كشفت أمس تقارير في الخرطوم أن وفداً يضم خبراء ومستشارين في القانون والعلاقات الدولية وصل العاصمة السودانية في زيارة غير معلنة، في إطار "ترتيبات" تقوم بها السلطات لإعادة تفعيل التعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب. وأشارت التقارير إلى أن الوفد جاء بناء على طلب الأجهزة السودانية بعد اتصالات أجرتها للبحث في توقيف أشخاص"ثبت تورطهم في أعمال تخريبية تندرج تحت طائلة الإرهاب ويجرمها القانون الدولي، ويقيمون في عواصم عالمية توفر لهم الملاذ والحماية وتقدم لهم أشكالاً من الدعم". لكن مصادر مطلعة قالت ل"الحياة"أمس إن الوفد يضم مسؤولين وخبراء من وكالة الاستخبارات الأميركية"سي اي ايه"في إطار التعاون الأمني الذي بدأ بين الجانبين منذ العام 2001، موضحة أن"هناك تبادلاً للمعلومات، ومشاورات في شأن الصومال". ولفتت إلى أن السفارة الأميركية التي تبنى حالياً في ضاحية المنشية شرق الخرطوم،"تضم مركزاً كبيراً للتنصت يوجه عمله إلى شرق أفريقيا". وأشارت المصادر إلى أن"الخرطوم ترى أنها قدمت الكثير إلى الاجهزة الأمنية الأميركية، وساعدتها في ملفات مهمة. واعترفت واشنطن بفضل السودان عليها في هذا الجانب. ولكن في المقابل لم تجن البلاد شيئاً من تعاونها، كما أنها لا تزال في اللائحة الاميركية للدول الراعية للإرهاب, ثم يتجه الرئيس جورج بوش إلى فرض مزيد من العقوبات، بدل إلغاء تلك المفروضة على البلاد منذ نحو 8 سنوات". في غضون ذلك، وصف وزير العدل السوداني محمد علي المرضي بعثة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المكلفة تقصي الحقائق في شأن الانتهاكات الإنسانية في دارفور بأنها"متآمرة في تكوينها"، بعدما قال ديبلوماسيون في المنظمة الدولية إن الخرطوم تضع عراقيل أمام زيارة مقررة للبعثة تبدأ السبت المقبل. وقال المرضي للصحافيين أمس إن البعثة التي تتألف من خمسة أعضاء وترأسها الاميركية جودي ويليامز"متآمرة ضد السودان"، لضمها أربعة أشخاص"لهم مواقف عدائية"من الخرطوم. وأضاف:"ليس لدينا ما نخفيه أو ما نخشاه. وهذه البعثة إن تجردت ووضعت الحقائق نصب أعينها ستخرج بتقرير منصف للسودان". وكان الناطق باسم البعثة الفرنسية لدى الأممالمتحدة قال إن البعثة تواجه"عرقلة"لعملها من جانب السلطات السودانية التي لم تسلم أعضاءها تأشيرات الدخول إلى البلاد. وأضاف أن"فرنسا تأسف لعرقلة البعثة التي تم تشكيلها بعد تنازلات"، مشيراً إلى ديبلوماسيين فرضتهم الخرطوم ضمن الوفد. من جهة أخرى، قال شهود ل"الحياة"إن مجموعة من حركة"الطلاب المستقلين"في جامعة النيلين غرب الخرطوم هاجمت أمس"ركناً للنقاش"نظمه طلاب حزب"المؤتمر الوطني"الحاكم في ساحة الجامعة، باستخدام أسياخ حديد وعصي وأسلحة بيضاء، ما أدى إلى اندلاع مواجهات بين الجانبين قُتل فيها طالب وجرح أكثر من عشرة آخرين. ولم تتدخل الشرطة في الاشتباكات داخل الحرم الجامعي. لكن قوة كبيرة من جنودها أغلقت الطرق المؤدية إلى الجامعة، وفرضت طوقاً على مقرها القريب من أسواق وسط العاصمة ومحطات المواصلات الرئيسية. وقال الطالب محمد عبدالرحمن إن"الجامعة تشهد احتقاناً منذ ثلاثة أيام، بسبب مساعي طلاب الحزب الحاكم الذين يسيطرون على اتحاد الطلاب لمنع الطلاب المستقلين من ممارسة نشاطهم السياسي". إلى ذلك، رأى المبعوث السابق للأمم المتحدة إلى السودان يان برونك، أن الخرطوم لن تستجيب لمطالب الاممالمتحدة بنشر قوة دولية في دارفور،"لأن هناك صراعاً قوياً داخل السلطة التي أصبحت نظاماً أمنياً بعدما بدأت أصولية إسلامية". وأشار إلى وجود"جناح متطرف قوي في السلطة ترى المجموعة الحاكمة أن ضغوطه وخطره عليها أقوى من ضغوط الأممالمتحدة والدول الغربية".