انضم وزير المال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى قائمة المسؤولين العسكريين والسياسيين الاسرائيليين الداعين الى التعاطي بجدية مع اقتراح الرئيس بشار الاسد باستئناف المفاوضات مع تل ابيب وذلك من منطلق "التفوق" الذي قال ان اسرائيل تتمتع به في الظروف الحالية والذي يجعلها "تقف امام فرصة تاريخية لكسر المعادلة التي تطالبها بالانسحاب حتى المتر الاخير". جاء ذلك في الوقت الذي كثف فيه الجهاز العسكري الاسرائيلي ضغوطه على رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز للعدول عن تجاهلهما "مبادرة الاسد" والتعاطي معها بايجابية "لوضعه تحت الاختبار". وقال نتانياهو في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية ان "سورية وبسبب محاولاتها التقرب في الوضع الراهن من الولاياتالمتحدة، ستوافق على ابقاء بعض المستوطنات في هضبة الجولان في اطار اتفاق سلام يبرم معها"، مضيفا انه "اذا كان الاسد بحاجة الى اقامة سلام معنا كحاجته لتنفس الهواء، فانه سيقدم التنازلات". ونفى نتانياهو ما كانت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية نسبته اليه بأنه حض شارون على التعاطي بايجابية مع الاقتراح السوري والتوصل الى اتفاق على اساس الارض في مقابل السلام، مشددا على تمسكه باحتلال الجولان. وقال انه اذا كان رفض خلال فترة توليه رئاسة الوزراء عرضا لاعادة الجولان في عهد الاسد الاب، فكيف يمكن ان يقبل بذلك في ظل الظروف الحالية التي اعتبرها مريحة لاسرائيل. واضاف انه على العكس من ذلك يعتقد ان "سورية هي التي يجب ان تقدم تنازلات ... نحن الان في موقع قوة لانتزاع تنازلات في خصوص الجولان ومن المجدي استغلال امكانات الاتصال مع دمشق الان لتحقيق ذلك". وقال ان اسرائيل "تقف امام فرصة تاريخية لكسر المعادلة التي تطالبها بالانسحاب من المتر الاخير"، مشيرا الى سقوط نظام صدام حسين والاحتلال الاميركي للعراق بعد افغانستان واحداث 11 ايلول سبتمبر في الولاياتالمتحدة والبوادر القادمة من ليبيا بصفتها عوامل قلبت المعايير وجعلت اسرائيل تتمتع ب"التفوق" الذي يمكنها من انتزاع "تنازلات" من سورية. وكان المراسل شمعون شيفر اكد في الصحيفة "يديعوت احرونوت" ان نتانياهو اقترح على شارون التفاوض مع سورية على اساس "الاقتراح السري" الذي حوله عبر الميلياردير اليهودي دونالاد لاودر عام 1998 والذي يتضمن انسحابا اسرائيليا حتى "خط المنحدرات" جنوب هضبة الجولان، ما يتيح لاسرائيل مراقبة ما يجري تحتها. ونفى نتانياهو ذلك في تصريحاته. من جهته، دعا الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف الى اخذ تصريحات الرئيس السوري "على محمل الجد" والى "اجراء نقاش جدي وجذري" في شأن هذه التصريحات. وقال ان "الشكوك" التي تساوره في شأن "جدية" نيات الاسد "يجب الا تحول دون استئناف الاتصالات"، موضحا ان ما شجعه على هذه الدعوة ان الاسد اقترح العودة الى المفاوضات "من دون شروط مسبقة". وضم كتساف بذلك صوته الى اصوات جهات رفيعة المستوى في الجيش الاسرائيلي بمطالبة شارون وموفاز "التعاطي بايجابية" مع الموقف السوري المستجد وتمارس الضغط على الرجلين لكي لا يتجاهلا "فرصة" استنئاف المفاوضات مع سورية. ونقل عن هذه الاوساط قولها انه "يجب على اسرائيل الا تظهر وانها تقول لا للسلام وتضع الاسد تحت الاختبار حتى وان كانت تصريحاته نابعة من معايير تكتيكية" لتخفيف الضغط الاميركي على دمشق. وذكرت مصادر اسرائيلية مطلعة ان من بين المؤيدين لهذا الموقف في الجيش رئيس اركان الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون ونائبه غابي اشكنازي ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اهارون زئيفي واللواء غيئر ايلاند الذي سيتسلم الشهر الجاري منصب رئيس المجلس الامن القومي الاسرائيلي في مكتب شارون. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله ان "تصريحات الاسد تشكل فرصة لا تجيد اسرائيل استغلالها". واعتبر المصدر ان على اسرائيل "ان تحشر الاسد في الزاوية من خلال بث رسائل ايجابية"، مشيرا الى ان التجاوب الاسرائيلي من شأنه ان يدفع دمشق الى تقييد ايران و"حزب الله" على الجبهة الشمالية. ونقل عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية فركش قوله ان "نيات الاسد جدية" وتعبر عن "تحول تاريخي في مواقفه". وتشير "التحليلات" الاسرائيلية لتصريحات الاسد الى ان دمشق لم تعد تطالب بالانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران يونيو عام 1967 كما انها بعثت باشارات ايجابية تعبر عن تغيير في المواقف "من خلال استبدال وزير خارجيته المتششد فاروق الشرع ببثينة شعبان وزيارة الاسد لتركيا "صديقة اسرائيل, تعني ان الاسد لم يعد بفكر ان اصدقاء اسرائيل هم اعداء سورية". وفي مقابل ذلك كله، تتطابق مواقف شارون وموفاز تجاه الملف السوري المتمثلة بضرورة تجاهل هذه الاشارات بحجة عدم استطاعة اسرائيل "معالجة جبهتين في آن"، في اشارة الى الصراع الاسرائيلي مع الفلسطينيين. وقال موفاز ان تصريحات الاسد ناجمة عن "ضائقة" تعيشها سورية وليست "جدية". ووضع موفاز ثلاث شروط على سورية ان تنفذها قبل البدء في بحث مسألة استئناف المفاوضات. وقال في لقاء علني انه "اذا كانت سورية جدية فعليها ان تنزع اسلحة حزب الله وتنشر قوات الجيش اللبناني على طول الحدود الشمالية وتخرج مقار المنظمات الفلسطينية من دمشق ... وبعد ذلك يمكن الحديث عن المفاوضات". واعتبر موفاز ان الاتصالات واستئناف المفاوضات مع سورية من شأنها ان تمنح "حصانة" ل"حزب الله" في الوقت الذي تريد فيه واشنطن ان تفعل شيئا مع هذه المنظمة، دون الافصاح عن ماهية هذا الشيء. اما وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم، فرأى ان على اسرائيل ان تفحص بجدية كل مبادرة تخرج من سورية واستخدامها للضغط على الفلسطينيين، لان ذلك "سيظهر اسرائيل كمناصرة للسلام ويبين للفلسطينيين انه يمكن التقدم على مسار اخر"، كما قال لاذاعة الجيش الاسرائيلي.