غيب الموت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب اليمني عن عمر يناهز ال73 عاماً، بعد معاناة مع المرض استمرت شهوراً، خضع خلالها للعلاج في عدد من المستشفيات في لندن وجنيف وجدةوالرياض. وأعلنت رئاسة الجمهورية اليمنية في بيان الحداد 3 أيام. وكان الوضع الصحي للشيخ الأحمر محل قلق شعبي وحكومي واسع في اليمن، خصوصاً بعد عودته من لندن الى الرياض، قبل اسبوعين نظراً الى المكانة المرموقة التي يتمتع بها على الصعيدين المحلي والخارجي، إضافة الى الأدوار السياسية والاجتماعية والوطنية البارزة التي لعبها وحملت بصماته الواضحة في تاريخ اليمن المعاصر. وتميزت مواقفه بالثبات والوضوح منذ بدأ حياته العملية زعيماً لقبيلة حاشد بعد إعدام والده وعمه على يد النظام الإمامي، قبل الثورة في شمال اليمن عام 1962، مروراً بدوره في الحركة الوطنية التي مهدت للثورة حيث كان أحد أبرز رموزها، وفي مقدم طلائع الدفاع عنها في مختلف المناطق ومواقع المواجهات مع بقايا النظام الإمامي. وبعدها رأس المجلس الوطني الذي وضع الدستور، ثم المجلس الاستشاري عام 1970، وهو أول برلمان في عهد الجمهورية اليمنية آنذاك. كما رأس مجلس النواب البرلمان منذ عام 1993 لثلاث دورات وحتى وفاته. وتزعم الشيخ الأحمر الحركة الاسلامية الحليفة للرئيس علي عبدالله صالح، منذ بداية توليه سدة الحكم عام 1978. وكان أبرز مؤسسي الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام في الشمال عام 1982. حيث كانت الحزبية محرمة دستورياً، وبعد الوحدة تزعم"التجمع اليمني للاصلاح"الذي ظل حليفاً للرئيس صالح حتى عام 1997. وأصبح"الإصلاح"بعدها في المعارضة، في حين ظلت علاقته بالرئيس قوية وثابتة. الشيخ الأحمر قاد قبائل حاشد لمناهضة الحكم الإمامي منذ كان معتقلاً في سجن حجة عام 1960 حتى قيام الثورة عام 1962 حين انتقل لنصرة الثورة والدفاع عن النظام الجمهوري. ولد الشيخ عبدالله الأحمر سنة 1933 في حصن حبور وتعلم في الكتَّاب وهو التعليم الوحيد آنذاك. سجن في عهد الإمام بعد أن أُعدم والده الشيخ حسين الأحمر وعمه الشيخ حميد الأحمر، ومكث في السجن سنوات قبل ثورة 1962. ساند الثورة وخاض مع قبيلته حاشد معارك عنيفة مع قوات الإمام المخلوع محمد البدر. تولى منصب وزير الداخلية في 3 حكومات بعد الثورة بين عامي 1964-1966. انخرط بعد ذلك في العمل البرلماني طوال أربعة عقود من حياته، إذ انتخب رئيساً لمجلس الشورى عام 1970 حتى 1975. وعندما وافق على انتقال السلطة سلمياً إلى المؤسسة العسكرية في 13 حزيران يونيو 1994 في ما عٌرف بالحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي. وفي عام 1979 عيّن عضواً في المجلس الاستشاري وعضواً في اللجنة العامة المكتب السياسي لحرب"المؤتمر الشعبي العام"منذ تأسيسه عام 1982 حتى عام 1990 عند تحقيق الوحدة، وكان أبرز المساندين للرئيس صالح في تحقيقها وفي الدفاع عنها في حرب الانفصال صيف 1994. تم اختيار الشيخ الأحمر رئيساً لتجمع الإصلاح في أول مؤتمر عام للتجمع عام 1994، وكان انتخب رئيساً لمجلس النواب في 15 ايار مايو 1993 بعد أول انتخابات نيابية تعددية بعد الوحدة، واعيد انتخابه في 18 ايار 1997 للمرة الثانية وفي 10 ايار 2003 للمرة الثالثة. للشيخ عبدالله الأحمر عدد غير معروف من الأبناء بينهم الابن الأكبر صادقي ورجل الأعمال حميد وحسين وحمير وحاشد وبكيل ومذحج وهاشم وقحطان. ولأكثر من 45 عاماً لم يغب الشيخ الأحمر عن المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن. عمل خلال أكثر من 35 عاماً على تطوير علاقة اليمن بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، ومثّل اليمن في كثير من المؤتمرات والمناسبات العربية والاقليمية والدولية، وتمتع بعلاقات واسعة مع الزعماء في الدول العربية ومختلف دول العالم وحظي باحترام الجميع نظراً إلى مواقفه وصراحته ومكانته الرفيعة في اليمن اجتماعياً وسياسياً وشعبياً. ونعت كل المنظمات والفعاليات والأحزاب في اليمن الشيخ الأحمر أمس، واعتبرت وفاته خسارة، وسيوارى جثمانه الثرى غداً في صنعاء.