تتطلع الإدارة الأميركية إلى رأب الصدع وتحسين العلاقة مع البطريركية المارونية بعد الجدل الذي أثارته تصريحات البطريرك بشارة الراعي حول سورية، وإلغائه محطة واشنطن وعلامات الاستفهام التي أحاطت احتمال لقائه الرئيس باراك أوباما والذي لم يتم تأكيده قبل التصريحات ولا بعدها. ويقوم الراعي الذي يصل الثلثاء إلى مدينة سانت لويس (ولاية ميسوري)، بجولة تستمر 20 يوماً وتشمل ولايات فيها تجمعات كبيرة للموارنة الذين يقارب عددهم مليوناً في الولاياتالمتحدة. وستأخذ الجولة البطريرك الجديد إلى ولايات كاليفورنيا وألينوي ونيويورك وتكساس، لكنها ستستثني العاصمة واشنطن، بعد قرار اتخذته البطريركية بإلغاء المحطة فيها «لأسباب تندرج في تفاوت التوقعات بين وفد الراعي وأركان الإدارة حول جدول الأعمال»، وفق مراقبين. وفيما فسر مطران الكنيسة في واشنطن غريغوري منصور حذف واشنطن من جدول الأعمال «بسوء فهم تصريحات الراعي حول سورية»، وفي حين نسبت مصادر راعوية الخطوة إلى عدم ترتيب لقاء للراعي مع أوباما، عكست الأجواء الأميركية مناخاً مختلفاً. وعلى رغم خيبة الأمل التي طبعت ردود الفعل من تصريحات الراعي في فرنسا وخصوصاً لجهة ربطها وجود الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم بالاستقرار والتحذير من حرب أهلية، وأيضاً لجهة استحضارها الانقسامات المذهبية، هناك ادراك أميركي وتفهم لدى الإدارة لمخاوف الأقلية المسيحية في الشرق مما قد يأتي به الربيع العربي، وهذا التفهم عبرت عنه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون منذ أسبوعين حين حذرت من الجانب السلبي للربيع العربي المستهدف للأقليات، واعتبرت أنه لا «يجوز استبدال حكم استبدادي بآخر». ومن هذه الناحية وتحديداً في سورية، تتطلع واشنطن إلى مرحلة انتقالية شاملة تتفادى الانقسامات المذهبية، كما تعتبر أن الأسد بات عامل زعزعة للاستقرار وليس العكس. أما لناحية الاجتماع مع أوباما، فهذا اللقاء لم يؤكد في أي مرحلة من التحضيرات لزيارة الراعي ولأسباب لا ترتبط حكراً بالتصريحات حول سورية. فأوباما وعلى عكس سلفه جورج بوش، يحصر لقاءاته مع الجانب اللبناني بالمستوى الرسمي. كما ان توقيت الزيارة ليس في ظروف شبيهة بتلك التي عاصرها لبنان خلال ولاية بوش، حيث كان الوضع اللبناني أولوية اقليمية وفي صلب الاهتمام الشرق الأوسطي لواشنطن. من هنا لم يتم تأكيد الاجتماع مع أن لقاءات أخرى رفيعة كانت على الطاولة. وكان وزير النقل اللبناني الأصل راي لحود من أبرز الدافعين لاستقبال رفيع للراعي من جانب الإدارة. ورأت واشنطن في الزيارة فرصة لتأكيد حماية حقوق الأقليات وتمتين الرابط مع الكنيسة المارونية، وهو أمر ما زالت تتطلع باتجاهه في المرحلة المقبلة. ونقلت السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيلي مجمل هذه الرسائل للراعي، الذي وضع تصريحاته حول سورية في إطار مخاوفه على الأقليات في المنطقة. وفي الوقت الراهن تحاول الادارة الأميركية تخطي هذا الجدل والحفاظ على علاقة متينة مع الكنيسة المارونية وخصوصاً في ظل التقلبات التي تشهدها المنطقة حيث موضوع الأقليات هو أولوية بالنسبة الى كثير من أعضاء الكونغرس وشخصيات داخل البيت الأبيض والخارجية.