مع تجول السحالي الكبيرة والثعابين والخفافيش داخل الحدائق المفتوحة، لم يعد سكان المناطق الاستوائية في سنغافورة يعجبون من كمائن الحيوانات. ولكن ليست سحالي الايجوانا ولا السناجب التي تجعل السكان مدججين بالأسلحة. انها القردة. فقد أصبحت"عصابات"من فصيلة المكاك طويلة الذيل تسبب دماراً في المناطق السكنية المتاخمة للمحميات الطبيعية وتسرق الغذاء وتعج بها الشوارع. ويعترف أحد السكان بأنها"تتجول في المنطقة السكنية ضمن مجموعات تصل الى عشرين، فتفسد المنطقة وتحولها سلة قمامة". وأضاف:"انها تدخل المنزل وتفتح خزانات المطابخ وتسرق الطعام وتوسّخ المنازل". انها تفسد الرحلات البرية وتخطف الاكلات السريعة من داخل الاكياس في الوقت الذي يمارس لاعبو الغولف لعبتهم. حتى النادي البريطاني لديه عمال مسلحون بالعصي لإبعاد القردة". وبمجرد تخطي الحدود مرة واحدة تصبح القردة ميالة للغزو. ويقول مسؤول الحدائق المفتوحة شارون تشان ان خطف الاكياس التي تحتوي على الأكل ومطاردة الناس يمثلان أنماط سلوك شائعة في انحاء آسيا من هونغ كونغ الى بالي الى اليابان. وأقامت دول آسيوية أخرى مناطق خاصة لإطعام القردة التي تعيش في المدن لكن سنغافورة تؤيد حظراً شاملاً على إطعام القردة وفرض غرامات صارمة على مخالفي هذا الحظر. ورُكّبت ثماني دوائر تلفزيونية مغلقة عند المناطق التي توجد فيها تلك القردة على مدى السنة الماضية وغُرم عدد قياسي بلغ 230 شخصاً مبالغ بلغت 200 دولار سنغافوري 130 دولاراً لإطعام القردة. ويقول تشان انه تم وضع سلال قمامة"مقاومة للقردة"أي يصعب فتح غطائها، لكن القردة الذكية تمكنت بالفعل من التغلب على ذلك بمشاركة قردين في فتحها. وفي حين أن ما من أحد يعلم العدد الدقيق للقردة وأن دراسة أجريت قبل عشر سنوات أظهرت أن هناك 850 قرداً فإن 80 قرداً يجري إعدامها سنوياً. وكان يجري تقويم القردة سيئة السلوك في حديقة حيوان سنغافورة لكنها توقفت عن استقبال قرود المكاك عام 2002 لان الاقفاص أصبحت مكتظة بها. وقال الاستاذ الجامعي بيتر نيج مدير متحف رافلز للتنوع البيولوجي ان القطط والكلاب تصل يومياً بأعداد كبيرة. وأضاف:"كل أسبوع نطلق النار على الغربان ونقتل جرذان المجارير العملاقة. ولكن بالنسبة الى القردة يحدث الناس جلبة كبيرة. فما الحل إذن... لا تطعموا القردة. سنضطر لإطلاق النار ما لم تتوقفوا عن ذلك". انها رسالة صعبة بالنسبة الى سكان سنغافورة الذين ظلوا يطعمون القردة طوال حياتهم. كلما يتوفر الوقت للسائق جيه.جيه جوليبي 50 سنة فإنه يشتري موزاً بقيمة عشرة دولارات ويتوجه للطرق المجاورة للمحميات لإطعام مجموعات القردة ومراقبتها. ووجه انذار لجوليبي الذي يصف نفسه بأنه محب للحيوانات مرتين، لكنه لا يهاب الغرامات. وتقول المستشارة باربرا مارتيلي 42 سنة التي تعمل مع تشان ان القضاء على عادة إطعام القردة لن يكون سهلاً حتى بين أبناء سنغافورة الذين اعتادوا بصورة كبيرة على حملات حكومية للتوعية في شتى مناحي الحياة، من تنظيف المراحيض الى التحدث لغة المندرين في شكل جيد. وذكر نيج أنه في حين أن الغابات تتقلص في أنحاء اسيا فان المشكلة التي مثلتها ازالة سنغافورة السريعة للغابات المطيرة الاولية بالنسبة الى حيوانات ونباتات المنطقة ستمثل سابقة في الكوارث من هذا النوع. وفقدت الجزيرة الصغيرة التي تبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع أكثر من 95 في المئة من غاباتها الاستوائية منذ وصول البريطانيين عام 1819. كما فقد المئات من حيوانات المنطقة بما في ذلك آخر النمور الذي قتل بالرصاص عام 1930. وتعتبر قردة المكاك طويلة الذيل بين 50 في المئة من الأنواع التي تكتظ بها المحميات التي تغطي 0.25 في المئة فقط من مساحة سنغافورة. وتقول مارتيلي انه مع عدم وجود مناطق ريفية في سنغافورة لتعزل المناطق الحضرية عن الغابات لا يصبح أمام القردة سوى التعدي على أملاك الغير.