ينشغل الساسة وقادة أجهزة المخابرات الإسرائيلية ومعهم الإعلاميون النافذون في السؤال عن "جدية رسائل السلام السورية" و "نيات الرئيس بشار الأسد الحقيقية" لإبرام اتفاق سلام مع الدولة العبرية، فيما أورد الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال في الاحتياط غيورا أيلاند خمسة اسباب رئيسة تؤكد أن"لا مصلحة إسرائيلية في استئناف المفاوضات مع دمشق بحثاً عن اتفاق سلام وضعت معالمه في المفاوضات السابقة بين البلدين"، مضيفاً ان مثل هذا الاتفاق قد يخلق واقعا يقود إلى حرب بين البلدين تبدو احتمالات وقوعها ضئيلة اكثر في غياب اتفاق كهذا. واعتبر أيلاند، عضو فريق البحوث في مركز دراسات الأمن القومي، في مقال ورد في نشرة"مركز جافي للدراسات الاستراتيجية"لآذار مارس الجاري، ان السبب الأول ل"عدم جدوى اتفاق سلام"مع سورية هو انه لن يحقق لإسرائيل أي شيء على سائر جبهات الصراع"ولن يزيل التهديد الايراني النووي لإسرائيل. فسورية لا تؤثر على طهران في هذه المسألة بينما الأخيرة ليست متعلقة بدمشق، وبالتأكيد لا تقيم لها شأناً في هذا الملف". واضاف ان اتفاق سلام مع سورية لن يحل القضية الفلسطينية،"بل قد يؤجج الصراع مع الفلسطينيين"لأن استئناف المسار السوري سيأتي على حساب المسار الفلسطيني ويشكل صفعة للفلسطينيين"قد تحضهم على انتفاضة جديدة". كما ان اعتماد اتفاق مع دمشق على الانسحاب الى حدود حزيران يونيو 1967 قد يحبط أي أمل بإنجاز اتفاق مع الفلسطينيين لا يعتمد المبدأ ذاته الذي ترفضه غالبية الإسرائيليين. الى ذلك، لن يحل السلام مع سورية"مشكلة لبنان"بل قد يفاقمها في ظل تنامي النفوذ الايراني في هذا البلد عبر"حزب الله". وخلص الكاتب الى ان سلاما مع سورية لن يساهم في تسوية العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي"الذي لا يزال يعتبر حل القضية الفلسطينية مفتاحا لتسوية كهذه". كذلك بالنسبة الى المجتمع الدولي"الذي يرى القضية الفلسطينية لب الصراع في الشرق الأوسط يجب تقديم حله على سائر النزاعات". أما السبب الثاني، برأي ايلاند، فهو الموقف الأميركي. إذ ليست هناك مصلحة للولايات المتحدة الآن في توصل إسرائيل وسورية إلى اتفاق، لكنه يعتبر هذا الموقف ثانوي التأثير على القرار الإسرائيلي الذي لو أراد صناعه فعلا استئناف المفاوضات مع دمشق على أنه مصلحة إسرائيلية لبذلوا جهودا لإقناع واشنطن بذلك. والسبب الثالث لعدم جدوى اتفاق سلام فيتمثل، في رأي أيلاند، في عدم ضمان استقرار النظام في دمشق و"احتمال أن يقود اتفاق سلام وغزو آلاف السياح الإسرائيليين دمشق إلى... العمل على قلب النظام ما سيعني مباشرة سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم. ومن غير المؤكد ان يحترم هؤلاء اتفاق سلام مع إسرائيل". والسبب الرابع، وهو الأهم برأي ايلاند، يتعلق بالمسألة الأمنية. اذ ان أي اتفاق أمني لن يكون في مصلحة إسرائيل. وإعادة الجولان الى سورية ستكون خطراً على أمن إسرائيل وتقرب مدى الصواريخ السورية من المدن الإسرائيلية،"فضلاً عن ان سورية قد توطّن في قرى الجولان جنودا بزي مدني فتصبح هذه القرى معاقل عسكرية أمامية على غرار بنت جبيل في لبنان تكون في مقدم القوات السورية في حال اندلعت حرب بين إسرائيل وسورية". اما بقاء الجيش الإسرائيلي في الجولان فيتيح"تشكيل تهديد فوري على النظام في دمشق"مثل وصول قواتها العسكرية إلى العاصمة السورية بأسرع وقت ممكن. ويرى ايلاند ان هذه الحقيقة"التي يدركها السوريون جيدا لا تزال تشكل عامل ردع ناجع منذ سنوات... أما تغيير هذا الواقع العسكري الانسحاب من الجولان فقد يغري سورية بمهاجمة إسرائيل". والسبب الخامس والأخير الذي يراه أيلاند تأكيدا آخر على عدم جدوى السلام مع سورية يتطرق إلى"روح الشعب"او المزاج الإسرائيلي الذي بات يرى في الجولان جزءاً من إسرائيل يرفض الانسحاب منه ليس لأسباب أمنية فحسب، بل"لأنه لا يريد أن يعيش في بقعة ضيقة كلها اسمنت مكتظة بالسكان، إنما في دولة فيها مصادر مياه ومناظر خلابة وأراض زراعية"... ويختم أيلاند بتأكيد رفضه مبدأ"الانسحاب من كل الأراضي المحتلة العام 1967 مقابل السلام"لأنه مبدأ خاطئ برأيه أوجده العرب ولا ينبغي على إسرائيل القبول به.