تراجع امس وزير التربية والتعليم العالي في حكومة "حماس" الدكتور ناصر الدين الشاعر عن قرار الوزارة "سحب واتلاف" كتاب التراث الشعبي الفلسطيني "قول يا طير" من مكتبات المدارس. وجاء هذا التراجع بعد موجة احتجاجات كان آخرها مسيرة قام بها امس عشرات المثقفين والكتاب الى مقر الوزارة في مدينة رام الله. وقال الدكتور الشاعر ل"الحياة":"لقد قررت العدول عن الاجراءات غير القانونية التي تم اتخاذها من دون علمنا بخصوص التعميم باتلاف كتاب قول يا طير". واضاف:"وعلى الجهات المختصة عمل ما تراه مناسبا بما في ذلك الاستمرار في استخدام الكتاب من قبل معلمي المدارس". ومضى يقول:"لسنا محاكم تفتيش، والقرار اتخذ من قبل لجنة فنية من دون علم من الوزير". واعتبر المثقفون الذين نظموا مسيرة الامس القرار غير كاف مطالبين الوزارة بإعادة طبع النسخ التي اتلفت من الكتاب. وقال الكاتب احمد داود احد منظمي التظاهرة:"تراجع الوزير هو ذر للرماد في العيون ما لم يتم التراجع عن ذلك فعلا بإعادة تعويض مكتبات المدارس عن ما اتلف من هذا الكتاب التراثي المهم". وقال موظفون في وزارة التربية والتعليم ان بعض مديريات التربية والتعليم قام بإحراق الكتاب واتلافه. واعتبر الاتحاد العام للكتاب ان الوزير احسن صنعاً بالتراجع عن القرار محذرا من الاقدام على حرق واتلاف الكتب تحت اي مبرر كان. وقال رئيس الاتحاد الكاتب والشاعر المتوكل طه ل"الحياة":"لقد حدث التراجع امام الغضب الشعبي، وعليهم يقصد اعضاء حكومة"حماس" ان يدركوا ان القوى التي كانت تاريخيا تحرق الكتب هي قوى المغول وغوبلز وزير اعلام هتلر الذي ما كان يسمع بكلمة ثقافة حتى يضع يده على مسدسه، واصحاب محاكم التفتيش الذين احرقوا مليون كتاب امام ابواب غرناطة، ورجال الاحتلال والامن من زوار الليل". واضاف المتوكل طه:"لا يجوز من حيث المبدأ مراقبة الكتب ومصادرتها، كما ان الاطفال امام طوفان من الانترنت والفضائيات وهم يرون ويسمعون فيها ما لا نتخيله، فكيف بكلمات تستخدم في هذا الكتاب بشكل سلس وحضاري". ومضى طه يقول:"المطلوب من وزارة التربية والتعليم هو خلق المناعة الكافية والحصانة الاخلاقية لابنائنا لمواجهة الطوفان القادم عبر اشكال العولمة من انترنت ومحطات فضائية وليس مصادرة الكتب ومنعها". وحمل المثقفون الذين اعتصموا امس امام مكتب وزير التربية والتعليم شعارات تطالب ب"وقف محاكم التفتيش"و"وقف مصادرة التراث الفلسطيني"و"وقف اعدام الكتب". وقالت الكاتبة فيحاء عبد الهادي في كلمة امام المعتصمين:"يستطيعون ان يعدموا كتابا لكنهم لا يستطيعون ان يعدموا الحكايات في صدور امهاتنا". وكتاب"قول يا طير"الذي تراجعت الوزارة عن"مصادرته واتلافه"هو كتاب بحثي يضم 45 حكاية من التراث الشعبي الفلسطيني جمعها الباحثان ابراهيم مهوي وشريف كناعنة. وعرض ممثل مسرحي في الاعتصام نماذج من القصص التي ضمها الكتاب. وتعهدت مؤسسات فلسطينية بإعادة طبع الكتاب وتوزيعه على الجمهور بأسعار رمزية. وقال مثقفون انهم يعتزمون اعادة طباعة الكتاب وتوزيعه مع الصحف اليومية. وكانت صحيفة"الأيام"، وهي الصحيفة الأوسع انتشارا بين المثقفين ويرأس تحريرها كاتب واديب بارز هو اكرم هنية، كشفت الثلثاء الماضي عن الوثيقة التي تطالب بسحب واتلاف كتاب"قول يا طير"لاحتوائه على"تعبيرات تخدش الحياء"وذلك استنادا الى قرار صادر عن وزير التربية والتعليم العالي. ونشرت الصحيفة في الايام الاخيرة سلسلة طويلة من المقالات الناقدة للقرار كان لها أثر واضح في تراجع الوزير عنه.