يدل شغور سدة الرئاسة في لبنان الى أن مصالح الدول النافذة فيه متناقضة الى حد بعيد، حتى بدا وكأن هناك اتفاقاً سلبياً أو غير منسق بينها على وصول لبنان الى لعبة الفراغ. تلك الدول وجدت في الساحة اللبنانية أرضاً خصبة لمدّ نفوذها وترعرعه بين طوائفه المتعددة التي أفرزت أحزاباً وتيارات وتكتلات وجماعات لها مشارب ومذاهب ونزعات وأهواء مختلفة لا يكاد يجمع بينها في نهاية المطاف الا نقطة اللقاء على الوطن وضرورة العيش المشترك. هذه التركيبة اللبنانية الفريدة أنتجت نظاماً سياسياً وإدارياً معقداً تقاسمت الطوائف سلطاته محاصصة وفق تسوية دقيقة، لذلك فإن هذا النظام بتركيبته المعقدة يصبح سريع العطب اذا ما عبثت به أيد خارجية، وما تدافع المساعي الأوروبية والعربية وهيئة الأممالمتحدة إلاّ لمنع الانهيار. اللعبة السياسية في لبنان ليست لعبة على الورق أو على شاشة الكومبيوتر، فالمشكلة السياسية هي انعكاس لضغوط شديدة على أرض الواقع، اذ ان المشاكل الاقتصادية والاجتماعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمشكلة السياسية، وفي ضوء هذه الحقيقة، فإن رؤية الجنرال ميشال عون بأن لا مشكلة اذا بقيت سدة الرئاسة فارغة لمدة شهر أو سنة، وأن البلد لن يخرب أكثر مما هو خارب الآن بوجود مثل هذه الحكومة، لا تخلو من المجازفة لأن عناصر هذه المشكلات الثلاث اذا تفاعلت مع بعضها بعضاً مع مرور الزمن قد تولد خراباً أخطر مما هو عليه الآن. بسام عبدالسلام حمودة - لبنان