تحولت تصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي في فرنسا عن سلاح «حزب الله» والوضع في سورية الى أحد مواضيع الانقسام السياسي العريض في لبنان بين قوى 8 آذار التي تشكل الجسم الأساسي للأكثرية الحالية، وقوى 14 آذار المعارضة. ولقي كلام الراعي الذي ربط فيه سلاح «حزب الله» بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل، والذي اعتبر فيه أن المسيحيين سيدفعون الثمن إذا وصل «الإخوان المسلمون» الى السلطة في سورية، وأن السنّة فيها سيتحالفون مع سنّة لبنان ما سيؤزم الوضع مع الشيعة، ردود فعل متعددة الاتجاهات بين مؤيد له ومنتقد لمواقفه. وفي باريس استغرب مصدر مسؤول تصريحات الراعي عن أنه يجب إعطاء فرصة للرئيس السوري الأسد «الذي يقمع ويقتل شعبه». وأسف المصدر «لمثل هذا الكلام من رئيس الكنيسة المارونية بعد محادثات موسعة مع الرئيس نيكولا ساركوزي حول الموضوع». وإذ أشار المصدر الفرنسي المسؤول الى أن الرئيس ساركوزي «أعرب عن قناعته للبطريرك الراعي بأن النظام السوري انتهى»، أوضح أن الرئيس الفرنسي «أكد للراعي أن الرئيس السوري اختار نهج التطرف وقتل شعبه». وفي المقابل، رأى السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم علي أن ما أعلنه الراعي «تعبير عن رؤية فكرية ووطنية وسياسية متوازنة ومسؤولة ومنسجمة مع دور الكنيسة التي يمثلها في مواجهة المؤامرة التي تستهدف المنطقة برمتها وهي مواقف تعبر أيضاً عن رأي الفاتيكان». أما ردود الفعل المحلية التي توقعت أوساط مراقبة أن تتواصل وتتفاعل خلال الأيام المقبلة، فراوحت بين التأييد من جانب قوى 8 آذار والرفض والانتقاد من قبل قوى 14 آذار. ورأى نائب رئيس البرلمان فريد مكاري (14 آذار) أن مواقف الراعي «انقلاب موصوف على المسيرة التاريخية للبطريركية المارونية، وعلى موقف مجلس المطارنة الموارنة». وذهب مكاري الى حد القول إن الراعي «فقد دوره كمظلة مسيحية بعد أن استعدى 70 في المئة من المسيحيين». وقال النائب بطرس حرب إن ما قاله البطريرك «لا يعبر عن رأينا... وليس هناك خوف ممن يخلف النظام السوري»، مشيراً الى أنه سيستوضح منه موقفه «وفي ضوء ذلك سنأخذ موقفاً». وصدرت تصريحات من نواب في «حزب الكتائب» و «القوات اللبنانية» وكتلة «المستقبل» عبرت عن المفاجأة من تصريحات الراعي وانتقدت كلامه. وجددت «الجماعة الإسلامية» انتقادها كلام البطريرك، من باب هجومها على تصريحات زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الذي أيّد تصريحات الراعي حول سورية و»الإخوان المسلمين» معتبراً أنها «مردودة». وتمنى مسؤول «الجماعة» في الجنوب بسام حمود بعد اجتماع بين قياديين منها مع النائب بهية الحريري في صيدا، «لو أن الراعي لم يخض في هذا الموضوع». وأكد أن «أهل السنّة في لبنان وسورية من أحرص الناس على الأقليات الموجودة». وفي الجهة المقابلة، رأى النائب عن «التيار الوطني» ألان عون أن كلام الراعي «يعبّر عن قلق وهواجس موجودة أكثر مما هو كلام عن اصطفافات»، مشيراً الى «مجموعات تحمل عقائد لا تعترف بحرية الاختلاف والرأي». ونوّه نواب من «كتلة التنمية والتحرير» التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري بكلام الراعي وهاجم بعضهم انتقادات نواب 14 آذار له.