ألقى قتل مسلحين يُشتبه في أنهم "سلفيون" سياحاً فرنسيين في موريتانيا، الإثنين، الضوء على جهود تنظيم"القاعدة"للتمدد في بلدان المغرب العربي وضرب المصالح الغربية هناك. وعلى رغم ان"القاعدة"لم تتبن بعد الاعتداء على الفرنسيين في الاك 250 كلم شرق نواكشوط، وهو الحادث الذي أسفر عن مقتل أربعة وجرح خامس، إلا أن التحقيقات تركّزت على ناشطيها خصوصاً بعدما تبيّن أن بعض المشتبه في تورطهم في الجريمة معروف لدى أجهزة الأمن بعلاقته ب"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"الجزائرية التي غيّرت اسمها مطلع العام الجاري الى"القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". وأوقفت السلطات الموريتانية حتى الآن خمسة أشخاص على ذمة التحقيق. وقال مكتب الادعاء في بيان ان اثنين من بين ثلاثة مطلوبين في الجريمة هما"شابان موريتانيان يشتبه في انتمائهما الى جمعيات سلفية متشددة". ونقلت وكالة"رويترز"عن الشرطة الموريتانية ان الثلاثة المشتبه فيهم فروا في اتجاه الجنوب إلى بوج وهي بلدة على نهر السنغال على الحدود الجنوبية لموريتانيا مع السنغال. وتجري قوات الأمن السنغالية والموريتانية عمليات تفتيش على جانبي الحدود. ونصب ثلاثة رجال معممين مكمناً للسياح الفرنسيين في الصحراء الموريتانية عشية عيد الميلاد وقتلوا شقيقين وعمهما وصديقاً للأسرة في حين أصيب رب العائلة 73 برصاصة في ساقه ونُقل الى السنغال للعلاج. وتراجعت أجهزة الأمن فوراً عن النظرية التي أطلقتها فور وقوع الجريمة في خصوص أن مرتكبيها"لصوص"، بعدما بيّنت خطوط التحقيق الأولية أن بعض المشتبه فيهم"متشددون"وأن واحداً منهم على الأقل كان موقوفاً في السابق للاشتباه في علاقته ب"الجماعة السلفية"الجزائرية. ويشتبه في ان هذا الشخص وفّر للمهاجمين السيارة التي استقلوها لدى فرارهم في اتجاه الحدود السنغالية. ودق الهجوم على الفرنسيين"ناقوس الخطر"لدى منظمي رالي باريس - دكار الذي يبدأ بعد أيام، علماً أن المنظمين ألغوا في سنوات سابقة مراحل منه خشية تنفيذ"الجماعة السلفية"هجمات في الصحراء ضد المشاركين. ويُعتبر قتل الفرنسيين أول اعتداء يستهدف غربيين في هذه الدولة الإسلامية، وهو جاء بعد شهور قليلة من دعوة الرجل الثاني في"القاعدة"الدكتور أيمن الظواهري الى تصعيد الهجمات ضد الغربيين خصوصاً الفرنسيين والإسبان في بلدان المغرب العربي. وليس واضحاً إن كان قتل الفرنسيين الأربعة يأتي في إطار استجابة نداء الظواهري. والهجوم ضد الفرنسيين هو الأول من نوعه الذي يُشتبه في أن"القاعدة"ضالعة فيه في موريتانيا، لكنه ليس العملية الأولى لهذا التنظيم في هذه الدولة. إذ شن مسلحون من"الجماعة السلفية"، قبل تحويل اسمها الى"القاعدة"في 2007، هجوماً قاده"أمير"المنطقة الصحراوية مختار بالعباس المعروف ب"الأعور"ضد ثكنة لمغيطي للجيش الموريتاني وقتلوا عشرات الجنود في صيف 2005. ومعروف ان مجموعة"الأعور"تنشط بقوة على طول الحدود بين موريتانياوالسنغالوالجزائر ومالي حيث تنشط أيضاً شبكات تهريب البضائع والممنوعات. وشن الفرع المغاربي ل"القاعدة"هجمات عدة طوال هذه السنة في الجزائر، لكن لم تُسجّل عمليات مرتبطة به مباشرة في بقية الدول المغاربية. إذ أن عمليات التفجير التي قام بها"انتحاريون"في الدار البيضاء المغربية في ربيع 2007 بقيت في الإطار المحلي ولم يظهر ان القائمين بها لديهم صلة مباشرة ب"القاعدة"في الجزائر، على رغم ان أجهزة الأمن المغربية والجزائرية اعتقلت في السابق عدداً من الأشخاص الذين تدربوا في معسكرات"الجماعة السلفية"في الجزائر. وفي تونس، قتلت أجهزة الأمن مطلع هذه السنة مجموعة من المسلحين الإسلاميين الذين أفيد بأن بعضهم تلقى أيضاً تدريبات لدى"الجماعة السلفية"في الجزائر. أما في ليبيا، فقد أُعلن في أيلول سبتمبر الماضي انضمام"الجماعة الإسلامية المقاتلة"الى صفوف"القاعدة"، لتكون بذلك ثاني تنظيم"جهادي"مغاربي ينضم رسمياً اليها بعد"الجماعة السلفية"في الجزائر.