فيما يحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس العمل بسرعة ضمن جدول زمني ضيق لضمان الانتهاء من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية قبل اجتماعه الاثنين المقبل مع كل من رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، وهو اجتماع سيكون مضيعة للوقت، بدا رئيس الحكومة اسماعيل هنية كمن يعتزم وضع عقبات امام تشكيل الحكومة الجديدة من خلال اعلانه فور عودته من السعودية ان من السابق لاوانه الحديث عن استقالته. وبالتزامن، بدت اسرائيل مصرةً بدورها على ابقاء العقبات على الطريق نحو حل صراعها مع الفلسطينيين. وقد سادت مخاوف لساعات طويلة في الاراضي الفلسطينية من احتمال عدم التفاق بين"فتح"والرئاسة من جهة والحكومة و"حماس"من جهة اخرى على قضايا قالت"حماس"انها بقيت عالقة ولم تسو خلال مفاوضات مكة. وبدا ان الحديث عن نقاط الخلاف متصل بالاستقطاب الحاد الحاصل في المنطقة اكثر مما هو متصل بالمصلحة الوطنية الفلسطينية العليا المنزهة عن الفئوية والنفوذ الخارجي. ويبدو ان عباس الذي كان يأمل بان يكون الفلسطينيون قد شكلوا حكومة الوحدة الوطنية قبل اجتماعه مع اولمرت ورايس الاثنين، وقبل اجتماع اللجنة الرباعية بعد يومين من ذلك في المانيا، قد عمد الى ارجاء خطابه الذي كان مقرراً ان يوجهه امس الى الشعب الفلسطيني خوفاً من ان يكون وراء تصريحات قياديي"حماس"ما ينذر بنية لتأخير تنفيذ اتفاق مكة اذ بعدما ظن الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية ان حكومة الوحدة ستشكل في غضون بضعة ايام، صرح رئيس المكتب السياسي ل"حماس"خالد مشعل الاربعاء في العاصمة السورية بأن"الايام المقبلة ستشهد بحثاً تفصيلياً في موضوع تشكيل حكومة الوحدة"، مع ان اتفاق مكة اشتمل على تفاصيل كثيرة تخص تشكيل تلك الحكومة. ولكن بدا مساء امس ان الصعوبات امام تشكيل حكومة الوحدة في طريقها الى الزوال وان الجميع مصمم على الجدية في التعاطي مع اتفاق مكة املاً بكسر الجمود الحاصل نتيجة للحصار الدولي على الفلسطينيين. وكان المأمول ان يؤدي تشكيل حكومة الوحدة الى رفع الحصار الدولي السياسي والاقتصادي عن الفلسطينيين او احداث خرق في جداره يمكن توسيعه كلما اثبت الفلسطينيون ان وحدتهم الوطنية قوية منيعة وان صوتهم موحد وهدفهم موحد هو التحرر من الاحتلال وبناء دولة مستقلة. ولكن لو شكل الفلسطينيون حكومة الوحدة هل سيرفع الاسرائيليون والاميركيون الحصار عنهم؟ الجواب هو لا. اما تفاصيله فهي ان مصادر اولمرت تعمدت ان تسرب نقلاً عنه انه سيستغل لقاءه مع عباس في حضور رايس لمساءلة الرئيس الفلسطيني عن معنى دخوله في حكومة شراكة مع"حماس"وهل بات قادراً، مثلاً، على اطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير في غزة غلعاد شاليت. والاهم ان تلك المصادر سربت ايضاً رفض اولمرت القفز عن شروط اللجنة الرباعية الثلاثة: نبذ العنف والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود والاتفاقات السابقة الموقعة بينها وبين منظمة التحرير والسلطة كما يصر على عدم القفز عن المرحلة الاولى من خريطة الطريق وهي تفكيك"المنظمات الارهابية". وقد اضاف الاميركيون الى ذلك انهم لن يتحدثوا الى اي وزراء في اي حكومة فلسطينية ترأسها"حماس". والاميركيون غارقون الآن ولفترة مقبلة في المستنقع العراقي وسيظلون مذعنين للقرارات والافعال الاسرائيلية. والامر الواضح في غضون ذلك هو ان الاجتماع الثلاثي بين عباس واولمرت ورايس سيكون مضيعة للوقت رغم ظن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات انه"بالغ الاهمية". وفي الغياب المرجح لاي تقدم نحو حل عادل مشرف للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي في الشهور المقبلة، ينبغي ان لا يسقط الفلسطينيون مرة اخرى في اتون الاقتتال الداخلي مهما بلغت درجات الشعور بالاحباط.