في خطوة لافتة، أطلقت القناتان المغربيتان الأولى والثانية، أخيراً، مجموعة من البرامج السياسية، بعد فترة انقطاع، خيمت خلالها برامج يصفها مراقبون بالشعبية. وهي الشعبية التلفزيونية التي بُنيت على فكرة الاكثار من السهرات الغنائية وبرامج المسابقات والالعاب، ما دفع ببعضهم الى وصف القناة الثانية ب "كباريه السبت"، ووصف القناة الأولى ب"قناة الأعراس". وأدى القرار الجديد من وجهة نظر اجتماعية مهنية الى مصالحة المشاهد المغربي مع التلفزيون العمومي. كما أعاد اسمين صحافيين غابا طويلاً عن الشاشة الصغيرة هما عبدالصمد بن شريف وعبدالرحمن العدوي. بينما يبقى على حميد برادة إثبات جدارته في استحقاق سياسي شهري، تراهن عليه القناة الثانية، من أجل استعادة مكانتها السابقة، في ترتيب نسب المشاهدة. أما جديد القناة الأولى فبرنامج"ضفاف"الذي وصفته ب"البرنامج الأقوى"في شبكة البرامج التي تدشن بها عام 2007، وهو من تقديم عبدالرحمن العدوي. ويشكل هذا البرنامج ملتقى هدفه تسليط الضوء على صورة المغرب عند المثقفين وأهل السياسة من داخل المغرب وخارجها. إذ يأخذنا البرنامج، في بداية كل حلقة، في رحلة الى مواقع في المغرب تركت أثراً عند الضيف، قبل أن تنتقل الكاميرا الى الاستوديو لطرح نظرة الضيف اليوم الى المغرب الذي يعيش زمن التحولات الكبرى والعميقة. اما القناة الثانية، التابعة للقطب الإعلامي العمومي، فدشنت السنة التلفزيونية ببرنامجين يحملان جديداً، ويقدمان نوعية من البرامج طال غيابها وانتظارها، كونها تفتح نافذة للاقتراب أكثر من الحدث وصنّاعه. البرنامج الأول هو"تيارات"من تقديم عبدالصمد بن شريف. والبرنامج الثاني عنوانه"ماذا بعد"، وهو باللغة الفرنسية، من إعداد قسم الأخبار في القناة، وتقديم حميد برادة الذي يخوض من خلال هذا البرنامج تجربته التلفزيونية الأولى، بعد عقود أمضاها في الصحافة المكتوبة. وتقوم فكرة"تيارات"على استضافة وجه فاعل في الحقل السياسي، أو أحد صناع الحدث المغربي، لتقديم"وجبة"تلفزيونية سياسية، على أن يظهر في سياق الحلقة ضيف آخر يحمل أفكاراً تعارض الضيف الرئيسي، لتوليد حالة من السجال التلفزيوني حول موضوع ما. أما برنامج"ماذا بعد"فيرتكز على فكرة استضافة ضيف واحد يكون من صانعي القرار والحدث، فيسأل حول مساره المهني والملفات الكبرى، كما يعلق على وثائق تاريخية، ويقدم شهادته في شخصيات سياسية يعرضها. أياً يكن الأمر، يبدو أن التلفزيون المغربي في طريقه اليوم الى تصحيح أخطاء سابقة، أبعدت الجمهور المغربي عن شاشاته، وجعلت كثراً يصفونه ب"التلفزيون المريض". من هنا ضرورة مواصلة هذه المسيرة قبل فوات الأوان.