صرح الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان الخميس بأن زيارة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي إلى فرنسا"شبيهة تماماً"بزيارات سائر رؤساء الدول، في وقت يتواصل في فرنسا الجدل المحتدم حول هذه الزيارة. وقال غيان لاذاعة أوروبا الأولى ان هدف الرئيس نيكولا ساركوزي هو أن"تندمج ليبيا في شكل متزايد في المجتمع الدولي"، مؤكداً أن"هذه الزيارة شبيهة تماماً بغيرها من زيارات"الرؤساء. غير أن مراقبين يشيرون إلى أن زيارة القذافي تميزت بطولها الاستثنائي خمسة ايام، حتى ان الصحافة أوردت انه فكّر في البقاء عشرة أيام في فرنسا، غير انه سيغادر في نهاية المطاف السبت متوجهاً إلى اسبانيا. وعقد القذافي لقاءين على انفراد مع ساركوزي الاثنين والاربعاء، كما القى كلمات أمام نواب وأرباب عمل وممثلين عن الجالية الافريقية في فرنسا وحضور من النساء. وفي اجراء استثنائي فاجأ سكان العاصمة الفرنسية، أقفلت جميع الجسور فوق السين في باريس الاربعاء امام المارة الواحد تلو الآخر حتى يتسنى للزعيم الليبي الاستجمام بنزهة على النهر. وجدد النائب الاشتراكي مانويل فالس الانتقادات الحادة التي صدرت عن المعارضة فندد ب"الاستعراض القذافي"معتبرا انه"أذل"فرنسا. وفيما يشكك اليسار بحقيقة وقيمة العقود التي أعلن عنها ساركوزي في سياق تبرير الزيارة، مشيراً الى ان قيمتها تبلغ بلايين الدولارات، قال غيان ان هذه العقود تمثل"ما يوازي ثلاثين الف وظيفة مضمونة للفرنسيين لمدة خمس سنوات". وعلى صعيد الدفاع، توقع غيان أن يفضي اتفاق"مفاوضات حصرية مع فرنسا"الى"عقود في غضون ستة اشهر". وفي ما يتعلق بطائرات"رافال"التي تنتجها مجموعة داسو والتي افيد عن بدء مفاوضات في شأنها، أقر بوجوب الحصول على"موافقة الولاياتالمتحدة لبيع"هذه الطائرات التي"تتضمن عدداً من الرقائق الالكترونية المصنعة في هذا البلد". على صعيد آخر، نفى المسؤول الثاني في المجموعة الأوروبية للدفاع والطيران"اي ايه دي اس"مروان لحود وجود أي"رابط"بين إفراج ليبيا عن الفريق الطبي البلغاري وتوقيع عقود عسكرية معها، لكنه أقر بأن هذا الأمر وفّر"جواً مواتياً". وقال لحود في شهادة أمام لجنة تحقيق برلمانية في هذا الملف الخميس:"لم يكن هناك رابط، لا مباشر ولا غير مباشر، بين زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى طرابلس في 25 تموز/يوليو غداة الافراج عن الفريق الطبي واكمال أو التوقيع على عقد صواريخ ميلان". وأضاف:"من الواضح ان زيارة الرئيس وفّرت جواً مواتياً لتوقيع العقود". وجدد لحود تأكيد ما سبق وأعلنه في آب اغسطس اثر كشف مسؤول ليبي هذه العقود، وقال:"لم يحصل اتصال مع الاليزيه بخصوص عقود"ام بي دي اي"وتيترا"، مشيراً إلى ان هذه العقود لم تدخل حيّز التنفيذ بعد ولكن"التسليمات يجب أن تتم في غضون 18 شهراً". وكان مسؤول ليبي كشف بعيد افراج بلاده عن الفريق الطبي البلغاري في 24 تموز يوليو ان بلاده وقعت عقود تسلح مع"ام بي دي ايه"التابعة لكل من"اي ايه دي اس"و"بي ايه اي سيستمز"البريطانية وفينميتشانيكا الايطالية لشراء صواريخ ميلان بقيمة 168 مليون يورو، وعقدا آخر مع"اي ايه دي اس"لشراء نظام"تيترا"للاتصالات اللاسلكية قيمته 128 مليون يورو. في غضون ذلك رويترز قال محامي طبيب فلسطيني كان مسجوناً في ليبيا لأكثر من ثماني سنوات مع الممرضات البلغاريات، ان الطبيب رفع دعوى في فرنسا ضد الزعيم الليبيي متهماً إياه بالتعذيب. واستهدف الاجراء القانوني أن يتزامن مع زيارة القذافي لباريس. وحكم على الدكتور أشرف الحجوج والممرضات البلغاريات بالإعدام بعد ادانتهم بتعمد اصابة 460 طفلاً ليبياً بالفيروس المسبب لمرض الإيدز، لكن أطلقوا في تموز يوليو بعد مفاوضات مطولة مع مبعوثين من الاتحاد الاوروبي وتدخل الرئيس الفرنسي ساركوزي. واعتمدت الدعوى على ميثاق دولي ضد التعذيب يعود الى العام 1984 صدقت عليه ليبيا وفرنسا. وقال المحامي فرانسوا كانتيه:"الدكتور الحجوج ممتن في شدة لفرنسا والرئيس لإخراجه من سجون القذافي. لكنه يعتقد أن فرنسا دولة حقوق الانسان كان حرياً بها ألا ترحب بمثل هذا الشخص". وقال المحامي ان ميثاق منع التعذيب يمكن تنفيذه في فرنسا نظراً إلى وجود القذافي في باريس. لكن وضعه كرئيس دولة يعطيه حصانة ديبلوماسية ومن غير المرجح بدرجة كبيرة أن يعمل المدعون الفرنسيون في الدعوى. وقال كانتيه ان الدعوى ذكرت أيضا أسماء خمسة من أعضاء قوات الأمن الليبية وطبيباً ليبياً قال موكله انه عذبه. وأكد نجل القذافي سيف الاسلام في آب ان المسعفين الطبيين الاجانب اعترفوا تحت التعذيب. وقال لقناة"الجزيرة":"كان هناك تعذيب بالكهرباء... وكان هناك تهديد بالاعتداء على عائلاتهم".