جاء إصرار "مراقب الدولة" في إسرائيل، القاضي المتقاعد ميخا ليندنشتراوس على إصدار تقرير مرحلي في شأن إعداد الجبهة الداخلية لحرب محتملة ومعالجة الحكومة الإسرائيلية أمور سكان شمال إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على لبنان وقبلها، من دون انتظار رد رئيس الحكومة ايهود اولمرت على أسئلة وجهت إليه عن الموضوع، ليشعل حرباً ضروساً بين مقربي الرجلين اللذين تسود بينهما علاقات متوترة على خلفية ادعاء رئيس الحكومة ان مراقب الدولة يسعى إلى"تلطيخ سمعته"من خلال حماسته لفحص قضايا الفساد المنسوبة إليه. ويتناول تقرير المراقب كيفية عمل أجهزة الإسعاف والإطفاء والشرطة وتخزين المواد الخطيرة والتخلص منها وإعداد الملاجىء وغيرها من مسائل تتعلق بالبيئة أيضا. وكان اولمرت رفض دعوة ليندنشتراوس للمثول أمامه لمساءلته عن هذه القضايا المتعلقة بالتحقيق الذي يجريه، رغم أن وزير الدفاع عمير بيرتس ووزراء آخرين وقائد الجيش المستقيل دان حالوتس فعلوا ذلك. ولاحقا طلب اولمرت من المراقب أن يوجه اليه خطيا الأسئلة التي يختار للرد عليها، لكنه لم يفعل طالباً إمهاله حتى أواخر الشهر الجاري، أي الى ما بعد نشر"لجنة فينوغراد"تقريرها عن اخفاقات الحرب اللبنانية، ما أغاظ المراقب ولجنة المراقبة البرلمانية التي رأت في تلكؤ اولمرت في الرد سلوكا مرفوضا ودعت المراقب إلى تقديم تقرير مرحلي غدا. وبينما لاقى موقف المراقب الدعم من معظم النواب في الكنيست، اتهمت أوساط اولمرت المراقب بالسعي إلى إطاحة رئيس الحكومة"لدوافع شخصية"، وأشارت تحديدا إلى توقيت النشر، أي قبل أسابيع معدودة على التقرير الذي ستنشره لجنة الفحص الحكومية في إخفاقات الحرب لجنة فينوغراد. ورأت ان اختيار التوقيت جاء لغرض تحديد سقف للهجة تقرير"لجنة فينوغراد"، أي حشرها في الزاوية لإرغامها على تبني لهجة متشددة وتوصيات صارمة ضد أركان الحكومة والجيش تتماشى و"لهجة ليندنشتراوس الحادة". ولفت المقربون أيضاً إلى انه لم يسبق في تاريخ إسرائيل أن أصدر"مراقب الدولة"تقريرا مرحليا في أي قضية،"ما يؤكد ان سلوك المراقب الحالي نابع عن حقد شخصي لرئيس الحكومة، بعيدا عن النزاهة المستوجبة منه"، مضيفين ان الإسراع في النشر مرده"شبق الظهور الإعلامي"لدى المراقب الراغب في الظفر بعناوين في وسائل الإعلام. وقال رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست افيغدور يتسحاقي كديما للإذاعة الإسرائيلية أمس ان مراقب الدولة يريد"تغيير السلطة في إسرائيل وإسقاط اولمرت"، فيما قال النائب من الحزب نفسه أرييل شنلر ان المراقب كان اتفق مع رئيس الحكومة قبل فترة وجيزة بأن يقدم الأخير أجوبته على مساءلاته حتى موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري"ثم عدل فجأة وقرر تقديم تقرير مرحلي". واعتبر نواب من الأحزاب المختلفة سلوك اولمرت"فضائحيا واستخفافا فظيعا بسلطة القانون وهروبا من المسؤولية". وقال النائب ران كوهين ميرتس إن سلوك رئيس الحكومة لا يختلف عن سلوك أي جنائي أو فاسد. واتهم النائب يوفال شتاينتس رئيس الحكومة بمحاولة خطيرة للانقضاض على سلطة القانون، فيما قال النائب من حزب"العمل"داني ياتوم إن رفض اولمرت الرد على مساءلات المراقب مثلها مثل الاعتراف بصحة الاستنتاجات التي خلص إليها الأخير. وبرر رئيس لجنة المراقبة البرلمانية النائب اليميني زفولون اورليف إصرار اللجنة على تلقي تقرير مرحلي بأن الوقت آخذ بالنفاد"ولا أحد يعلم متى تنشب الحرب المقبلة". وأضاف ان اللجنة تفترض ان الحرب المقبلة ستنشب قريباً وستشمل أيضا الجبهة الداخلية"لذا لا مكان للمماطلة التي يتعمدها رئيس الحكومة من أجل كسب الوقت". وزاد انه من الأهمية بمكان الاطلاع على تقرير المراقبة لتمكين الحكومة من تفادي إخفاقات مماثلة في المستقبل. ولا تخفي أوساط عسكرية رفيعة قلقها مما سيتضمنه تقرير المراقب، والذي يتوقع الجميع أن يكون صارما جدا، من تحميل قادة الجيش أيضاً مسؤولية عن التقصير الذي حصل في معالجة شؤون سكان الشمال خلال الحرب. وراجت أنباء عن إمكان توجه الجيش إلى المحكمة العليا لاستصدار أمر بمنع نشر التقرير بدعوى ان الدوائر الأمنية لم تُمنح الوقت الكافي للرد على الانتقادات الموجهة لها. على صلة، توجهت النائب اليسارية زهافا غالؤون إلى المحكمة العليا بطلب إرغام لجنة فينوغراد على نشر محاضر الإفادات التي قدمها اولمرت وبيرتس وحالوتس أمام اللجنة، قبل أن تنشر هذه تقريرها المرحلي.