سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مسؤول أوروبي يؤكد أن عرض فرنسا مساعدة ليبيا نووياً لعب"دوراً حاسماً"في الإفراج عن الممرضات . القذافي يبدأ زيارة للشبونة و "ينصب خيمة" في باريس ومعارضوه يخشون "إعادة تأهيل" نظامه
وصل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس إلى لشبونة مستهلاً جولة أوروبية تكرّس خروج بلاده من العزلة الغربية التي تعرضت لها في تسعينات القرن الماضي بسبب قضية لوكربي. وهو يشارك السبت في القمة الثانية للاتحاد الأوروبي وافريقيا المقرر أن تستمر حتى الأحد في لشبونة، في ظل تأكيد الأوروبيين عزمهم على بناء"شراكة تقوم على الندية"مع الأفارقة على أمل التصدي لنفوذ الصين المتنامي في قارة تشهد انتعاشاً اقتصادياً كبيراً. وأجرى القذافي محادثات أمس مع رئيس الوزراء البرتغالي خوسيه سقراط في قصر ساو بنتو المقر الرسمي لرئيس الحكومة في لشبونة. ومن المقرر أن ينتقل الزعيم الليبي الإثنين إلى باريس تستمر زيارته ثلاثة أيام حيث يلبي دعوة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي زار ليبيا في نهاية تموز يوليو الماضي. ونفى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في 29 تشرين الثاني نوفمبر الماضي أن زيارة القذافي تقررت في مقابل الافراج عن الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني - البلغاري في 24 تموز يوليو. وزار ساركوزي الذي تدخل شخصياً لإخلاء سبيل الممرضات والطبيب، طرابلس في سياق الافراج عنهم بعدما سجنوا منذ 1999 وحكم عليهم بالإعدام بتهمة نشر الفيروس المسبب لمرض الأيدز بين مئات الأطفال في مستشفى بنغازي. وأكد الرئيس السابق لبعثة المفوضية الأوروبية في ليبيا مارك بيريني أمام لجنة تحقيق برلمانية فرنسية، أمس، ان المحادثات بين باريسوطرابلس حول"التسلح والموضوع النووي"شكّلت"عنصراً حاسماً"في الافراج عن الممرضات والطبيب. وقال المسؤول أمام اللجنة التي تحقق في ظروف الافراج عن الممرضات والطبيب ان"العنصر الحاسم كان استعداد فرنسا للدخول في محادثات أساسية بالنسبة الى العقيد القذافي تتعلق بالتسلح والنووي". وأضاف:"اكتفينا، كمفوضية أوروبية ودول اعضاء، بالاهتمام بالجوانب الإنسانية والطبية لهذه القضية". وأفرج عن الممرضات الخمس والطبيب خلال زيارة قامت بها زوجة الرئيس الفرنسي السابقة سيسيليا ساركوزي الى طرابلس. وتوجه نيكولا ساركوزي في اليوم التالي الى طرابلس حيث وقع مع العقيد القذافي اتفاقات حول تقديم فرنسا مساعدة على صعيد الطاقة النووية المدنية إلى ليبيا وحول التعاون العسكري بين البلدين. وأقر النواب الفرنسيون تشكيل لجنة برلمانية طالبت بها المعارضة اليسارية، للتحقيق في ظروف الافراج عن الطاقم الطبي البلغاري وما اذا كان تم نتيجة مقايضة بين باريسوطرابلس. وينفي ساركوزي حصول أي صفقة. وأعربت المعارضة الليبية في المنفى أمس عن الأمل في ألا تستغل زيارة الزعيم الليبي معمر القذافي الاسبوع المقبل الى فرنسا"لتدعيم حكم القذافي على حساب تطلعات الشعب الليبي في التغيير والديموقراطية". وقال الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ابراهيم عبدالعزيز صهد في رسالة الى الرئيس ساركوزي:"ندرك أن زيارة العقيد القذافي المزمعة إلى فرنسا تتم في اطار رغبة فرنسا في تنمية وتطوير علاقاتها ومصالحها في ليبيا". وأضاف:"نأمل الا تستغل الشراكة الفرنسية - الليبية لتدعيم حكم القذافي على حساب تطلعات الشعب الليبي في التغيير والحرية والعدل والديموقراطية". وأكدت الرسالة التي وصلت نسخة منها الى وكالة"فرانس برس"ان"الشعب الليبي يشعر بخيبة أمل بالغة للجهود التي يبذلها بعض الأطراف الدولية الرامية الى إعادة تأهيل نظام القذافي الديكتاتوري ومن ثم قبوله في المجتمع الدولي، متغاضية عن تاريخ إرهابه الدولي الطويل وجرائمه المتواصلة ضد الشعب الليبي وجيرانه". واعتبرت ان"الضمانة الوحيدة لعدم تكرار ممارسات نظام العقيد القذافي الارهابية في المجال الدولي والى توقف ممارساته القمعية في المجال الداخلي إنما تكمن في قيام نظام حكم دستوري ديموقراطي مؤسس على الاختيار الحر للشعب الليبي". وستكون زيارة القذافي لفرنسا الأولى منذ 34 عاماً. ونقلت"فرانس برس"عن مصدر قريب من الرئاسة الفرنسية أن القذافي طلب نصب خيمة قرب الفندق الذي سيقيم فيه بباريس خلال زيارته"لاستقبال ضيوفه". وقال المصدر إن القذافي"تقدم بهذا الطلب لاستقبال ضيوفه تحت خيمته البدوية كما اعتاد أن يفعل، وليس للنوم فيها". وأوضح انه"لم يتم تحديد أي شيء. الأمر فقط يدرسه جهازا البروتوكول الفرنسي والليبي". وكان الموقع الالكتروني لمجلة"لوبوان"الفرنسية أشار في وقت سابق الى ان العقيد القذافي"طلب لمناسبة زيارته الرسمية لفرنسا في كانون الاول ديسمبر نصب خيمة بدوية في حديقة فندق مارينيي، حيث يتم انزال زوار الاليزيه". ويقع الفندق بالقرب من قصر الاليزيه. القمة الأوروبية - الافريقية وعلى صعيد قمة لشبونة الأوروبية - الافريقية، قال المفوض الأوروبي للتنمية لوي ميشيل إن على اوروبا التي اعتادت تبني"نظرة خيرية واخلاقية"الى القارة الافريقية، أن تدرك عشية القمة الثانية بين الجانبين ان هذه القارة"ليست"ولن تعود يوماً"مجال نفوذها الحصري". وشدد على ان افريقيا البالغ عدد سكانها بليون نسمة وتملك موارد طبيعية هائلة باتت موضع"تهافت من دول العالم الكبرى كافة، وفي طليعتها الولاياتالمتحدةوالصين". وأكثر ما يخشاه الاتحاد الأوروبي الذي يتصدر شركاء افريقيا التجاريين، أن تنافسه الصين على هذا الموقع وهي الشريك الاقتصادي الثالث لافريقيا، وشهدت السنوات الماضية تضاعف مساعداتها واستثماراتها ونفوذها في القارة الافريقية وصولاً الى انعقاد أول قمة صينية - افريقية في تشرين الثاني نوفمبر 2006. وغالباً ما يفضل الافارقة"المال السهل"الصيني الذي يردهم على شكل قروض غير مشروطة، على الهبات الأوروبية البالغة قيمتها 36 بليون دولار سنوياً والمشروطة جزئيا باحترام حقوق الانسان والادارة الصالحة. وقال مصدر أوروبي ان الاتحاد الأوروبي كان"بحاجة ماسة الى هذه القمة". وهذه المرة لن يؤدي الجدل حول مشاركة رئيس زيمبابوي روبرت موغابي الذي تسبب بالغاء القمة السابقة عام 2003، الى منع الاوروبيين من استقبال رؤساء دول الحكومات الافارقة ال48 الذين اكدوا مشاركتهم. ولم ترضخ الرئاسة البرتغالية للاتحاد الاوروبي التي نظمت القمة الأوروبية - الافريقية الأولى في القاهرة عام 2000 لتهديدات رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون بالمقاطعة رافضاً التقاء موغابي الذي يحظر عليه مبدئياً دخول أراضي الاتحاد بسبب انتهاكات حقوق الانسان المرتكبة في ظل نظامه. وقال سكرتير الدولة البرتغالي للشؤون الخارجية مانويل لوبو انتونس ان"السياسة الصحيحة تقضي بمقابلته وجهاً لوجه". وفي غياب براون وبعض نظرائه من الاتحاد، تؤكد لشبونة ان الاوروبيين سيقولون بوضوح لموغابي وبعض القادة الافارقة الآخرين رأيهم بأنظمتهم. وتوقع مصدر أوروبي ان"يسأم الافارقة من الدروس الاوروبية ويطرحون موضوع معالجة أوضاع المهاجرين الافارقة في أوروبا". ومن اهداف هذه"الشراكة الاستراتيجية"الجديدة بين القارتين ان"تعمل افريقيا واوروبا معاً لدعم وحماية حقوق الجميع في افريقيا واوروبا". غير ان هذه النيات الطيبة تثير منذ الآن شكوك العديد من المنظمات غير الحكومية، ورأى ريد برودي من منظمة"هيومن رايتس ووتش"ان"القمة ستقطع العديد من الوعود النبيلة، لكن يجب انتظار الحصول على نتائج ملموسة للحكم عليها". وتساءل:"هل ان القمة ستحدث تغييراً بالنسبة للمدنيين تحت القصف في الصومال أو الناشطين من أجل الديموقراطية في زيمبابوي او الشبان السنغاليين على خشبة عائمة الى اسبانيا؟". كذلك تبدي المنظمات غير الحكومية قلقاً من أن تزيد الاتفاقات التجارية الجاري التفاوض في شأنها بين الاتحاد الاوروبي وافريقيا الى تفاقم الصعوبات الاقتصادية في دول تعتبر من الأفقر في العالم. وهذه المسألة التي تثير جدلاً كبيراً قد تحول الانظار عن جدول الأعمال الحافل. ويطمح الأوروبيون والافارقة الى وضع ثماني"خطط عمل"على المدى القريب تهدف الى تحسين التعاون بينهم حول القضايا الكبرى الدولية والاوروبية - الافريقية، مثل الهجرة والسلام والأمن والطاقة والتغييرات المناخية وغيرها. وسيجري تقويم خطط العمل هذه خلال القمة المقبلة المتوقع عقدها مبدئياً بعد ثلاث سنوات في افريقيا.