر نتانياهو في حديثه لوسائل الإعلام الايطالية ولصحافيين إسرائيليين يرافقونه في جولته الاوروبية، التمحور في الحديث عن المستوطنات «هدر وقت يعيق التقدم في العملية السياسية». وذكّر بأن إسرائيل أعلنت نيتها وقف البناء لتوسيع الاستيطان، «في موازاة مواصلة البناء لسد حاجات التكاثر الطبيعي»، معتبراً هذا الموقف «عادلاً يعكس استعداداً للبدء فوراً في مفاوضات سلمية وللتقدم نحو السلام». واعتبر فكرة الدولة الفلسطينية المجردة من السلاح «معادلة منتصرة للسلام». وتابع أن إسرائيل تقبل بمبدأ مناقشة مسألة الاستيطان ضمن مفاوضات التسوية الدائمة، معرباً عن قناعته بإمكان التوصل إلى تفاهمات حول هذه المسألة مع الإدارة الأميركية. من جهته، قال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أمس إن إسرائيل مستعدة لإبداء قدر كبير من المرونة في مسألة المستوطنات «لكن ليس بأي ثمن». وأضاف أن خطاب رئيس الحكومة الأخير «صاغ بشكل دقيق حدود المرونة الممكنة ونحن مستعدون لإبداء مرونة كبيرة لكن لا يتوقع أحد أن نقبل بوضع لا يمكن فيه بناء كنيس أو روضة أطفال أو إضافة غرفة في شقة سكنية». إلى ذلك، قال مصدر ضمن الوفد المرافق لنتانياهو في زيارته إلى روما وباريس إن اللقاء الذي كان مقرراً عقده في العاصمة الفرنسية اليوم مع ميتشل تأجل بموافقة الأخير، وذلك بعدما رأى رئيس الوزراء الاسرائيلي أنه «في حاجة إلى مزيد من الوقت لصوغ الموقف الإسرائيلي النهائي من قضية البناء في المستوطنات». وأضاف المصدر أن نتانياهو طلب من وزير الدفاع الاتصال بميتشل وطلب تأجيل الاجتماع في باريس، على أن يغادر باراك إلى واشنطن الاثنين المقبل للقاء المبعوث الأميركي للسلام والبحث في هذا الملف وغيره. وتابع المصدر أن اختيار باراك للسفر يأتي على خلفية كونه المسؤول المباشر عن ملف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو العنوان لمعالجة الطلب الأميركي المتعلق بإزالة حواجز عسكرية في أنحاء الضفة الغربية. وتابع المصدر أن إسرائيل «ستصر على عدم تجميد مجرى الحياة في المستوطنات، وستوضح أن استمرار البناء فيها ضروري للتجاوب مع النمو السكاني الطبيعي». لكن وسائل إعلام عبرية أفادت أن إرجاء الاجتماع جاء بطلب من ميتشل احتجاجاً على إصرار إسرائيل مواصلة البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. وذكرت صحيفة ««يديعوت أحرونوت» في عنوانها الرئيس أمس أن ميتشل طلب تأجيل الاجتماع مع نتانياهو بعدما أيقن في أعقاب لقائه في واشنطن أواخر الأسبوع الماضي المستشار الخاص لرئيس الحكومة يتسحق مولخو، أن لا جدوى من أي اجتماع طالما استمرت إسرائيل في البناء في المستوطنات. وتابعت تحت عنوان «الولاياتالمتحدة لنتانياهو: لا شيء نتحدث عنه»، أن الأميركيين أوضحوا لمولخو مرة أخرى أن الولاياتالمتحدة تعارض مواصلة البناء في المستوطنات بضمنها الكتل الاستيطانية الكبرى «حتى لسد حاجات النمو الطبيعي». وزادت أنه إزاء هذا الموقف الأميركي الصارم رأى نتانياهو هو الآخر أن لا جدوى من لقاء ميتشل في باريس إلى حين ايجاد حل وسط للخلاف. ونقلت الصحيفة عن مصدر كبير في إسرائيل أن البيت الأبيض بعث لنتانياهو برسالة شديدة اللهجة تقول له إن «عليك تحضير دروسك جيداً في شأن مسألة البناء في المستوطنات، وبعدما تفعل أبلغنا بذلك. وحتى ذلك الحين، لا توجد أي جدوى أن يسافر ميتشل إلى باريس للقائك». وتابع المصدر أنه بعد هذه الرسالة، تقرر إيفاد باراك إلى واشنطن في زيارة قصيرة، علماً أنه زارها قبل أسبوعين. وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع يعتبر الشخص «المعتدل» في الحكومة الإسرائيلية و «الوسيط» بين إسرائيل والولاياتالمتحدة في المحادثات حول الاستيطان، والقادر على جسر الهوة بين البلدين، وأنه سيحاول خلال زيارته اقتراح صيغة حل وسط تتيح لإسرائيل مواصلة بناء منازل ومؤسسات عامة في الكتل الاستيطانية الكبرى. كما سيبحث في الطلب الأميركي إزالة حواجز في أنحاء الضفة الغربية وفتح المعابر مع قطاع غزة في شكل تام. ورأت الصحيفة أن الأميركيين لمّحوا للإسرائيليين إلى أنهم لن يضغطوا على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) لعقد لقاء مع نتانياهو قبل التوصل إلى تفاهمات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل.