يرى محللون أن الهجمات الدامية التي تشهدها العاصمة الصومالية منذ دخلتها قوات الحكومة الانتقالية وحلفاؤها الإثيوبيون نهاية العام الماضي، يقف وراءها تحالف غير متجانس مكون من ميليشيات إسلامية وزعماء حرب ووجهاء عشائر لديهم أهداف مختلفة، لكنهم يتفقون في الرغبة في طرد القوات الإثيوبية وعرقلة عمل الحكومة في مقديشو. ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة دافيدسون الأميركية كين مانكهوس أن ما يجري في الصومال"هو تمرد متعدد المشارب ضد الحكومة الانتقالية والجيش الإثيوبي". وأضاف أن"هذه المقاومة المسلحة تشكلها مجموعات، بينها الإسلاميون وميليشيات العشائر وزعماء الحرب"، مشدداً على أن أطراف التمرد"لا تملك أي قاسم مشترك سوى الرغبة في طرد الإثيوبيين ومنع الحكومة من ممارسة سلطاتها". وكان الجيشان الإثيوبي والصومالي هزما نهاية العام الماضي ميليشيات"المحاكم الإسلامية"التي كانت تسيطر على معظم مناطق جنوبالصومال بعدما نجحت بدعم من عشائر أُقصيت من تقاسم السلطة في طرد مجموعة من زعماء الحرب تساندها واشنطن في إطار"الحرب على الإرهاب". وفرض الإسلاميون هدوء نسبياً في المناطق التي سيطروا عليها، لا سيما مقديشو. وبعد هزيمة"المحاكم"، عاد زعماء الحرب إلى مقديشو التي تسيطر عليها قبيلة"الهوية"منذ إطاحة نظام الديكتاتور محمد سياد بري العام 1991. ويجمع بين زعماء قبيلة"الهوية"والإسلاميين معاداة الإثيوبيين والحكومة الصومالية التي تسيطر عليها قبيلة منافسة هي قبيلة"دارود"التي يتحدر منها الرئيس السابق سياد بري. وانضم إلى التمرد زعماء قبائل أخرى اعتبروا أنهم غير ممثلين بما يكفي في السلطة الانتقالية. ويعتبر مدير برنامج أفريقيا في"مجموعة الأزمات الدولية"فرانسوا غرينيون أن"طبيعة المعارك الأخيرة تشير إلى وجود تمرد بقيادة موحدة". ولاحظ أنه"في الأسبوع الماضي حدثت هجمات مختلفة ضد الإثيوبيين، خصوصاً التفجيرات المتحكم فيها من بعد، ما يؤشر إلى وجود تنسيق. ولم يعد الأمر يقتصر على إطلاق قذائف تسقط حسب الظروف". ويعتقد مانكهوس بأن للمتمردين الصوماليين أعداء مشتركين ولكن"مصالحهم مختلفة"، مشيراً إلى أن"الإسلاميين يريدون قيادة عملية سياسية جديدة، في حين يمكن أن يقبل زعماء القبائل بحكومة وحدة وطنية شرط أن يحصلوا على تمثيل جيد". ويشير المحلل في"مركز الأبحاث المستقل"في نيروبي جيريميا اويتي إلى أن زعماء القبائل وزعماء الحرب"لديهم دوافع تجارية تتلخص في استعادة جباية الرسوم"، وهو نشاط يمكن أن يكون مجزياً في حال تولي منصب وزاري مهم. وكانت قبيلة"الهوية"أعلنت الأسبوع الماضي أنها أبرمت اتفاقاً لوقف النار مع القوات الإثيوبية، ما يؤكد أنها متورطة في المعارك. وأكدت الحكومة في وقت لاحق أنها"على استعداد"للتفاوض مع وجهاء"الهوية"الذين أفرجوا عن 18 جندياً صومالياً. وحذر مانكهوس من أنه"إذا كانت قبيلة الهوية قادرة على السيطرة على المعارك، فإنها لا تسيطر على الاسلاميين المتشددين"، ملمحاً إلى أن أعمال العنف يمكن أن تتواصل حتى إذا نجحت أي مفاوضات محتملة بين"الهوية"والحكومة.