طلبت الولاياتالمتحدة من إسرائيل الامتناع من جسّ نبض سوريّة والاستعلام عن مقترحاتها لاستئناف المفاوضات. فهذا، على تواضعه، بمثابة "مكافأة"، على ما نقل زئيف شيف عن كوندوليزا رايس. وإذا افترضنا الموقف من سوريّة هذا، منطقاً، فماذا نصنع بالمسار الفلسطيني المعلق، فلا نكافئ "حماس" الرافضة مفاوضات السلام مع إسرائيل؟ وإذا كان معيار السياسة الأميركية في المنطقة هو الخسارة أو الربح من العملية السياسية، فنحن نتوق إلى معرفة سعيد الحظ الذي تعود إليه جائزة المفاوضات على الحلّ الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، والخاسر، نظير الرابح. وإذا صدق ان سوريّة هي عدو السلام في الشرق الأوسط، فدوام النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى أجل غير مسمّى هو، لا ريب، جائزة لدمشق. والحال هذه، فما يدعو"حماس"إلى رفع الحواجز على طريق التسوية الدائمة؟ ولماذا نقرّ لها بحق النقض على العملية السياسية؟ والمسار السياسي إلى التسوية الدائمة لا يشبه الربح في اليانصيب. فحظوظ الفوز في انتهاج المسار السياسي أكبر من احتمال الخسارة. وتضييع الفرصة يمهّد الطريق الواسعة إلى تسلّل"الأخوان المسلمين"إلى الدول المجاورة ويجعل إسرائيل، في وقت قريب، دولة ثنائيّة القوميّة. ولا تزال جائزة التسوية منذ خمس سنوات، وإقرار المبادرة العربيّة في القمّة العربيّة ببيروت آذار / مارس 2002، تنتظر مَن يفوز بها. وهذه المبادرة لا تغلق بوجه جسّ النبض، ولا بوجه المفاوضات على تبادل الأراضي، أو تسوية الخلاف على الأماكن المقدّسة، وحلّ مشكلة اللاجئين خارج حدود إسرائيل. وليس حمل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس،"اتفاق مكة"على مدخل إلى مبادرة سلام عربيّة، وإلى تحقيق"رؤيا"بوش قيام دولتين عبئاً لا طائل منه، وقيام حكومة وحدة وطنية يدخل"حماس"ائتلافاً، الرياض، والقمّة العربيّة، محطته الأخيرة. وتلزم القمّة المشاركين فيها، وفيهم حكومة الوحدة الفلسطينية، بمبادئ المبادرة التي أقرّتها قمّة بيروت. فعلى مندوبي"حماس"في الوفد الرسمي الاختيار بين ايديولوجيّتهم، وهي تحرم عليهم الاعتراف بحق الدولة العبرية في الوجود، وبين الإجماع العربي. وتصوير"اتفاق مكة"في صورة مكافأة ل"حماس"وتسويغ رفض الاعتراف بالحكومة الائتلافية بناء على هذا، أشبه بتقديم قتل الناطور على أكل العنب. وبدل تضييع الوقت في الجدال، والإلحاح على حكومة الوحدة في الاعتراف بالاتفاقات الموقتة، وهي لم تعد صالحة، الأنفع لنا أن نطرح عليها قبول صيغة الحلّ الدائم الذي أقرّته 22 دولة في الجامعة العربيّة. ويصحّ المنطق البسيط هذا في العلاقة بالجبهة السوريّة. ولو قدمت حكومة إسرائيل مكانة العملية السياسية على ما عداها، ولم تحملها على تهديد، لتوسلت بدالتها لدى واشنطن إلى إقناع الرئيس باستئناف المفاوضات مع سوريّة. فليس غير هذا ما نختبر به السوريين ونجبرهم اختيار حلفائهم. وإذا بدا أن بشار الأسد يناور فلن يتأخر ظهور المناورة على حقيقتها أسابيع قليلة. وتترتب خسارة"الجائزة"على هذا. عن عكيفا ألدار ، "هآرتس" الإسرائيلية، 26 / 2 / 2007